الفصل الثاني وعشرون.

97 4 0
                                    

(الفصل الثاني وعشرون)

صمت باسل قليلاً ثم أومأ برأسه، لتكمل هي حديثها:
-انا عارفه إني قولتلك قبل كدا إني مش عايزة أدور عليهم ولا أشوفهم، بس دلوقتي  .. عايزة أشوفهم  .. ولو مرة واحده قبل ما  ..
قطع باسل حديثها بينما جاوبها:
-متكمليش كلامك ياحياة، خلي عندك أمل في ربنا، وبطلي كلامك دا مفهوم؟
ابتسمت ابتسامة خفيفة قبل أن تجاوبه:
-حاضر.
ليسألها وهو يقفل أزرار قميصه:
-مش عايزة شوية طاقة؟
نظرت له بعدم فهم:
-ها؟
ضحك لأنها قد نست بالفعل، ثم فتح لها ذراعيه، فابتسمت هي عندما تذكرت، ووقفت تعطيه عناق.

ليشد هو على العناق بابتسامة ثم يحدثها:
-أوعدك إني هلاقيلك أهلك.. متقلقيش.

ابتسمت هي ثم أومأت برأسها، بعدما جهزوا أنفسهم دلفوا للأسفل حيث يجلس الجميع، ليستقبلوهم بابتسامة، إلا مي التي كانت تشتعل نارًا في مقعدها، لتربت ثرية على ظهر حياة بابتسامة:
-عامله إيه النهارده ياحبيبتي؟
بادلتها حياة الابتسامة ثم جاوبتها بلطف:
-الحمدلله على كل حال ياطنط.
ليتحدث توفيق موجهًا حديثه نحو باسل:
-إتكلم مع الدكتور ياباسل، وعجّل من موضوع العملية، خلي حياة تعملها علشان تقوم بالسلامه، إن شاء الله.

ليومأ باسل برأسه ثم يجاوبه:
-حاضر ياجدي.
لتبتسم مي بـ خبث بهدوء، بينما تحدث نفسها بداخلها:
-وانا اللي كنت عايزة أخلص عليها علشان تغور من حياتي، جه موضوع مرضها دا، وممكن بدون أي مجهود أخلص منها.

تلاحظ مودة ابتسامة مي، فتعلم نواياها وبما تفكر به، فهي بالتأكيد الآن سعيدة بمرض حياة، واحتمالية وفاتها في العملية، فنظرت لحياة بشفقة وهي تتخيل حياتها بدونها، فهي بالفعل أصبحت جزء كبير من حياتهم، في خلال تلك الفترة القصيرة.

***

كان يجلس في سيارته متجهًا نحو الشركة، ليمسك بهاتفه ويحدد رقم شخص ما، على مايبدو بأنه ضابط، صديق له:
-الباشا بتاعنا، عامل إيه ياحبيبي؟
-فل الفل يابوب أنت إيه أخبارك؟
-كله تمام ياحبيبي الحمدلله والله، كنت عايزك بس تعرف لي مكان عيلة، كنت بدور عليها من فتره، تقدر تخدمني الخدمة دي؟

-طبعًا طبعًا، قول لي بس التفاصيل وبكرا يكون العنوان عندك.

***

كانت تجلس في حديقة المنزل، تفكر بعائلتها، أين هُم؟ وكيف حالهم؟ كم عددهم؟ ولماذا تخلّوا عنها؟ هل هُم بالأساس موجودين أو توفّوا؟ إنها لم تشعر بأنها تريد رؤيتهم بشدة هكذا إلا الآن بعدما علمت بمرضها، أو ربما كانت تشعر هكذا دومًا ولكنها كانت تِنكر، بسبب إنهم تخلّوا عنها  ؟!

أخذت نفس عميق وهي تتخيل كيف ستشعر عندما ستراهم لأول مرة، هل ستشعر بالإشتياق، أو الحب أو الكُره؟ هي متأكدة بإنها ستشعر بشيء واحد، وهو "الحزن"  لأن لأول مرة ستراهم، ربما لن تصمد الكثير، ويتوفاها الله، ولن تستطع العيش معهم مدة أطول، ولكن على كل حال، على الأقل ستراهم.

لأنها حياة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن