(الفصل الرابع)
جلسوا على المقاعد في حديقة المنزل، لتسألها حياة بفضول:
-حوار إيه بقا؟
-بصي.. باين عليكي كدا طيبة ومالكيش في الخُبث ولا اللف والدوران، فعشان كدا عايزة أحذرك من حاجه.
عقدت حياة حاجبيها ثم سألتها:
-حاجة إيه؟
نظرت أشرقت في الأرجاء تتأكد من أن لا أحد يسمعهم، ثم تحدّثت:
-الحرباية اللي اسمها عفاف، وبنتها جميلة.. عفاف طول عمرها عايزة جوزها اللي يتولى الشغل والشركات بتاعت العيلة، ولما جدو كان بيرفض علشان عمو مكنش مهتم بالشغل بتاع الشركات، ولقت إن جدو مسّك باسل كل حاجة عشانه قد المسؤولية وشخص يُعتمد عليه، قررت تجوزه جميلة، وجميلة أصلاً بتحب باسل من وهما صغيرين، بس هو دايمًا يقولها أنتِ أختِ، ولما باسل حب مي في الجامعة واتجوزوا، جميلة وامها اتجننوا، وبقوا بيعملوا بينهم مشاكل كتير أوي علشان يسيبوا بعض، لحد ما مي عملت حادثة وماتت، ومن وقتها وجميلة وامها رجعوا يحاولوا تاني يوقعوا باسل، وباسل طبعًا من بعد موت مي وهو البنات كلهم في نظروا إختفوا، ف من بعد ظهورك هنا، وإعلان باسل إنكم هتتجوزوا، ف جميلة وأمها مختفيين، وانا شاكة كدا والعلم لله إنهم بيدبروا لحاجة كبيرة أوي علشان يمشوكي، وقلبي مش مرتحالهم، عشان كدا انا بحذّرك! وبقولك خدي بالك من نفسك!
فابتسمت حياة وجاوبتها:
-أنتِ لطيفة أوي يا أشرقت! وبجد انا ممتنة إنك بتحكيلي كل دا عشان آخد بالي، بس اللي قدامك دي مشافتش قليل! انا ياما اتبهدلت واتعذبت في الملجأ، فمهما يعملوا مفيش حاجه هتأثر فيا!
تأثرت أشرقت من حديث حياة، ثم احتضنتها:
-انا معرفش إيه نوع البهدلة والتعذيب اللي شوفتيها، بس كون بس إنك تتربي بعيد عن أهلك، دا تعذيب لوحده.. بس دلوقتي خلاص إحنا أهلك وأنتِ بقيتي واحدة مننا!
ظلت تستمع حياة لحديث أشرقت ثم شدت على عناقها واحتضنتها أكثر.***
في اليوم التالي كان الجميع مجتمع لتناول الفطور، أما حياة فمازالت نائمة، فكان نادر جالس لا يريد الأكل، فقررت جميلة أن تعيش دور اللطيفة، وتقدمت نحو نادر:
-حبيبي.. إيه رأيك تاكل الحتة دي من إيد طنط جميلة؟
نظر لها نادر بضجر ثم بعد يدها بعيدًا بقوة، فهو كان يعلم نواياها جيدًا، على الرغم من إنه طفل، ولكنه كان يلاحظ بإنها تعامله بلطافه فقط في وجود باسل، أما من وراؤه فهي تعامل نادر بقسوة.
وقفت مودة متجهه نحو الأعلى:
-أنا هطلع أنادي لحياة، يمكن يرضى ياكل من إيدها.
ولكنها قبل أن تطلع لمناداتها، نزلت حياة وهي تستند على سور الدرج، بسبب قدمها، كانت ترفع شعرها للأعلى تاركة بعض الخصلات ينسدلوا على وجهها، بالرغم من عدم وضعها لأي مكياج ولكنها كانت ملامحها ناعمة، وجميلة، فابتسمت وهي تجلس بجانب نادر وباسل:
-صباح الخير.
أردف إليها الجميع ثم تحدّثت مودة وهي تعاود الجلوس:
-شوفي البيه نادر ياحياة، مش راضي ياكل، شكله كدا خلاص مش هيرضى ياكل تاني إلا من إيدك!
ضحكت حياة ثم أجلست نادر على قدميها، وبدأت بالتحدث والهزار معه، ومن أول محاولة، تناول منها الطعام، وكانت ثرية سعيدة جدًا بتطور حفيدها هذا، ومن معاملة حياة له، أما باسل فغصب عنه ارتسمت ابتسامة خفيفة على ثغره من المشهد الذي يراه، بعد عدة دقائق، دخل من بوابة المنزل إياد:
-صباح الخير، حماتي المستقبلية بتعشقني شكلها.
ليضحك الجميع ثم تجاوبه أشرقت:
-زير النساء وصل، حماتك؟ قصدك حمواتك، يابني دا أنت اللي هتفكر تتجوز واحد بتاع بنات زيك تبقا أمها داعية عليها.
ليبعثر إياد شعر أشرقت بمزاح:
-نقطينا بسُكاتك ياختي.
كانت تشاهدهم مودة وهم يمزحون، بابتسامة على ثغرها، فهي منذ أن كان يأتي إياد أيام الجامعه ليذاكر مع باسل، وهي واقعة بحبهُ، ولكنها تعلم بأنه زير نساء، وغير مهتم بها، فدفنت هذه المشاعر بجوفها طويلاً.
ليلقي إياد نظرة على حياة، ليبتسم وهو يرحب بها:
-أهلاً بيكي يامرات أخويا !
ضحكت حياة على خفة دمه ثم جاوبته:
-أهلاً بيك !
