الفصل الثامن عشر.

90 4 0
                                    

(الفصل الثامن عشر)

ابتسمت تلقائيًا عندما وجدته غفى دون أن يشعر على سريرها، ففكرت أن تيقظه ليتناول الطعام، ولكنها وجدته نائم بتعب لا يشعر بشيء، فوضعت الطعام على الطاولة وسحبت عليه الغطاء، خرجت تضع الطعام بالمطبخ مرة أخرى، ثم عادت للغرفة، تنظر إليه بشرود وهو نائم، كيف له أن يكون بتلك الوسامة حتى في نومه؟ هذا ما قالته بداخلها وهي تنظر إليه، فتقدمت نحوه تجلس على السرير بجانبه، ومازالت تتمعن في ملامحه.

عندما استيقظت مي في الصباح، وجدت باسل لم يأتي للغرفة، فعلمت بأنه نام بغرفة حياة، فضغطت على أسنانها بغضب.

أما في غرفة حياة، استيقظت هي الأخرى لتُصدم بإنه مازال نائمًا بجانبها، فاعتدلت في الفراش تجلس وهي تتذكر بأنها غفت دون أن تشعر بالأمس، وبعد دقائق، بدأ باسل بالأستيقاظ أيضًا، فعندما فتح عيناه ببطئ وجدها جالسة بجانبه، فجلس هو الأخر ينظر إليها:
-أنتِ عملتي فيا إيه؟
رفعت حياة إحدى حاجبيها وهي تجاوبه:
-والله؟ المفروض أنت اللي تسأل السؤال دا؟
ابتسم باسل وهو يسند ظهره بالسرير:
-بهزر.
أنهى كلمته ثم رفع خصلات شعره عن وجهه بيديه، والأخرى كانت تشاهد كل حركة يفعلها بابتسامة، فأدركت ماتفعله ووقفت من السرير بتوتر:
-بما إنك صحيت لو سمحت أخرج علشان عايزة أخد دش وأغير هدومي.
فرفع باسل إحدى حاجبيه وهو يسألها:
-طب ماتعملي اللي أنتِ عايزاه، حد ماسكك؟
لتجاوبه هي:
- هو إيه اللي حد ماسكك، لتكون مفكر إن علشان سيبتك تنام في أوضتي يبقا خلاص كدا.

لينهض هو من الفراش يتجه نحوها:
-طب وفيها إيه لما واحد ومراته يناموا في أوضة واحدة مش فاهم؟
اتسعت أعيُن حياة ثم جاوبته:
-على فكرة انا سيبتك تنام علشان صعبت عليا مش أكتر.
-قلبك حنين أوي، يالوز اللوز  !
-بتتريق؟ طب يلا برا.
قالت جملتها ثم أدارته من كتفه نحو باب الغرفة، وظلت تدفعه للخارج، أما الأخر فظل يضحك على فعلتها، وعندما خرج من الغرفة، وجدوا مي تخرج من غرفتها تنظر إليهم وهم يضحكون، فصمتت حياة، أما باسل فتبدلت ملامحه، دخلت حياة غرفتها مرة أخرى تاركة باسل في الخارج، أغلقت بابها، وهي تبتسم على تصرفاته ولطافته، أما الأخر فدخلت لغرفته يبدل ملابسه ويصفف شعره، فذهبت إليه مي تمسك بيديه:
-انا أسفة ياحبيبي على اللي حصل  !
تنهد باسل ثم نظر إليها:
-ياريت ميتكررش تاني.
أومأت مي بابتسامة، ليبتسم الأخر وهو يعاود تصفيف شعره، لتسأله مي:
-بتحبها؟
توقف باسل للحظة ثم سألها وهو ينظر إليها:
-هي مين؟!
-اللي نمت في أوضتها طول الليل.
عاود باسل النظر إلى المرآة يضع من العطر المفضل إليه، ثم جاوبها:
-بطلي هبل ويلا ننزل علشان نفطر.
تركها وغادر الغرفة، بينما هي ظلت تقف تنظر إليه بشرود.
دلفوا إلى الأسفل ليجد الجميع جالس بما فيهم حياة و نادر، ليجلسوا مي وباسل كان الجميع صامت ليقطع باسل هذا الصمت:
-بكرا عيد ميلاد نادر، هنعمل حفلة زي كل سنه، هسبلك أنتِ يامودة التظبيطات أنتِ وأشرقت وعادل وزين علشان مش فاضي.
أومأ الجميع لتتحدث حياة بحماس:
-ممكن انا كمان انضم ليهم.
نظروا إليها بسعادة، لتجاوبها أشرقت:
-أكيد  !
لينظر باسل إليها ثم نظر إلى عادل وزين، ففكرة بأنهم سيكونوا معها وقريبون منها شعرته بالغيرة، فحمحم قبل أن يتحدث:
-إحم.. ممكن هبقا أسيب لإياد الشغل، علشان أجهز معاكم انا كمان.. لسه مش متأكد.
نظرت إليه حياة ثم ابتسمت، علمت بأنه يغار لأنه لا يريدها أن تكون قريبة من عادل وزين.
بعد الإفطار غادر باسل نحو الشركة، عندما وصل لاحظ إياد شروده، فدخل إليه المكتب:
-اللي شاغل بال البوب إيه؟
تنهد باسل طويلاً ثم جاوبه:
-حاسس إني متلغبط أوي يا إياد، مش عارف انا مبسوط إن مي طلعت عايشة ورجعت، ولا زعلان انها رجعت بعد ما انا اتعلقت بحياة، كمان مي متغيرة أوي، ومش حاسس إن هي مي مراتي اللي انا زمان مكنتش أقدر أعيش من غيرها ثانية، حاسس إني هتجنن من كتر التفكير.
ليجلس إياد على المكتب أمام باسل:
-انت بتحب حياة يا باسل، علشان كدا عايش في التوتر دا، بس انا من رأيي بلاش تخسر حياة، اعترفلها بحُبك، انا متأكد إن هي كمان بتحبك.

