الفصل الثالث والعشرين

632 48 116
                                    








لوقت مُطول سيطر اللاوعي عليه، حتى أفاق بشكلٍ مفاجئ على يد فاطمة التي لم تكف عن هز كتفه بقلق مفرط ... طالعها بعقل مشحون بالأفكار لا يستوعب ما علمه، بينما بدأ يردد بصوت متقطع أبرز تعاسته بقوة : ماما ماتت يا فاطم.

داهمهم سوء جديد. هذا ما صورة العقل لها، وحُفر في ذهنها آن سقوط دموعها حزنًا على هيئته تلك. وجدته يتحرك من موضعه بخطى متلهفة نحو غرفته المجاورة للغرفة المخصصة لها، لتركض من خلفه بتسارع بلا حول لها ولا قوة.

رأته يبدل ملابسه بعشوائية، وهو يجر حزنه من خلفه، ليخرج من الغرفة للصالة، وتتبعه هي بتخبط. خرج صوتها المتحشرج حينها، بينما تقول بتساؤل : أنت بتعمل إيه ؟

: لازم أسافر.
ردد العبارة بضعف جعلها تهوى نحو يديه لتمسك بها بقوة، وتتمتم بتوتر أثر رؤيته بهذا الحال : أنا أنا هاجي معاك.

حاول صقر السيطرة على مشاعره لكن لم يستطع. سقطت دمعة حارة من مقلتيه، وبرز اللون الأحمر في جفنيه على فراقها بعد لقاء أخير تبادلوا فيه الغلظة لا أكثر. وضع يديه على قلبه، وهو يدري أنه لن يكون سهلًا بالمرة ... لن يكون سهلًا عليه خسارتها حتى، وإن لم يعاشرها. تمتم بقوة مبتذلة بدى التخاذل واضحًا فيها، وبشدة : خليكي يا فاطم، مش هترتاحي هناك، هكلمك لما أوصل.

حالة شغب عامة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن