صلوا على أشرف المرسلين
تصوبت + رأي
قراءة ممتعة
************************مرّ يومان غلّفهما الحزن، حيث تساقطت الدموع من عيون مليكة، واستولى الأسى على قلبها. تلك اللحظة التي شهدت فيه عربي على ما يبدو ينقض وعده، فبدت لها الأمور كأنه يعطي مودة لأخرى، يغمرها بعاطفة لم تخصص لها هي، مما أثار في نفسها شكوكاً حول صدق مشاعره.
حينها كانت واقفة بثبات ولكن غصت في تأمل الموقف وهي صامتة، بينما كان عربي يتناول شعره بتوتر، وكأنه يحاول ترتيب أفكاره. على عتبة زمن جديد، برقت الدموع في عينيها للحظة قبل أن تغادر، تاركة أثراً من اللوعة والأسئلة لتحملها.
عربي لم ييأس، فطوفان الرسائل والدعوات نُقش على شاشة هاتفها. وعلى الرغم من ألمها استمعت لمكالماته، حيث حاول بـ همة أن يوضح لها الأمور، يفسر الموقف بحجج لا تصل إلى يقين، تجاهلتها مليكة متمسكة بقرارها بعدم الحديث. برفضها لزيارته عبّرت عن مدى إحباطها، وفي صمتها وجدت عربي يتفحص مشاعره ويقيّم حقيقة عاطفتها بالنسبة له.
****
في أحضان منزل أنس، حيث الوحدة تتخذ مجلسها، جلست ياسمين مسجونة في زنزانة أحزانها. لا يسكن محياها سوى ظلال الكآبة ترسم خطوطها العميقة. ذاكرتها تستعرض شريط المشاجرة العنيفة التي نشبت بينها وبين زوجها، اتهمها واتهمته، الكلام الملتهب يتطاير كشرر، حيث تصادم الانتماء الدموي مع الود القديم في حجرة واحدة. نور في قلب المعمعة وغضب أنس يلقي عليها بظلال الوصمة والتهمة. تعبيراتها لم تتوانى في الدفاع المستميت لشرف شقيقتها، بركان العتاب يتفجر من الحلق، ولكن في النهاية أنس يتنازل عن الساحة ويعلن انسحابه الصاخب.
الصمت يعمّ المكان، ولكن سرعان ما يتلقفها لهيب جديد، طلاق غرام يشعل النار في الواقع المنهار. الجفاء بين ياسمين وأنس يزداد جلياً، تلاقيهما يندر وحديثهما يصبح كظل الغيم هناك ولكن لا يلمس الأرض.
من دواخل دوامة أفكارها، يأتيها صدى اتصال يفيقها، صوت سيرين يتخلل الهواء بنبرة قلقة:
"ربما عودتنا قريبة. كنان يكاد يغلي بغضبه، وأنا عاجزة أمام عزمه."تتنفس ياسمين عميقاً ويأتي ردها مشبعاً بالسخرية وقدر غير يسير من اليأس:
"الآن نبدأ سيرين، الآن تبدأ البلوى الحقيقية. ما مررنا به لن يكون إلا حكاية قبل النوم أمام الذي ينتظرنا."أنفاسهما المتعبة تتصاعد، مختلطة بضباب الخوف الذي وجد طريقه إلى صدريهما، يتسع ويتربع مستولياً على الرئتين.
*****
بين أحضان الظلام، حيث يتوسد الوحشة، انطوى عربي في زاوية فراشه البارد. يُكابد في ليلته الطويلة، وهو يعيش ثانية تلك الذكريات حين اقترب من غرام حتى بدا كل شيء حوله يتجمد في مكانه، الزمن يقف صامداً وهو يلمح نظراتها المحتارة.
أنت تقرأ
غرام وانتقام عربي
Romanceكان وجهه يشتعل بالغضب والعينان تنبعثان بالحقد، صدره يتراقص بشدة، كما لو كان يحمل داخله بركاناً جاهلاً بكيفية التحكم به. رسم خطوطاً ملتوية على وجهه، وشفتاه الملتهبتان تتحركان بشكل متوتر، متسببتان في تطاير شرارات الغضب من حوله. ترك ذلك المكان متسلحاً...