-و مي؟
سأل باسل ب حيرة، ليجاوبه إياد وهو يعقد ذراعيه:
-مي أم إبنك، وكان بينكم عيش وملح وذكريات كتير حلوة أكيد، انا مبقولكش إتخلى عنها، بس هي اكيد هتتفهم إنك دلوقتي قلبك مع واحده تانيه خلاص.
ليتنهد باسل ثم ينظر إلى إياد:
-انا اللي شاغلني دلوقتي حاجه واحدة بس.
ليعقد إياد حاجبيه ويسأله:
-إيه هي؟
-أنت قاعد على مكتبي كدا ليه؟
رفع إياد حاجبيه وهو ينهض من على المكتب:
-تصدق إنك إنسان واطي ياباسل، وانا غلطان أساسًا إني سايب شغلي وقاعد أتناقش معاك في مشاكلك.
ضحك باسل على ردة فعل إياد، ثم عاود التفكير بما يحدث في منزله.

عاد وقت الغداء ليجدهم يضعون الطعام على المائدة، ثم جلس الجميع يتناولوا الطعام، لتتحدث مودة:
-قررنا هنروح بعد الغدا علشان نجيب تجهيزات عيد الميلاد ياباسل، هتيجي معانا؟
نظر إليها باسل ثم نظر إلى حياة، ثم عاود النظر إلى مودة مرة أخرى:
-أيوا.
ابتسمت حياة بصمت، ليوجّه باسل حديثه نحو مي:
-تيجي معانا يامي؟
نفت مي برأسها ثم أردفت إليه:
-لا روحوا أنتم، خليني انا علشان تعبانة شوية.
أومأ باسل برأسه، وبعد أن أنتهوا من الغداء، استعدوا باسل وحياة وزين وعادل وأشرقت ومودة للخروج، وكان معهم أيضًا نادر، فصعدوا بالسيارات، واتجهوا نحو السوق، جلبوا ماسيحتاجوه فقط، بجانب بعض الملابس والفساتين التي سيرتدوها بالحفل غدًا.
عند عودتهم للمنزل كانت تجلس حياة بجانب باسل بينما يقود السيارة:
-مش حاسس إن مي مرضتش تيجي بسببي؟
جاوبها باسل بينما يركز على الطريق:
- مفتكرش، هي قالت إنها تعبانة، ثم نفترض إن مرضتش تيجي فعلاً بسببك، كل واحد حر، مش كدا؟
أومأت حياة ثم صمتت حتى عادوا للمنزل، وبدأوا يفرجون بقية العائلة على ما أشتروه من السوق، أما مي فكانت تنظر لهم بحقد صامت، وكأنها بركان يختبئ تحت الأرض.
توجهت حياة نحو جميلة ومعها حقيبة بها فستان:
- إتفضلي ياجميلة، سألت عليكي طنط حبيبة وإحنا ماشيين، بس قالت إنك كنتي بتذاكري، مرضتش أزعجك، بس إختارت ليكي الفستان دا تلبسيه بكرا، يارب يعجبك.
أخذت جميلة منها الحقيبة وهي تبتسم بينما تنظر للفستان من الداخل:
-شكرًا ليكي ياحياة بجد.
ابتسم الجميع على علاقتهم التي أصبحت تعتدل شيئًا في شيء.
ليتحدث توفيق وهو يبتسم:
-وهو دا السبب اللي خلى العيلة كلها تحبك وتتعلق بيكي ياحياة، إنك مبتنسيش حد دايمًا، وعلى طول قلبك على الكل.
ليبتسم أحمد إبنه وهو يربت على ظهر حياة:
-اه والله ياحج، عندك حق.

***
صعدت حياة لغرفتها تضع الأشياء التي أشترتها على الفراش، ثم بعدها تتفاجئ بـ مي، تدخل وتغلق الباب وراءها، لتنظر إليها حياة بصدمة، فهي تقريبًا تعلم سبب قدوم مي لغرفتها.

لأنها حياة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن