الفصل السادس عشر ..
كم مرّ؟
يوم .. اثنان .. ثلاثة
ثلاثة أيام، حبيسةً في غرفتها رافضةً الخروج من تلك الهدنة التي أخذتها لذاتها منذ وفاة جنينها الذي لم يكتمل بعد ..ترفض الذهاب إلى عملها، حتى مديرها في العمل قام بالاتصال بها ولم تُجب، فما زالت تشعر بالذنب القاتل تجاه إهمالها.
لم ترغب في اللقاء مع "ماجد" طوال تلك الأيام، شاعرة بالخزي نحو كل شيء، وتحمل ذاتها اللؤم من حين لآخر لِما حدث.
لقد أسقطها القدر في بئر مظلم لا نجاة منه، وهي مكبلة الأيادي لا تعي شيئًا سوى أنها باتت وحيدة، موجوعة ..
حتى وجعها لن تقوى على إخفائه أكثر من ذلك، فقد صار ملموسًا، مسموعًا كانكسار المكان المدوي!
طرقٌ بسيطةٌ على الباب جعلتها تستفيق من حالة الانهيار التي استحوذت عليها.
فبترها دخوله المفاجئ، ورمقها بدهشة من هيئتها الحزينة، وعينيها اللتين أصبحتا هالتين سوداويتين.
اقترب من فراشها رابتًا فوق ذراعها بحنو ثم تحدث بنبرةٍ هادئة:
اللي حصل حصل يا ورد، ماتزعليش، بإذن الله ربنا هيرزقك غيرهارتسمت بسمة ساخرة على شفتيها قبل أن تُعقب بخفوت متحشرج نتج عن البكاء: الحمدلله يا ماجد على كل حال، أنا بس زعلانة على الحزن اللي بقي مالي حياتي. حاسة خلاص إني مش هاضحك ولا حاجة هاتفرحني تاني.
بتر حديثها بغيظ وغضب عارم: هانكفر ولا إيه؟ هوني على نفسك شوية وقومي يلا اتوضي وتعالي نصلي العصر سوا.
أومأت له بعينيها دون حديث، مع نظرة مليئة بالامتنان لتهدئتها والتريث الذي اعتاد أن يجعلها تشعر به منذ مجيئهما إلى هنا.
وقفا يؤديان الفريضة بخشوع تام مع بكاء حار انخرطت به، جعل صوتها يرتفع قليلًا.
بعد قليل، جلسا أمام التلفاز يتناولان الطعام الذي قام "ماجد" بإعداده بعد مناقشة عنيدة منهما، وبالنهاية ولج إلى المطبخ يُعد الغداء بمهارة فائقة اعتاد عليها نتيجة مكوثه وحده في الشقة.
حدجها بطرف عينه ثم نظر مرةً أخرى نحو طبقه فتحدث بهدوء وهو يضع ملعقة مليئة بالأرز في فمه: مديرك جاي بكرة خلاص؟
_"مش عارفة، بقالي تلات أيام قافلة موبايلي، هاكلمه أشوفه."
أمسكت بهاتفها وقامت بالاتصال به، فجاءها الرد على حين غرة بلهفة: ورد، قلقتيني عليكِ، أنتِ كويسة؟
نظرت نحو "ماجد" فوجدته رافعًا حاجبيه نحو حديث هذا الشخص القلق بشأنها، فحمحمت قائلة بتلعثم: آه، الحمد لله، كنت بكلم حضرتك علشان اعتذر عن غيابي المفاجئ، وأأكد عليك العزومة بتاعت بكرة
أنت تقرأ
إنما للورد عُشاق
Romanceكيف سيكون شعور النهاية السعيدة لشخصٍ اعتاد على أن يخذله الطريق؟ كيف ستكون العلاقات الآمنة بالنسبة لها وقد قضت عمرها مرتجفة متوجسة من القادم؟ وكأن خوفها كأشواك تخدش فوق جروحه المؤلمة. ذهبت بشرودها إلى أمواج البحر الذي غدر بها قبل الوصول لشاطئه،...