الفصل الثالث عشر

41 23 1
                                    

صلوا على أشرف المرسلين

تصوبت + رأي
قراءة ممتعة
************************

وسط زحام الأوراق وهمسات الأقلام، أيقظ رنين الهاتف غرام من غمرة التزامها؛ وبنبرة تغلبها آثار الإعياء، ردت قائلة:
"أهلاً أخي."

وبصوت يحتوي إيقاعاً من الأخبار المُفاجِئة أخبرها أنس:
"كنان قد عاد والآن هو في منزل أهلك."

تلقت الخبر وإذ بها تتذوق القلق، تبتلع ريقها بثقل:
"كنان؟"

أنس مؤكداً وبلهجة يسودها الاحتياط:
"نعم. وهو ينتظر حضورك. ونصحتك والدتك أن تتأني في العودة إلى أن ألقاه وتستقر الأمور."

ردت غرام في حذر والتوتر يكسو كلماتها:
"حسناً، حسناً... سأطيل وقتي في العمل. اتصل بي لاحقاً وأطلعني على المستجدات."

يغلق المكالمة، بينما ظلت غرام ثابتة في مكانها، متجمدة الفكر، غارقة في بحر التأملات. كانت هي التي ألفت دلال كنان وحمايته؛ نعم، لكنها تدرك علم اليقين أنه عند الزلة يتحول إلى رجل آخر، يكشر عن أنياب الغضب في حين تصبح عواقبها غير مألوفة.

فهي تعلم أن اللحظة التي تجمعها بكنان لا مفر منها، وكل دقة قلب تشي بما سيُكشف عنه المستور، بعد دقائق أو ساعات.

*****

كان الجمع العائلي في تلك الليلة يشع بدفء مشاعر تبث الروح في أركان المكان. أنس وكنان، اللذان يتشاركان أكثر من صلة الأخوة، صلة الروح ومودة الطريق، اتحدا في لمة اخوية فاجأت القلوب قبل الأعين. تغمر المجلس نسمات الألفة والمحبة، وبحضور ياسمين كانت الأفراح تزداد توهجاً، تلك الأفراح التي أشرقت على وجوه الجميع.

ولكن ياسمين،التي أقبلت متحمسة لمشاركة الأحبة هذا التجمع، وبخاصة لرؤية سيرين الغالية على قلبها، اكتست ملامحها بنوع من الضجر لمجرد رؤية أنس. تغير وجهها إلى لون الشحوب وجلستها فقدت الراحة، لكنها تزينت بالصبر قليلاً من أجل سيرين وكنان ومن أجل لقاء العائلة بالطفل غيث.

أما أنس فقلبه انشرح بمجرد أن استقرت عيناه على ياسمين. رغم تغير هيئتها وظهور علائم النحول عليها، شعر بنغصة في قلبه، سكاكين الأسى أصابت صدره ولم يجرؤ يوماً على مفاتحتها.

كنان بنبرة هادئة موجهاً حديثه لياسمين:
"غيث الصغير أخذ من جمالك الآسر، وأخذ من شغب أنس."

ابتسمت ياسمين رغم الظلال التي سكنت عيناها مجيبة:
"أما ابنتُك فقد نسجت من أخلاقك وشخصيتك، ولكن لوجهها بريق يعكس جمال أمها."

فاستطالت ابتسامتا سيرين وكنان. وكان الوقت يمضي بهدوء، لكن ياسمين قد شعرت بأن الساعات تتسارع حولها. وبينما الضحكات ملأت الفضاء، نهضت بأمومة لا متناهية تحمل طفلها الصغير وعلى شفتيها ارتسمت ابتسامة خفيفة قائلة:

غرام وانتقام عربيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن