(الفصل السادس عشر)
لتتحدث مي بحزن:
-أه.. انا آسفة.ثم دخل الجميع إلى المنزل، لتتحدث ثرية بقلق:
-إحكي لنا يابنتي أنتِ عايشة إزاي؟ وكنتي غايبة عننا فين كل دا وسايبة باسل يتعذب؟لتتنهد مي قبل أن تتحدث:
-يوم الحادثة انا مكنتش خارجة لوحدي، انا كان معايا صفاء، البنت مساعدتي، فاكرينها؟ اليوم دا انا كنت تعبانة شوية ومعرفتش أسوق، فخليتها هي تسوق مكاني، وفاجأة طلع قدامنا عربية نقل كبيرة خبطت فينا، طبعًا العربية إتقلبت، وناس كتير إتلموا وفضلوا يحاولوا يطلعونا، وطلعوني بس للأسف قبل ما يطلعوا صفاء، العربية ولعت، وودوني المستشفى، وإكتشفوا إني فقدت الذاكرة.
ليعقد باسل حاجبيه قبل أن يتحدث:
- انا قبل ما الحكومة تكلمني وتقولي إن عربية مراتك لقوها عاملة حادثة وهي ماتت قلبت عليكي الدنيا معرفتش أوصلك، حتى كان نفسي أشوفك أول ماوصلت المستشفى، بس قالولي يومها إن الجثة متفحمة، ومش هقدر هشوفك في الحالة دي.لتحزن مي ثم تمسك بيديه:
-انا أسفة ياحبيبي ! أسفة إني بعدت عنك كل دا.
لينظر باسل لحياة، التي كانت تنظر ليديهم المتشابكين، ليسأل مي باستغراب:
-أومال كنتي فين كل الوقت دا؟-بعد لما فقدت الذاكرة، مكنش ليا حد ولا عنوان ولا حتى رقم يتصلوا بيه، فشافتني ست كبيرة مش متجوزة، خدتني واعتنت بيا الله يكرمها، وبعدها بفترة ماتت، وفضلت عايشة في بيتها، وكنت بتابع مع دكتور لحد ماذاكرتي رجعت، وجيتلكم على طول.
ليصمت الجميع ثم تتحدث ثرية بابتسامة:
-حمدالله على سلامتك يا بنتي.
-الله يسلمك ياطنط !
جاوبتها مي بابتسامة خفيفة.
لتردف إليها ثرية:
-إطلعي ياحبيبتي أوضتك خدي دش وإرتاحي شوية.. إسندها ياباسل.
ليقف باسل بالفعل وتنهض مي هي الأخرى تستند عليه ثم صعدوا سويًا إلى غرفته، أما حياة فظلت جالسة في صمت، تفكر بمصيرها بعد عودة مي.
لتتحدث مودة بحزن:
-احنا آسفين طبعًا ياحياة على التطور الغريب اللي حصل دا، مكنش حد متوقع أبدًا رجوع مي.
لتبتسم حياة وتجاوبها سريعًا:
-لأ خالص بالعكس، كويس إنها رجعت لباسل ونادر.***
في المساء كان الجميع مجتمع على مائدة الطعام ليتناولون العشاء، فبينما يأكل الجميع بصمت، تتحدث مي موجهة حديثها نحو حياة:
-باسل حكالي على كل حاجه عملتيها مع نادر ياحياة، وقد إيه أنتِ ساعدتيه في تعبه، وإنه يتحسن شوية، خصوصًا إن نادر صعب خالص ومش بيسمع لأي حد، زي ما باسل حكالي، بس.. أظن بما إني رجعت مينفعش نتعبك معانا أكتر من كدا، ولازم نديلك حريتك الكاملة، فحاليًا أنتِ تقدري تروحي مكان ماجيتي وتعيشي حياتك زي ماتحبي.
نظر الجميع لها بصدمة، بما فيهم باسل، الذي كان مصدوم من لهجتها في الحديث مع حياة، لتتوتر حياة ثم تجاوبها بتلعثم:
-انا.. انا بصراحه ماليش مكان غير هنا أرجع ليه.. بس لو وجودي تقيل عليكم في شقتك أنتِ وباسل انا ممكن انزل اقعد مع مودة في أوضتها زي زمان، وكدا كدا انا..
قطع باسل حديثها بحِدة وهو ينظر إليها:
-أنتِ مش هتنزلي في حتة ياحياة، الشقة اللي فوق شقتك وأنتِ مراتي زي ما مي مراتي، يعني برا شقتك مش هتنامي، مفهوم؟
نظرت إليه حياة، بصمت، كما فعلت مي، ولكن كان يظهر على ملامح مي الغضب وعدم الرضا.
ليتحدث الجد توفيق بثباته المعتاد وعقلانيته المعروف بها:
-بصي يامي، انا عارف إنها حاجه صعبه إنك ترجعي بيتك بعد كل السنين دي تلاقي جوزك متجوز واحدة تانية، بس أنتِ لازم تتقبلي الواقع، إن حياة مرات باسل، بعيدًا عن إنها بتساعد نادر إنه يتحسن، فهي مرات باسل، وجزء من العيلة دي من أول ما دخلت البيت، ومش من الأصول أبدًا إننا نتخلى عنها لمجرد إنك رجعتي.
