(الفصل الثاني)
نظرت إليه حياة من خلف ظهره بسعادة، لأنه أنقذها من هذا الموقف، ثم يكمل حديثه:
-وقريب إن شاء الله هاجي أخلص كل الإجراءات المطلوبة، علشان خروجها يبقا قانوني.نظروا الرجلين إلى بعضهم البعض ثم أومأ شخص منهم وجاوبه:
-تمام.
بعد دقائق غادروا الشخصين، أما الأخرى فتنهدت ب راحة، أدار الآخر جسده وهو يضع يده في جيوب بنطاله، أما الأخرى نظرت إليه بابتسامة صغيرة:
-شكرًا عشان أنقذتني من المصيبة دي.
-العفو.
أنهى الآخر جملته وكان على وشك الرحيل، لتمسك هي بطرف قميصه من مكان يده لتستوقفه:
-أنت رايح فين؟
اندهش الآخر من فعلتها، ثم نظر لها مجددًا:
-مش كنتي عايزة حد ينقذك منهم؟ أديني أنقذتك.. لكن موضوع الجواز دا انا آسف مش هقدر أنفذه.-أنتَ محسسني إني بقولك إتجوزني عشان انا دايبة في دباديبك! انا بقولك مجرد جواز بالأسم، عشان أبعد عن الملجأ ويسيبوني في حالي، وفي نفس الوقت هاخد بالي من إبنك.
ليتنهد باسل وهو يجاوبها بضيق:
-ومين قالك إنك هتعرفي تتعاملي مع إبني، انا إبني عنده توحد، ومش سهل أي حد يتعامل معاه، انا آسف شوفي حد تاني يساعدك.صدمت حياة من حديثه، وحزنت على إبنه، ثم ضغطت حياة على أسنانها ثم أردفت إليه بحزن وحيرة قبل أن ترحل:
-تمام، عن إذنك.إبتعدت عنه وسارت أمامه، بقدمها التي بالكاد تستطيع المشي عليها، ولكن لم تصمد كثيرًا ثم وقع مغشي عليها.
***
في المستشفى كان الطبيب يكشف عليها، ثم خرج من غرفتها بعدما ضمد جروحها وأعطاها مهدئ، ليسأله باسل عن حالها:
-إيه الدنيا يادكتور؟
-كله تمام الحمدلله، في شوية خدوش بسيطة في جسمها، وراسها في جرح بس مش محتاج خياطة، ورجليها فيها جزعة بسيطة، بس تقدر تخرج من المستشفى عادي، مع الرعاية إن شاء الله هتبقا تمام.شكره باسل، ثم ظل دخل ينظر إليها وهي نائمة بهدوء، يتلقى إتصالاً من شقيقته مودة:
-ايوا يامودة في إيه؟
-إلحق ياباسل، نادر رجع يصرخ ويعيط تاني، محدش عارف يسكته.
فرك باسل عيونه بغضب، ثم أغلق الهاتف وهو ينظر لحياة، التي بدأت أن تفيق:
-انا... فين؟ إيه اللي حصل.
تقدم باسل نحوها ثم سحب المقعد وجلس بجانبها:
-انا موافق نتجوز!***
خرجوا من المستشفى ثم ساعدها للجلوس بجانبه، بعدها صعد هو الآخر وبدأ بقيادة السيارة:
-إيه اللي خلاك تغير رأيك؟
جاوبها وهو ينظر للطريق:
-جالي مكالمة من البيت بيقولوا إن نادر جاتله النوبة تاني، ف قولت ليه مشوفش هتعرفي تتعاملي معاه ولا لأ؟
أومأت حياة برأسها، قبل أن يسألها:
-أنتِ اسمك إيه؟
-حياة!***
عند وصولهم للمنزل دخل وهي تستند عليه، ليتفاجئ الجميع من هذا المنظر، خصوصًا جميلة التي كانت ستنفجر من الغيرة، لتسأله والدته باستغراب:
-باسل، مين دي ياحبيبي؟
نظر باسل إلى حياة، ثم عاود النظر لوالدته:
-دي حياة، اللي هتاخد بالها من نادر من هنا ورايح.
نظروا الجميع إليها وإلى حالتها التي يرثى لها، لتتحدث أشرقت إبنة عمه بدهشة:
-تاخد بالها من نادر إزاي يابوب؟ دي محتاجه حد ياخد باله منها.
نظرت حياة بإحراج إلى باسل، ثم لفت نظرها نادر، الذي كان يبكي ويصرخ ولا تتوقف لديه النوبة، فنظر لها باسل:
-وريني هتعملي إيه!؟
نظرت حياة لـ نادر مرة أخرى، ثم بدأت تتذكر في الملجأ، كان هناك فتاة مصابة بطيف التوحد، فكانت عندما تأتيها تلك النوبة، تأتي الطبيبة وتبدأ بإحتضانها بشدة من ظهرها، حتى تهدأ.. ففكرت حياة بإن هذه الطريقة ستجدي نفعًا، وبالفعل تقدمت نحو نادر ببطئ بسبب قدمها المصابة، ووقفت خلفه، ثم ضمت يديه إلى صدره معًا، وبدأت بإحتضانه بشدة، وبالفعل توقف الطفل عن البكاء والصراخ، وبدأ أن يهدئ، كان الجميع مصدوم من براعتها، وكيف بحركة واحدة، قدرت على تهدئته، بعد أن هدئ نادر، أدار لها وجهه الصغير وعيونه البريئة، وأحتضنها سريعًا، ثم غادر نحو غرفته، كانت حياة مندهشة من نفسها، كانت لا تصدق بالمرة، كذلك باسل كانت مندهش منها، ثم ابتلع ريقه ووجّه حديثه نحو مودة:
-مودة، ساعدي حياة وطلعيها على أوضتك.
