الفصل الرابع وعشرون.

90 3 0
                                    

(الفصل الرابع وعشرون)

في المساء كانوا يجهزون العشاء، ليتجه توفيق نحو حياة ليحدثها:
-دلوقتي لازم توفي بوعدك ياحياة، إطلعي ل باسل وأكليه لقمة، وخليكي جنبه. 
أومأت حياة برأسها، ثم أخذت العشاء، وتوجهت نحو غرفة باسل، لتجده يجمع في كل شيء يخص مي:
-كويس إنك جيتي، خدي كل الحاجات دي وولعي فيها، متسيبهومش إلا لما يبقوا رماد فاهمة؟

وضعت حياة  الطعام على الخزانة الصغيره الموضوعه بجانب السرير، ثم جاوبته بابتسامة:
-حاضر.. بس لما تقعد تاكل لقمة.
صرخ باسل مما جعلها تنتفض:
-مش عايز أطفح  !! إعملي زي ماقولتلك.
أمسكت حياة بيده وجعلته يجلس على الفراش:
-باسل  !! متعملش كدا علشان خاطري، دي واحده متستاهلش إنك تضيع نفسك علشانها.
ليبتسم باسل ثم يجاوبها بسخرية:
-بس متتكلميش بلطافة أوي كدا.. مش بعيد تكوني زيها أنتِ كمان وبتعملي كل دا علشان الفلوس! قوليلي عايزة كام وخُديه وأمشي.
تجمعت الدموع في عيون حياة ثم جاوبته بابتسامة:
-ربنا يسامحك يا باسل، بس انا عمري ما اكون زيها  !! علشان انا بحبك من كل قلبي.

لينظر بعيدًا ثم يمسح وجهه بكلتا يديه ثم يجاوبها:
-إطلعي برا ياحياة بعد إذنك عايز أبقى لوحدي.
لتتنهد حياة باستسلام، وأخيرًا أخذت الملابس وأشياء مي، وخرجت من الغرفة بصمت، ليشعر باسل بعدها بأنه كان قاسي قليلاً مع حياة، لذلك تنزل دموعه دون أن يشعر، أما حياة، ف دلفت للأسفل مع أشياء مي، ووضعتهم أمام المنزل وبدأت في إحراقهم.

في اليوم التالي استيقظ الجميع يجهز الفطور، معادا باسل الذي لم يخرج من غرفته منذ الأمس، فكالعادة تأخذ حياة الطعام وتصعد له، ولكنها تصدم عندما ترى طعام العشاء كما هو، لم يتناول قضمة واحدة، كان واقفًا أمام النافذة ينفث دخان سيجارته، فتتنهد حياة ثم تضع الطعام على الفراش، وتذهب لتقف خلفه وتضع يدها على كتفه:
-باسل؟ ممكن متعملش كدا في نفسك علشان خاطري؟ أنتَ عايز تضيع نفسك علشان واحده متستاهلش؟
ليرمي باسل بسيجارته بعدما أطفأها، ثم استدار ليقف أمامها، كانت بشرته شاحبة، وعيونه منتفخة أثر البكاء، فعلاً كانت حالته يرثى لها، ليتحدث بنبرة هادئة:
-أنتِ عارفة إيه اللي واجعني أوي ياحياة؟ إنك أنتِ وجدي كنتوا عارفين بخيانتها ليا، ومفكرتوش للحظة تعرفوني، وسيبتوني عايش على عمايا كل الفترة دي  !
قضمت حياة شفاها السفلية بإحراج قبل أن تتحدث:
-انا أسفة ياباسل  ! والله كنت ناوية أقولك واعرفك، بس لما حكيت لجدُه توفيق، قال لي إنه عارف بس لو جينا قولنالك أنت ممكن متصدقناش وهي تقدر تخدعك، فقال لي إن أسيبك تكتشف دا لوحدك علشان محدش فينا كان هيقدر يواجهك بالحقيقة دي.
ليتغاضى باسل عن حديثها، ولكنه يردف إليها بوجع أكبر:
-انا عملت فيها إيه علشان تعمل فيا كدا؟ عملت فيها إيه يخليها تكسرني بالشكل دا؟ طب مفكرتش في إبنها؟ إبنها اللي سابته وهو حتة لحمة حمرا وهربت، طب هقول له إيه لما يكبر؟ إزاي هقدر أحكيله عن حقيقة أمه القذرة دي.

لأنها حياة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن