الفصل الثامن عشر

0 0 0
                                    

وقع ذلك الخبر على صادق زلزل كيانه، كيف لعلي أن يسلب منه جميع ما أراد! ابتداءًا من قلب غرام وانتهاءًا بأملاك رياض، كيف فعلها رياض من الأساس وفضلّه عليه مجددًا! حانت منه التفاتة غاضبة إلى غرام وقد ازداد غضبه تجاهها بشدة دون أن تكون قد اذنبت في شيء ما، كانت شاردة وكأن الأمر لا يعنيها، وكأنها لن تلقى في الطرقات بعد أن يحصل علي على كافة أموالهم وممتلكاتهم! نظر صادق إلى شريف ثم قال بغضب :

-اللي انت بتقوله ده لا يمكن يكون حقيقي! ده جنان
-والله يا استاذ صادق دي وصية الحاج رياض الله يرحمه واللي لازم تتنفذ

حرك صادق رأسه نفيًا بعدم تصديق ومازال الرفض من أن يكون علي المنتصر دائمًا يحوم حول رأسه يكاد يفتك به لذلك أمسك بشريف من تلابيب قميصه وقال :

-ده انا هوديك في داهية! علي دفعلك كام عشان تزور الأوراق دي! انطق!

ابعد شريف يد صادق عنه بعنف وقد عقد حاجبيه غاضبًا ثم قال بحدة :

-انا مسمحلكش يا استاذ صادق! لو حضرتك حابب تطعن في الوصية المحكمة قدامك انا بنفذ شغلي مش اكتر، بالإذن

قالها ثم غادر المنزل والغضب بداخله يزداد من ذلك الرجل الأحمق الذي لا يهتم سوى بجمع الأموال! نظرت كاميليا إلى غرام التي مازالت ساكنة كجندي عاد من حربه مهزومًا ليجد أن حتى دياره وعائلته قد تلاشوا، وحيدة وكأنها بمفردها في ذلك الكون الفسيح وعلى الرغم من حالتها المذرية إلا أن كاميليا لم تشعر بالشفقة تجاهها بل كانت تشارك صادق في غضبها منها، وضعت كاميليا يدها فوق كتف صادق فنظر إليها وحينها ابتسمت له بهدوء فغادرا كلاهما واغلقت كاميليا الضوء لتترك غرام في العتمة، عتمة تشبه عتمة قلبها المظلم!
                                   * * *
-بعد مرور عدة أيام -
كان منهمكًا في عمله كعادة كل يوم، وكأنه يريد أن يكف عن التفكير فيرغم عقله على الانشغال في أكثر ما يحب وهو العمل! تناهي إلى مسامعه صوت أحدهم يسأل عنه لذلك أبتعد علي عن السيارة وهو يمسح يده بمنشفة ما ثم قال :

-انا علي بلال خير؟!

تأمله شريف لعدة وهلات قبل أن يمد يده للسلام قائلًا :

-شريف محامي الحاج رياض الله يرحمه
-الله يرحمه!!

قالها علي متعجبًا لكنه وضع كفه في كف شريف يحييه، استرعي حديثهما اهتمام صالح الذي اقترب منهما وقال إلى شريف :

-هو الحاج رياض توفى؟!
-من حوالي أسبوع وانا اتأخرت عبال ما قدرت أوصل للأستاذ علي

تبادل علي وصالح النظرات بعدم فهم لذلك قال علي :

-الله يرحمه ويجعل مأواه الجنة، بس انا مالي بالموضوع ده؟
-استاذ علي ممكن اخد من وقت حضرتك شوية ونتكلم؟!

حرك علي رأسه بتفهم وهو يشير إلى شريف حيث المكتب الخاص بفيروز التي مؤخرًا كانت تتغيب عن العمل لتعتني ببلال وصغيرها بين احشاءها، أقبل ثلاثتهم على المكتب ثم جلسوا فنظر شريف إلى صالح ببعض التردد من أن يتحدث أمامه فإلتقط علي نظراته تلك لذلك ابتسم وقال :

غرام العليّ حيث تعيش القصص. اكتشف الآن