بحثت في أرجاء المكان عنه كالمجذوبة، سمعت بالكارثة التي على وشك الحدوث وكم خشيت أن لا تستطيع لحاقها! في نهاية الأمر وبعد بحثٍ طويل أخيراً اصطدمت بصالح فتنفست الصعداء بينما عقد صالح حاجبيه بتعجب من ملامح وجه مهرة الهلوعة، قالت مهرة على الفور وهي تحاول استرداد أنفاسها الثائر :
-ياصالح في واحد معاه مسد.س وهيخلص على حد النهاردة ويمكن يكون علي!
-انتي عرفتي مين الشخص ده؟حركت مهرة رأسها إجابة بنعم على الفور وقد توقف عقلها عن العمل، عندما يشتد الخوف بقلوبنا يتواري العقل جانبًا رافضًا العمل وكأن الهلع قد استبد به هو الآخر! زفر صالح بضيق ثم قال مسرعًا :
-مهرة احنا لازم ناخد السلا.ح ده منه بأي طريقة.. هتعرفي تعملي كدا؟
ومجددًا حركت رأسها إجابة بنعم وقد عاد عقلها إلى صوابه ومجددًا وبدأت في التفكير فوجود من يساندنا أوقات الخوف يقلل من حدة الموقف، حينها أخبرته مهرة عن الفكرة التي طرأت برأسها فوافق صالح على الفور متمنيًا انتهاء تلك الليلة الكارثية..
* * *
عادت غرام بعدما فرغت من بكائها، سارت بين الجميع كشبح فارق الحياة منذ زمن فلا أحد يشعر به ولا هو يتمنى البقاء برفقة عالم الأحياء ذلك، راقبتها فيروز وهي تعود لتجلس بجانب صادق وكأن شيئًا لم يكن إلا انها لم يخفَ عليها عينيها شديدة الإحمرار التي تشي ببكاء مرير تعجبت فيروز له إلا انها لم تعلق وتركت العنان لحالها حتى تتأمل تلك الفتاة عن قرب، تلك الفتاة التي يعشقها علي بالرغم من الذنب الذي اقترفته في حق حبه، تلك الفتاة التي لم تكفِ السنوات حتى تمحوها من قلبه! افاقت فيروز من شرودها على صوت الموسيقى التي ارتفعت فجأة فنظرت إلى علي الذي بادلها النظرات بتعجب مماثل وحينها ظهرت مهرة فإزداد تعجبهما، انتقلت الأنظار جميعها إلى تلك الراقصة التي قضت على ليلتهم الأنيقة الهادئة إلا أن احدًا لم يعلق، مالت فيروز على علي بعدما أمسكت بذراعه ثم سألت :-مش دي مهرة صاحبتك؟
-ايوا هي
-امال بتعمل ايه هنا؟
-مش عارف .. بس هعرفابتهج قلب غرام للمرة الأولى في تلك الليلة الساحقة وهي ترى مهرة رفيقة الأشهر التي قضتها في منزل علي، ودت لو تنهض وتعانقها ثم تبكي على عمرٍ أفنته في حب رجل يرنو إلى الزواج من أخرى! إلا أن مهرة بدت لا تبصر جميعهم كانت انظارها مصوبة نحو رجل واحد عرفت ملامحه على الفور، ابتسم هو ببلاهة وهو يرى نظراتها إليه ويجهل خطتها التي اتفقت عليها برفقة صالح قبل قليل، اقتربت مهرة منه بعد عدة وهلات فنهض الرجل مبتسمًا يراقصها هو الاخر فتعالت الضحكات من حولهما، مرت الدقائق وهو لايزال يتمايل برفقتها حتى رحلت هي وكأنها سراب وتلاشى، راقب علي رحيلها وعودة الأجواء إلى الهدوء مجددًا لذلك أمسك بكف فيروز ونهض قائلًا :
-تعالي معايا
حركت فيروز رأسها بتفهم ثم سارت تتبعه وكفها الرقيق مازال بين كفه، راقبت غرام رحيلهما للمرة الثانية وشيعت حبها بنظراتها، أرادت أن تلومه وبقوة ولكن بعدما بكت وهدأت تعجبت على ماذا تلومه، الزواج؟ ألم تتزوج هي قبله؟ كيف لها أن تلومه على فعلٍ فعلته هي اولًا! تألم قلبها واحترق وكأن جمرة مشتعله وضعت فوقه للتو، تزوجت هي مرغمة فما دافع علي للزواج سوى الحب! وضعت غرام يدها فوق قلبها عندما لاح ذلك الخاطر بعقلها، هل نال الحب منه مجددًا؟! هل أحب تلك الحسناء ونسيها! نقلت غرام بصرها إلى حيث تلاشى علي برفقة محبوبته، نظرت إلى حيث مثوى حبهما الأخير!
* * *
اصطحبت مهرة علي وفيروز إلى تلك الغرفة التي خُصصت لها هي وصالح قبل قليل، كان صالح بإنتظارهم بالداخل فتعجب علي لرؤيته بينما جلست فيروز تشعل سيجارتها لتراقب الموقف في صمت، قال علي مستفهمًا :