صمت قليلاً بينما تساعد مودة حياة، ثم تحدث وهو يحك خلف رأسه بإحراج:
-وأه.. نسيت.. بجانب إن حياة هتاخد بالها من نادر، فهي... مراتي.. مستقبليًا إن شاء الله.
أنهى حديثه ثم غادر مجددًا نحو سيارته يقودها، ليترك الجميع في صدمة وحيرة ودهشة، ماكان سعيد بهذا هي والدته ثرية، التي ابتسمت فور سماعها لهذا، فهي كانت دائمًا تلح عليه بالزواج مرة أخرى ولكنه كان يرفض، فتوجهت نحو حياة التي مازالت واقفة، ثم إحتضنتها بشدة، كانت حياة متفاجئة من ردة فعلها، ولكنها ابتسمت ببطئ.نظرت جميلة إليهم بغضب ثم صعدت لغرفتها، ووراؤها عفاف والدتها، أما مودة فأخذت حياة نحو غرفتها:
-إتفضلي، إعتبريها أوضتك وخدي راحتك، هنا الدولاب طلعي أي هدوم إلبسيها وخدي شاور كدا على ما أعملك حاجه تاكليها، ولو احتاجتي أي مساعدة ناديني.
ابتسمت لها حياة وهي تشكرها، فتوقفت مودة ثانيًا ثم سألت حياة:
-ممكن سؤال؟ هو أنتِ تعرفي باسل من إمتى؟ واتعرفتوا إزاي؟ باسل من ساعة وفاة مي.. وهو ميعرفش أي بنات غيري أنا وبنات العيلة!
أنهت مودة حديثها بضحكة، فبدأت حياة تحكي لمودة ما حدث، فظلت مودة تستمع لها وهي مندهشة:
-يانهار مش فايت... كل دا حصل في الساعتين اللي خرج من البيت فيهم؟؟ لا وبتقولي أنتِ اللي اتقدمتيله؟ أنتِ مش طبيعية بجد!
ضحكوا سويًا ثم تركتها مودة تستريح وغادرت.***
دخل الشركة وهو يحدث نفسه، بعدما الجميع ألقى عليه التحية، وتغزلوا به الفتيات التي يعملون بالشركة كالعادة، فكانت شركاتهم أكبر شركات ملابس بمصر، وكان باسل يدير أعمالهم جميعًا، لأن كانوا أولاد عمه غير مهتمين بتلك الأعمال، دخل لمكتبه وهو يتذكر ماحدث له اليوم، فدخل إليه مساعدهُ وصديقه، إياد صفوان، شاب 29 عام، ولكنه دمه خفيف، ووسيم، ومشهور بأنه زير نساء، ليسأل باسل باستغراب:
-البوب ماله؟
-البوب؟ البوب مش كويس.. البوب ورّط نفسه في ورطة ولا قبلها ولا بعدها.
جلس إياد وهو يستعجب من كلمات باسل:
-ياستّار يارب، ليه ياعم؟
فجلس باسل يحكي له ماحدث، فظل إياد يضحك عليه:
-انا مش مصدق والله، باسل الغريب هيتجوز؟ وبالطريقة دي؟ يعني بعد كل الفترة دي، سبت كل البنات اللي بتجري وراك ورايح تتجوز واحدة هربانة من الملجأ وهتحطك في مصيبة؟
نظر له باسل بجدية ثم جاوبه:
-متغلطش فيها يا إياد، إحنا عندنا أخوات بنات، وبعدين مش ذنبها إنها متربية في ملجأ محدش بيختار حياته.-ياعم انا مغلطتش! انا بقول الحقيقة، وبعدين أغلط ازاي، دي هتبقا المدام بتاعت البوب!
نظر إليه باسل بضجر ثم أردف بجملته المعتادة:
-دي حاجه لوز اللوز!
ضحك إياد على جملته ثم جاوبه:
-والله أنت اللي لوز اللوز ياعريس!***
صعدت جميلة بغرفتها، وظلت تكسّر بكل شيء حولها، ثم صرخت بها والدتها:
-أنتِ اتجننتي، هو اللي أنتِ بتعمليه دا هيفيد بإيه!؟
-سيبيني ياماما، انا هتجنن! بقا بعد العمر دا كله، وبعد حبي ليه حتى من قبل مايتجوز مي، وانا فضلت استناه ومبطلتش أحبه، ويوم مايجي يتجوز يروح يتجوز واحدة زي دي!
تنهدت عفاف ثم نظرت إليها والكيد يخرج من عيناها:
-متقلقيش! سيبيه يعمل اللي هو عايزه، هجوزهولك، حتى لو اضطرينا نخلّص على الجربوعة اللي هو جايبهالنا دي!
أنت تقرأ
لأنها حياة
Romance"تهيج أمواج الحياة لتدفع بفتاة مسكينة ظلّت تعاني طيلة حياتها في ملجأ تُعذَّب به، ثم قررت أن تحرر نفسها من هذا السجن الشنيع الذي لا يوجد طريقه للهروب منه سوى بالزواج، فتلتقي بشخصٌ بمحض الصدفة يكون هو أملها الوحيد، فهل سيقبل هذا الشخص بإقتراحها؟" رنَ...