الفصل السابع

0 0 0
                                    


الذكريات كالشبح القا.تل تطاردنا أينما كنا ومهما حاولنا الاختباء، تأتي برفقة الشعور بالذنب والندم على ما فات وكان فتصيبنا بحالة من الشرود، الشرود الذي يبتلعنا كدوامة معتمة قاتلة! راقب علي رياض وقد لاذ بصمته وشروده قليلًا في ماضيه وذكرياته ولكن سرعان ما خرج رياض عن صمته أخيراً وتنهد ناظرًا إلى علي ثم قال ونبرة الندم لا تبارح صوته :

-اسمع ياعلي، محدش معصوم من الخطأ وانا بعترف اني غلطت ولحد النهاردة بدفع تمن غلطتي!

إزداد انتباه علي لرياض فإصغى إليه جيدًا بينما تنهد رياض مجددًا وكأن غبار الذكريات يجثم فوق صدره يمنعه حتى من التنفس بسهولة لكنه عاد يتابع حديثه مجددًا قائلًا :

-رضوان منير ده كان صديقي زمان، وشريكي كمان بس مش شريكي في المركز ده إنما شريكي في تجارة الآثار

اتسعت عينيّ علي بدهشة حقيقية لذلك ازدرد رياض ريقه وقد نظر إليه والندم يكتسي ملامح وجهه ولكنه شعر ببعض الراحة عندما لم يجد بعينيّ علي اتهام لذلك تابع :

-لسنين كنا بنشتغل مع بعض لغاية ما في مرة اختلفنا وبعترف اني غلطت لما احتفظت بالبضاعة لنفسي، تمثال يساوي ملايين، رضوان اتجنن ومهما حاول معرفش يوصل للتمثال ده عشان كدا قرر ينتقم مني بأبشع طريقة ممكنة

تنهد من جديد حتى بات علي متأكدًا من أن الحديث يثقله! تابع رياض تلك المرة بنبرة حملت من الحزن أكثر من الندم :

-وراحت مراتي ضحية للإنتقام ده
-قتـ.لها؟!

قالها علي وقد ظهرت ملامح الدهشة جلية على وجهه بعدما اتسعت عيناه في عدم تصديق، حرك رياض رأسه مجيبًا بنعم وطيف الذكريات يحوم حوله، يسخر منه، هل كان الأمر يستحق؟! رفع رأسه مجددًا إلى علي ثم قال :

-الكلام ده كان من حوالي خمس سنين وساعتها انا توبت ومرجعتش للشغل ده تاني أبدًا، بس رضوان من ساعتها وهو بيفكر ازاي ينتقم مني تاني لإنه مكتفاش وظهوره دلوقتي في حياتي من تاني مش مؤشر خير أبدًا
-والتمثال ده لسه معاك؟!

حرك رياض رأسه إجابة بنعم ببعض التردد فقال علي :

-طب ما تديهوله وننهي الحكاية على كدا!

اشتعلت عينيّ رياض حينها بوهج غريب وكأن الندم والحزن تلاشا منهما ثم قال رياض بحدة غير مقصودة :

-اديهوله؟! وانا مين يرجعلي مراتي اللي راحت بسببه؟! مستحيل يا علي، انا اضحي بحياتي ولا إن التمثال ده يضيع من أيدي!

التزم علي الصمت يطالعه فوجد بعينيه نظرات عميقة، لم يستطع علي أن يصل إلى عمقها مهما حاول لذلك التزم الصمت محاولًا فهم ذلك التناقض الغريب بملامح رياض، لكنه لم يكن يومًا قاضيًا ليصدر الأحكام، جميعنا نخطئ لا شك فمن هو ليحاكمه على ذنبٍ قديم؟! تنهد رياض للمرة الأخيرة ثم نظر إلى علي وقال :

غرام العليّ حيث تعيش القصص. اكتشف الآن