نظروا إليه العائلة بإعجاب، ف على الرغم من حِدته في الحديث إلا إنه وصّل إليها مايريد قوله الجميع.***
بعد العشاء صعدت حياة مع نادر نحو غرفته، لتساعده على النوم، فبعدما غفى وثبت في نوم عميق، سحبت عليه الغطاء، وقبّلته، ووقفت مستعدة للرحيل، لتجد أمامها باسل، واقفًا واضع يديه في جيوب بنطاله، لتتوتر من القرب الذي كان بينهم، فتبتعد عدة خطوات قبل أن تتحدث:
-في حاجه ولا إيه؟
ليجاوبها باسل وهو ينظر لعيناها:
-انا جاي اتأسفلك بالنيابة عن مي، مي طول عمرها كدا اللي في قلبها على لسانها، وأكيد مكنش قصدها إنها تضايقك.
لتبتسم حياة قبل أن تردف إليه:
-ولا يهمك، انا فاهماها كويس.
لتتفاجئ به يتقدم نحوها يمسك بيديها اليسرى:
-حياة انا..
لم يستطع أن يكمل حديثه بسبب مي التي كانت تقف ورائهم:
-حبيبي أنت هنا في أوضة نادر؟ انا دورت عليك كتير.
ليفلت الآخر يد حياة، ويلتفت نحو مي:
-ليه في حاجه؟
لتنظر إليه ثم توجّه نظرها نحو حياة:
-لأ.. مش هننام؟
أومأ باسل برأسه ثم التفت نحو حياة مرة أخرى:
-نكمل كلام بعدين ياحياة، تصبحي على خير.
-وأنت من أهل الخير.
جاوبته حياة قبل أن يتجه نحو مي، ويذهبون لغرفتهم، لتذهب حياة هي الأخرى نحو غرفتها، تأخذ حمامًا، وترتمي بجسدها على الفراش بتفكير، ياترى ما الذي كان يريد باسل أن يقوله عندما أمسك بيدها؟ لم تصمد الكثير حتى ثبتت في نوم عميق دون أن تشعر.في غرفة باسل بعدما أخذ حمامًا هو الأخر وقف أمام المرآة يجفف شعره بالمنشفة، لتأتي مي تحتضنه من الخلف ثم تتحدث:
-شوفت جده توفيق كان بيتكلم معايا إزاي؟ هو انا غلطت ياحبيبي؟ هو حرام يعني أطلب منها تسيبنا بقا علشان ناخد راحتنا انا وانت.
لينظر إليها باسل في المرآة ثم يجاوبها:
-وهي كاتمة حريتنا في إيه يامي؟ البنت بتنام في أوضة لوحدها، ومالهاش أي علاقة بينا.-إزاي بس؟ دي مراتك ياباسل، وبصراحة كدا انا مش حابة فكرة إنك تكون متجوز واحدة تانية غيري.
أنهت مي حديثها، ليلتفت إليها باسل ثم يردف إليها:
-وانا مش هطلقها يامي، ولا ينفع حياة تبعد عننا، سيبك من إنها مراتي، فكري في نادر !! أنتِ مشوفتيش نادر قبل حياة كان عامل إزاي، ودلوقتي عامل إزاي.لتصمت مي قليلاً ثم تجاوبه:
-خلاص! نستنى لما نادر يتحسن خالص، ومعتش يحتاجها في حياته، وبعدين تطلقها.تنهد باسل بتفكير ثم جاوبها:
-اللي في الخير يقدمه ربنا ياحبيبتي.***
في اليوم التالي استيقظت حياة مُبكرًا، بدّلت ملابسها، وصففت شعرها، وتركته منسدلاً على كتفيها، لتبتسم عندما تذكرت باسل وهُم جالسين أمام الشاطئ، عندما فك رباط شعرها، وأخبرها بأنها هكذا أجمل، ثم وضعت بعض مساحيق التجميل وخرجت من الغرفة، لتجد نادر واقفًا أمام غرفتها ينتظرها، فابتسمت وهي تجلس على ركبتيها لتكون في مستواه:
-حبيب ماما بيستناني؟ فين البوسة الحلوة؟
ليقبّلها نادر ثم تمسك بيديه وينزلوا للعائلة، فيجلسون ليتناولون الإفطار، ثم بعد عدة دقائق ينزل باسل ومعه مي هُم الأخرين، لتجد مي نادر جالسًا بجانب حياة، تناوله الطعام، ويناديها بـ "ماما" فضغطت مي على أسنانها بغضب وجلست في صمت تتناول فطارها ومن حين لأخر تنظر لحياة بغضب.
أنت تقرأ
لأنها حياة
Romantizm"تهيج أمواج الحياة لتدفع بفتاة مسكينة ظلّت تعاني طيلة حياتها في ملجأ تُعذَّب به، ثم قررت أن تحرر نفسها من هذا السجن الشنيع الذي لا يوجد طريقه للهروب منه سوى بالزواج، فتلتقي بشخصٌ بمحض الصدفة يكون هو أملها الوحيد، فهل سيقبل هذا الشخص بإقتراحها؟" رنَ...