الفصل الأول ..
انتفضت من سباتها ترتجف بذعر متوجسةٍ من الأحلام البشعة التي تُراودها، شهقت عدة مراتٍ متتالية لتهدئة ضربات قلبها التي تقرع كالطبول، سحبت نفسًا عميقًا محاولةٍ إدخاله عنوةٍ إلىٰ رئتيها، استحوذَ عليها فجأةً الشعور بالإختناق وكأن روحها تُسلب منها، دون إرادة شحب وجهها،صار جسدها يرتجف كورقةٍ خريفية وحيدة فوق غصن شجرة في مهب الريح؛ لكن ليس إرتجاف ألمًا إنما بسبب الرجفة الحادة من فرط الوجع الذي يضرب بجسدها ..
أغمضت جفونها تعتصرهم بقوةٍ؛ فلم تَعُد تشعر بالاطمئنان بتاتًا خاصةً في الآونة الأخيرة، يظل "فريد" ابن عمها يقتحم غرفتها كي يبث بقلبها الذعر والتعامل معها بخشونةٍ وكأنها لا تعني له شيء ولا ابنة عمهُ الذي حثهُ علىٰ معاملتها بحنوٍ أخوي؛ كي لا تخشاه والشعور بالغرابةِ بينهم؛ لكن حينما توفاه الله كل شيء أخبره بهِ صار كالرماد !!
تلك المسكينة التي لم تنل أي شيء سوىٰ الاهانة والذل،
تركها والديها وحيدة منكسرة لا تعي بشيء سوىٰ إنها لا تستطيع الخروج من هذا المنزل الذي سلب حريتها الكاملة والإذعان لكل شيء دون وجه إعتراض منها !!انتظرت عدة دقائق حتىٰ استعادت السيطرة علىٰ جسدها،ثم تحركت نحو المرحاض تغتسل وتعاون ذاتها علىٰ الثبات من جديد بهيئة قوية لا تغمض لها جفنٌ
بعد ثوانٍ وقفت تتلو بخشوعٍ بعض آيات من الذِكر بعدما هدأت ذاتها فالله معها مهما توالت عليها الصعاب المنغمسة بها في حياتها
وعندما لامست جبهتها الأرض انفجرت باكية وظلت تدعو بكل مايجول بطياتها من حديثٍ مرير تخفيه ..
انفتح الباب فجأةً؛ ليرتجف جسدها بقوةٍ بعدما انتهت من وِردها اليومي، لتجده يبتسم بإنتشاء مُقتربًا من مجلسها علىٰ الأرضية فأخذ كتاب الله يقبلهُ، ثم وضعه بجوارها علىٰ الطاولة
مُغمغمًا بخفوت: صدق الله العظيمليوجه نظراته الماكرة لها يقتلعها من النظر امامها بتوجسٍ نحوه قائلًا بنبرةٍ ساخرة: ربنا يقوي إيمانك ياست ورد
أغمض جفونه مُضيفًا بهيام وتلذذ: الله اسم علىٰ مُسمى فعلًا ورد، وأنتِ وردة الجوري بتاعت البيت
رمقته شزرًا ثم بصقت عليه ما بجوفها واشارت نحو الباب قائلة بنبرةٍ تحذيرية: اطلع برا يافريد بدل والله العظيم لهقول لعمي
مسح وجهه من فعلتها المقززة تلك، فامسك بعض خصلاتها المتحررة ليشتم رائحتها قبل أن يُعقب بعتاب زائف: كده برضو ياورد، عايزة تروحي تقولي لأبويا؟
ثم جذبها بقوةٍ من رسغها مُغمغمًا بفحيح: لو طاوعتيني وقولتي موافقة اجيب عيل منك مش هضايقك تاني، بس طول ما أنتِ معاندة معايا مش هسيبك أبدًا
أنت تقرأ
إنما للورد عُشاق
عاطفيةكيف سيكون شعور النهاية السعيدة لشخصٍ اعتاد على أن يخذله الطريق؟ كيف ستكون العلاقات الآمنة بالنسبة لها وقد قضت عمرها مرتجفة متوجسة من القادم؟ وكأن خوفها كأشواك تخدش فوق جروحه المؤلمة. ذهبت بشرودها إلى أمواج البحر الذي غدر بها قبل الوصول لشاطئه،...