الفصل الرابع عشر.

93 5 0
                                    

(الفصل الرابع عشر)

وجدت حياة مقعد في هذا الممشى ينظر إلى الشاطئ، فجلست ودعت باسل أن يجلس بينما نادر يلعب حواليهم بسعادة، كانت حياة تنظر له وتبتسم وهو يلعب بسعادة، لينظر لها باسل بابتسامة خفيفة ثم يسألها:
-إيه حلمك ياحياة؟ إيه هو الحلم اللي طول حياتك بتتمنيه؟
لتتنهد حياة طويلاً ثم تجاوبه:
-أقل حاجة ممكن يحلم بيها شخص مالوش حد في الدنيا، هو إنه في يوم من الأيام يلاقي شخص.. شخص واحد بس مهتم بيه وبيدور عليه، وجنبه دايمًا، حتى في يوم مايقرر يبعد عن كل حاجه ويروح لمكان بيحبه ويرتاح فيه، يروح له الشخص دا، ويقوله كنت متأكد إن هلاقيك هنا، وإنه مينفعش أسيبك لوحدك، شخص يوصل له في الوقت الصح دايمًا.
ليضحك باسل ثم يردف إليها:
-بالرغم من إنه حلم بسيط، إلا إنه عميق أوي تصدقي؟ مش سهل على فكره الإنسان يلاقي شخص زي دا.
لتومأ حياة برأسها ثم تجاوبه:
-عارفة..
ليقف باسل وهو يمد لها يده:
-هنروَّح؟
لتبتسم حياة وهي تمسك بيده:
-يلا.

***
عادوا باسل وحياة للمنزل، ليتفاجئوا ببقية الشباب قد أتوا أيضًا جالسين مع الكبار، ويتفاجئوا ب إياد كذلك، ليتحدث باسل وهو يجلس:
-يالوز اللوز، أنت إيه اللي جابك.
ليجاوبه إياد بمزاح:
-أكيد مجيتش علشان سواد عيونك وحشني.. جيت علشان خالتو شادية كلمتني وقالتلي تعالى.
كان أكثر شخص سعيد بقدوم إياد، كانت مودة، فكانت طيلة الجلسه تنظر له وتبتسم:
-مش كدا ياحماتي؟
وجّه إياد حديثه نحو شادية التي ضحكت على مشاغبته ثم أردفت إليه:
-كدا ياحبيب حماتك.
لتتحدث غرام بصراخ وهي تمازحه:
-حماتك مين ياللي تتصاب ب حِمو في صدرك  ! بقا انا أتجوز واحد بتاع بنات زيك.
ليرفع إياد أحد حاجبيه وهو يجاوبها:
-أنتِ تطولي يابت؟ دا انا نص بنات مصر بيجروا ورايا.
لتضحك غرام بسخرية ثم تجاوبه:
-هتلاقيك معاكسهم  .. علشان كدا بيجروا وراك.
ليضحك الجميع على جملتها، ثم يوجّه إياد حديثه نحو ثرية:
-شوفتي يا ام باسل؟ انا بتهزأ وأنتِ ساكته.
لتجاوبه ثرية بابتسامة:
-أنت اللي جايب الكلام لنفسك يا إياد بصراحه، لو بس تخف بنات شوية، كله هيبقا تمام.
لتصفق غرام بسعادة ثم تجاوبها:
-أهو.. مجبتش حاجه من عندي.
ضحك الجميع على مشاكستهم لبعضهم البعض، ثم بعد عدة دقائق استأذنت منهم حياة وأخذت نادر لغرفته حتى ينام، فصعدت معه متجهه نحو غرفته وساعدته في تغطيته جيدًا ثم قبّلته كعادتها، وهدأت الأضواء، ثم غلقت الباب وراءها، كانت متجهه للخارج ثانيًا، لتستمع لصوت بكاء وشهقات آتيه من شرفة المنزل، فمشت وراء الأصوات، لتجدها جميلة، تقف تنظر للجميع من شرفة المنزل وهي تبكي بشدة، وتمركز عيناها على باسل، لتتنهد حياة ثم تذهب وتقف بجانبها:
-عايزة إيه؟ خلتيه يضربني وجاية تشمتي فيا؟
قالتها جميلة، فعقدت حياة حاجبيها ثم سألتها:
-يضربك؟ مين اللي ضربك؟
لتنظر لها جميلة بغضب:
-والله؟ أنتِ هتعملي لي فيها بريئة؟ دا على أساس مش أنتِ اللي بعتتي باسل يضربني علشان اللي عملته معاكي في المياه.
لتندهش حياة ثم تردف إليها:
-انا فعلاً والله معرفش حاجه عن الموضوع دا  ! وبعدين ما انا لو كنت عايزة أعمل معاكي حاجه كنت هجيلك انا ونتفاهم، أو ع الأقل هعرّف العيلة إن أنتِ اللي وقعتيني في المياه وانا معرفش أعوم.. وإن أنتِ... اللي بعتتي شخص علشان يقتلني، وكنتي سبب في إصابة باسل.
لتعقد جميلة حاجبيها وهي تسألها:
-أنتِ.. أنتِ كنتي عارفه إنه انا؟
لتتنهد حياة ثم تجاوبها:
-مكنتش عارفه في الأول، وبعدين اتأكدت إن أنتِ اللي عملتي كدا.. رقمي المجرم هيعرفه إزاي؟ أكيد أعداء باسل ميعرفوهوش، ورقمي مش موجود غير مع العيلة واللي في البيت بس، واللي هيموت ويخلص مني هو أنتِ، ف أكيد مفيش غيرك.
لتبتلع جميلة ريقها ثم تسألها:
-ومبلغتيش عني ليه؟
ابتسمت حياة ابتسامة خفيفة ثم تردف إليها:
-علشان انا عارفه إنك مش قاتلة ولا مجرمة ياجميلة، أنتِ بنت بسيطه وقلبك أبيض، وانا متأكدة إن كل اللي بتعمليه معايا هو بدافع حبك لباسل، ووجهة نظرك إني خدته منك، بس انا عايزاكي تتخيلي الحياة من غيري، او حتى من قبل ما اظهر في حياتكم.. كان في فرق؟ أبدًا.. لأن المشكله مش فيا يا جميلة، المشكله في باسل وقلبه، هو مش عارف يشوفك غير أخته، ف اللي أنتِ بتعمليه دا هيضيع حتى المكانة دي من قلبه ليكي، وهيكرهك مش أكتر.
ظلت جميلة تستمع إليها بصمت، ثم تحدثت وهي تبكي:
-بس انا بحبه  !
وضعت حياة يدها على وجه جميلة تمسح دموعها:
-الحب دا مش هيفيدك بحاجه ياجميلة  ! عايزة تقتليتي أقتليني، طب وبعدين؟؟ هتخشي السجن وتضيعي نفسك وبرضو باسل هيفضل شايفك أخته.
شهقت جميلة أكثر وازداد بكاءها، لتشفق حياة عليها ثم تحتضنها بشدة وتربت على ظهرها، في الأسفل كان الجميع ملتهي بالحديث لتلاحظ أشرقت هذا الموقف، لتتحدث بصدمة:
-دي معجزة دي ولا إيه؟ هو اللي انا شايفاه صح؟
لينظر الجميع إلى جميلة وحياة بصدمة، أولهم باسل الذي كان لا يفهم ما يحدث، حتى عفاف والدة جميلة كانت مصدومة وكأن التي تراها ليست إبنتها.
بعد عدة دقائق نزلوا حياة وجميلة للأسفل، قرر الجميع عدم سؤالهم أي شيء، خصوصًا عندما وجدوا عيون جميلة وارمتان بسبب البكاء، ولكن كان حسن يعلم جيدًا مايحدث بينهم، وكان يشفق بحزن على جميلة.

