صلوا على أشرف المرسلين
تصوبت + رأي
قراءة ممتعة
************************كانت غرام تجلس خلف مكتبها في شتات من التوتر، تطرق بأناملها على سطحه البارد، فأفكارها تدور في مهرجان من القلق. الغموض يعم حول ما يمكن أن يحدث لدى عودتها إلى منزل تشترك فيه مع كنان، ذلك الشخص الذي يمكن أن يتحول في ثانية من الهدوء إلى عاصفة غضب. لقد كان دائماً بحراً من الغموض مظلم المياه؛ تارة تتوقع منه ردة فعل فيفاجئها بنقيضها، وتارة أخرى تأمل منه الرأفة فيجتاحها بعاصفة عتاب. هذه اللامتوقعية تجعلها تخشاه؛ فهو وحده من يستطيع إثارة مخاوفها.
أما غزل، زميلتها التي تجلس في الزاوية المقابلة، فقد كانت ترصد التوتر الذي يسكن تقاطيع وجه غرام بعيونٍ تتوهج بخبثٍ وتهكمٍ يتراءى على محياها مع كل ابتسامة تستقر على شفتيها. لتقطع الهدوء بصوت كانت تنتوي به قلب موازين الراحة والاضطراب:
"مابكِ يا غرام؟"
فما كان من غرام إلا أن تنفض عنها غبار شرودها لترد بصوت محمل بنبرة جليدية:
"لا شيء، ركزي في عملك"لكن غزل لم ترغب في التوقف، فواصلت تدق أبواب الإزعاج بقولها:
"ألاحظ عليكِ علامات التوتر الغريبة."ومع امتعاض ملحوظ، أجابت غرام في تحذير صارم:
"أخبرتكِ لا شيء. لا تحشري أنفك فيما لا يعنيكِ وانشغلي بمهامك."ومع كل ابتسامة ماكرة تزين وجه غزل، كانت تطلق سهام تحديها بلا توقف، وأردفت غرام بنبرة المديرة التي لا تقبل الجدل:
"يبدو أنك نسيتِ... أنا هنا مديرتك، في موقع لا يجب أن تتطاولي عليه. انتبهي إلى شؤونك، وحافظي على مسافة الاحترام."نهضت غزل بخطوات هادئة وواثقة والابتسامة الخبيثة لا تفارق وجهها، وفي يدها فنجان قهوتها الذي تناولته من سطح المكتب. اقتربت من مكتب غرام متكئة بهمة لتسأل بخفوت داعبت به هدوء غرام المزيف:
"كيف حال عربي معكِ؟"نظرت غرام بعمق نحوها لترفع حاجباً في تعجب:
"وأي علاقة تربطك أنتِ بعربي؟"ظلت غزل صامتة، تترك ابتسامتها تحكي ما تخفيه الكلمات، لتردف غرام بنبرة مشبعة بالتهكم:
"أها، الآن أدركتُ، أتعتبرينه الرفيق المثالي بعد أن كنتِ قائلة بأن قلبك لم يعد للحب موطناً إثر علاقة فاشلة قوبلت بالرفض"استطاعت غرام إثارة غزل فوثبت الأخيرة نحو الباب تغلقه بصرامة، لتقول غزل بحزم لا يتعارض مع رقتها الواضحة:
"ربما نسيت أن تلك العلاقة التي أفلت شمسها كان بسبب أفعى سامة مميتة أسمها غرام. أم أن ذاكرتكِ خذلتكِ؟"بثقة مطلقة ويقين لا يتزلزل، ابتسمت غرام بهدوء البحر في لحظات صفائه:
"وما جريرتي إن كانت غزل لا تقدر نفسها حق قدرها، فلم تعمل على ملء فراغ قلبه؟"
أنت تقرأ
غرام وانتقام عربي
Romanceكان وجهه يشتعل بالغضب والعينان تنبعثان بالحقد، صدره يتراقص بشدة، كما لو كان يحمل داخله بركاناً جاهلاً بكيفية التحكم به. رسم خطوطاً ملتوية على وجهه، وشفتاه الملتهبتان تتحركان بشكل متوتر، متسببتان في تطاير شرارات الغضب من حوله. ترك ذلك المكان متسلحاً...