لتتحدث أشرقت تعرفهم ببعضهم البعض:
-دا بقا ياستي إياد، عشرة عمر باسل، وطول عمرهم سوا سوا، يعني يعتبر واحد من العيلة.
ليسأل باسل بجدية:
-مبتجيش تاخدني من البيت غير لما يكون في مصيبة، خير في إيه؟
لينظر إليه إياد وفمه مليء بالطعام:
-ياعم لا قدر الله مصيبة إيه؟ الموضوع بسيط.
تنهد باسل وهو يسأله:
-وإيه ياترى الموضوع؟
ابتلع إياد الطعام وهو يجاوبه:
-فاكر تصاميم الفساتين اللي كانت هتتطرح في الصيف؟
-مالها؟
رمش إياد عدة رمشات قبل أن يردف إليه بتوتر:
-اتسربت! وفيه شركة تانيه صممتها وطرحتها في السوق.
فتح باسل فمه بصدمه وهو يتمتم:
-يالوز اللوز!
ضحك الجميع على جملته، بينما هو يقف مستعد للرحيل:
-طب يلا قدامي، وعرّف كل اللي في الشركة إن فيه إجتماع مفاجئ، جمعهم لي كلهم.
أومأ له إياد وهو مازال يتناول الطعام، ليمسك به باسل من ياقة قميصه:
-يلا، أنت لسه هتقعد تكمل أكل.
-ياعم إستنى، كان في حتة لانشون هموت عليها.ظل الجميع يضحكون على حديثهم وينظرون إليهم وهُم يغادرون
***
في الشركة وصلوا إياد و باسل ودخلوا إلى الإجتماع، ليضرب باسل الطاولة بيده:
-إيه الكلام اللي إياد بيقوله دا؟ إزاي حاجه مهمة زي دي وتخص الشركة تتسرب لشركة تانيه ويسبقونا بخطوة؟ إزاي سمحتوا لدا يحصل من الأساس!ليتحدث أحد الجالسين بتوتر:
-إحنا أسفين يا أستاذ باسل، هو أكيد في خاين في الشركة سرب الديزاينز دي، وأكيد هنوصل له، وهياخد عقابه.
ليسحب باسل مقعد ويجلس في مقدمة الطاولة:
-انا مش هستنى لما نعرف مين الخاين ونديله عقابه.. إياد؟ كلم المحامي وعرفه باللي حصل وخليه يرفع قضيه على الشركة اللي سرقت الديزاينز وابعتله ملفات الديزاينز بالتواريخ علشان يبقا دليل إن الشغل دا يخصنا! وانتوا! أي شغل من هنا ورايح يخص الشركة يتحافظ عليه فاهمين ولا لأ!-تمام!
أنهى إياد كلمته وغادر، ليتحدث باسل بنبرة صارمة:
-اتفضلوا، كل واحد على شغله.
غادر الجميع وتركوه في غرفة الإجتماعات، مازال يشعر بغضب شديد أثر تلك الموضوع، فهو يكره تمامًا عندما يسبقه شخص بخطوة.غادر باسل الشركة متجهًا نحو الملجأ ليخلص إجراءات حياة، عند دخوله عند المديرة وجدها سيدة بملامح جادّة وشخصية حادّة، فجلس أمامها على المقعد واضعًا سترة بدلته على ظهر المقعد:
-انا جاي أخلص إجراءات خروج حياة من هنا.
-بصفتك إيه؟
-بصفتي جوزها المستقبلي.
لتضحك نعمة بسخرية وهي تجاوبه:
-وهو في واحدة على وشك الجواز، تهرب كدا من الملجأ اللي رباها وكبرها؟ مش من الأصول تخرج بالطريقة القانونية!
ليبتسم باسل وهو يجاوبها:
-واديني جاي بقولك عايز أخلص الإجراءات بطريقة قانونية! وياريت بسرعة علشان مش فاضي.
رمقته نعمة بنظرة غاضبة، ثم وضعت أمامه بعض الأوراق ليوقع عليها، كان في طريقه للمغادرة، ثم أوقفته سيدة، تلك السيدة التي ساعدت حياة على الهرب:
-ازي حضرتك، هي حياة كويسة؟
عقد باسل حاجبيه وهو يسألها:
-ايوا كويسة.. بس مين حضرتك؟
-انا اللي ساعدتها تهرب من المخروبة دي.. انا شغالة هنا.. وآخر مرة شوفتها كانت المفترية مديرة الملجأ حابساها تعاقبها في زنزانة علشان كانت بتحاول تهرب، بس البنت معاها حق برضو، كل يوم ضرب وتعذيب وإهانة وقلة قيمة، مين هيستحمل يعيش العيشة دي؟ حياة بنت حلال وطيبة، ومش وش الدنيا وقساوتها، بالله عليك يابيه تاخد بالك منها !
يحزن باسل عند سماعه لما كانت تعاني منه حياة، ثم يردف إلى السيدة بابتسامة خفيفة:
-حاضر ! هي في عنيا متقلقيش، وشكرًا ليكي لمساعدتها على خروجها من هنا.
أنت تقرأ
لأنها حياة
Romance"تهيج أمواج الحياة لتدفع بفتاة مسكينة ظلّت تعاني طيلة حياتها في ملجأ تُعذَّب به، ثم قررت أن تحرر نفسها من هذا السجن الشنيع الذي لا يوجد طريقه للهروب منه سوى بالزواج، فتلتقي بشخصٌ بمحض الصدفة يكون هو أملها الوحيد، فهل سيقبل هذا الشخص بإقتراحها؟" رنَ...