***

في غرفتهم كانت حياة تجفف شعرها بعدما أخذت حمامًا، ليدخل إليها باسل ويجلس على الفراش ينظر إليها بصمت، لتلاحظ حياة نظراته فتسأله باستغراب:
-في إيه؟
-إيه حصل بينك وبين جميلة؟
تنهدت حياة قبل أن تجاوبه:
-جميلة بنت طيبة وغلبانة ياباسل، ومشت ورا قلبها اللي بيحبك، واللي بيحب مستعد يعمل أي حاجة حتى أنه يضيع نفسه، عشان يبقى مع اللي بيحبه.
ليبتسم باسل بسخرية قبل أن يردف إليها:
-مش كل الناس طيبة وغلبانة زيك ياحياة، بلاش تنخدعي في اللي حواليكي.
لتترك حياة المنشفة ثم تنظر إليه:
-بالعكس، أكتر شخص اتظلم في الحياة، وعاشها يلطّش فيها وتلطّش فيه، هو أكتر شخص مبينخدعش في الناس، ونظرته دايمًا بتبقا صح.
أومأ باسل برأسه دون أن يتحدث، ثم تقدّمت حياة نحوه تضع له الوسادة والغطاء على الأرض:
-يلا ياباشا.
لينزل باسل على الأرض يعدل وسادته، ثم يتنهد ويتحدث بعبوس مصطنع:
-أنتِ عارفة لو الناس عرفوا إن باسل الغريب بينام على الأرض الدنيا هيحصل فيها إيه؟
لتقلب حياة عيناها بضجر ثم تجاوبه:
-ممكن أسألك سؤال؟ هو أنت ليه شايف نفسك أوي كدا؟ كل ما أكلمك كلمة، باسل الغريب باسل الغريب، يطلع مين باسل الغريب يعني!
لينظر إليها باسل بابتسامة خفيفة، ثم يقف على ركبتاه، ويقترب من أذنها:
-يطلع جوزك ياقمر  ! وياريت تتكلمي عنه كويس.
رمشت حياة عدة رمشات ثم ابتعدت عنه قليلاً تنظر إليه، لتجد الابتسامة مازالت على ثغره، شعرت بضربات قلبها تتزايد، ف بدون تفكير لكمته بيديها في كتفه، لتجعله يرجع مكانه:
-تصبح على خير  !
أنهت جملتها وهي تسحب الغطاء على وجهها لتتخفى منه، أما التالي فابتسم على تصرفها اللطيف، وسحب الغطاء عليه هو الآخر، وثبت في نومٌ عميق.

لأنها حياة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن