غرام وانتقام عربي

الفصل الرابع

صلوا على أشرف المرسلين

تصوبت + رأي
قراءة ممتعة
************************

الشمس تتسلل خجولة من بين ثنايا الستائرفي دبي، وترتسم أشعتها على جدران المنزل الدافئ، حيث الضحكات تتعالى بعفوية من زوايا الغرفة.

يجلس كنان على الأريكة، يتابع بعينين تلمعان ابنته الصغيرة وهي تحاول بناء برج من مكعبات الألوان. تتلعثم أصابعها الصغيرة بين المكعبات، تقع بعضها أرضاً، وتعاود الصغيرة الكرة بإصرار وضحكات.

سيرين من ناحية أخرى، تجلس بجواره، تحمل فنجان قهوتها بيد وتتحسس هاتفها بالأخرى. يخفي وجهها الرقيق قلقاً غير مرئي يشغل بالها بعد الأخبار التي وصلتها عن شقيقها شهاب. في محاولة لإبعاد تلك الأفكار، توجه إليه نظرات ملؤها الحنان وتبتسم.

كنان مع تصنعه لصوت عالي المرح بهدف إضحاك ابنتهما:
"أتعلمين يا صغيرتي، أن برجك هذا يبدو وكأنه ناطحة سحاب مصغرة؟"

تضحك الطفلة (ريم) بفرح طفولي، ويستمر الاثنان بالإبتسام واللعب مع الطفلة، ولكن لحظات الصمت تملأ الغرفة بين الحين والآخر، حيث تتسرب أفكار سيرين للواقع القاسي الذي تتجنب مشاركته مع كنان للوقت الحاضر، آملة في عدم تعكير صفو الأجواء الأسرية بأخبار قد تجلب الحزن.

كنان بحماس:
"ما رأيكِ أن نخطط لمفاجأة لشهاب وعربي وأنس وغرام في زيارتنا القادمة؟ تعرفين كم يحبون المفاجآت."

سيرين مدارية قلقها:
"أجل، سيكون شيئاً جميلاً."

تلك الضحكات التي تُدفئ قلب سيرين، تمنحها القوة لتحمل الأخبار والأحداث، مهما كانت صعوبتها، متشبثة بحبها الكبير لكنان وابنتهما. وتظل القصص التي جمعتهما سراً يزيدهما ترابطاً وحباً، فكل نظرة من سيرين لكنان تروي جزءاً من هذه القصة، قصة حب لا تُنسى بين حكايات العائلة.

كنان، في الرابع والثلاثين من عمره، الأخ الأكبر لـ أنس وغرام، بقامته الطويلة ونظراته الحادة، يحمل بين جنباته شخصية قوية وعصبية، يشعر تحت وطأتها الكل بالاحترام وأحياناً بالتردد قبل الحديث. ومع ذلك، فهو يعتمد على تحليله الدقيق في العمل، مما يجعله قادراً على اتخاذ القرارات المهمة بفعالية. هندسة عمله تنعكس في طريقته المنظمة والدقيقة في الحياة.

سيرين، في التاسعة والعشرين من عمرها، الأخت الصغرى لـ عربي وشهاب، بشعرها الأسود الطويل وعينيها الواسعتين التي تعكس صفاء سماء الليل، تمتلك قلباً يتسع للجميع وصبراً يُحطم الجدران. تعمل كأخصائية نفسية، ما يشهد على قدرتها العظيمة على الاستماع وفهم الأعماق الإنسانية. طبيعتها الهادئة وقدرتها على استيعاب وتفهم طبيعة كنان العصبية، تجعل منها شريكة حياة تكمله وتحتوي تقلبات مزاجه برحابة صدر.

*****

تجلسان نور وغرام وجهاً لوجه في غرفة مليئة بالأشياء التي تحكي عن ماضي معقد. غرام تمسك بفنجان قهوتها، وهي ترتشف منه بتؤدة وتراقب نور بعينيها التي لم يفتر فيهما سوى الصقيع. نور تعبث بأطراف فستانها، وعلى وجهها علامات الاضطراب.