الفصل الخامس: الغموض المحيط

3 1 1
                                    

الفصل الخامس: الغموض المحيط

مع انقضاء الأيام في مركز ريدلي، ازداد شعور جاكوب مارتن بأن هناك شيئًا أكثر تعقيدًا مما كان يتصور. المعلومات التي حصل عليها من الدكتورة سارة كولينز أضافت أبعادًا جديدة إلى لغز اختفاء إدوارد كينغستون، لكن الأسئلة ظلت بلا إجابات واضحة.

كان مساءً هادئًا عندما قرر جاكوب أن يأخذ استراحة قصيرة في الحديقة المحيطة بالمركز. كان هواء الجبال باردًا، وضوء الشمس يختفي تدريجيًا خلف السحب، مما أعطى المكان جوًا قاتمًا. جلس على مقعد خشبي، وكان يفكر في المعلومات التي جمعها حتى الآن. لم تكن الأمور تتراكم بشكل منطقي، وكلما حاول أن يرتب الأدلة، كانت تظهر تفاصيل جديدة تؤدي إلى مزيد من الأسئلة.

أثناء جلوسه، سمع صوت خطوات تقترب. نظر ليرى إيميلي هارت، المريضة الشابة التي تم تشخيصها بانفصام الشخصية، تسير ببطء نحو الحديقة. كان وجهها شاحبًا وعينيها تحملان نظرة من الارتباك والقلق.

"مرحبًا، إيميلي. هل كل شيء على ما يرام؟" سأل جاكوب، محاولًا فتح حوار معها.

توقفت إيميلي أمامه، وبدت وكأنها في حالة من الهلوسة أو الارتباك. "أحيانًا، أرى أشياء لا يفهمها أحد. أشياء لا أستطيع وصفها." قالت بصوت خافت، وقد بدا عليها التوتر.

"ماذا تقصدين بأشياء لا تفهمها؟" سأل جاكوب، وقد شعر بأن هناك شيئًا مهمًا تود إيميلي أن تقوله.

"أحيانًا، أرى صورًا ومشاهد لم تحدث أبدًا، لكني أشعر بأنها حقيقية. وأحيانًا أسمع أصواتًا تتحدث إليّ." قالت إيميلي، وهي تقترب قليلاً.

كان واضحًا أن إيميلي كانت تشعر بالقلق، وكانت كلماتها غير متسقة ولكنها تحمل نوعًا من الأهمية. "هل يمكنك أن تخبريني عن أي من هذه الصور أو الأصوات التي تتحدثين عنها؟"

"أنا لا أستطيع دائمًا تذكر التفاصيل، لكن بعض هذه المشاهد تتعلق بالماضي... أشياء حدثت هنا في المركز." قالت إيميلي، وعينيها تنظران إلى الأفق وكأنها تتذكر شيئًا بعيدًا.

"هل تتذكرين أي شيء محدد عن إدوارد كينغستون أو ما حدث له؟" سأل جاكوب، وهو يأمل أن تحصل على مزيد من المعلومات.

هزت إيميلي رأسها ببطء. "هناك شعور بأن شيئًا سيئًا قد حدث له. شعور بأننا جميعًا ضحايا لشيء أكبر منّا."

كان هناك شيء في حديث إيميلي أزعج جاكوب. بدا أنها تعرف أكثر مما تفصح عنه، وأن هناك رابطًا غامضًا بين تجربتها وما يحدث في المركز. قرر أن يعود إلى مكتبه ويبحث عن مزيد من الأدلة.

عند عودته إلى مكتبه، وجد تقريرًا آخر أرسل من الممرضة جيسيكا رايت، تحتوي على تفاصيل حول جلسات العلاج التي خضع لها إدوارد كينغستون. لاحظ أن هناك نمطًا في سجلات العلاج، حيث كانت جلسات العلاج تزداد كثافة في الفترة التي سبقت اختفائه، بما في ذلك إشارات إلى تقنيات غير تقليدية.

بينما كان يراجع التقارير، جاء صوت طرقات على الباب. دخل الدكتور ميلر، الذي بدا مرتبكًا قليلاً.

"سيد مارتن، أحتاج إلى التحدث إليك بشأن طلبك للملفات والتجارب. يبدو أن هناك بعض المعلومات التي لم تكن واضحة في السجلات." قال ميلر، وهو يحمل ملفًا في يده.

"ما الذي تعنيه؟" سأل جاكوب، وقد تزايد اهتمامه.

"هناك جوانب في التجارب التي لم يتم تسجيلها بشكل صحيح. بعض التقنيات المستخدمة كانت سرية جدًا، ولكن يبدو أن هناك بعض التناقضات التي يجب أن نناقشها." قال ميلر، وهو يفتح الملف أمام جاكوب.

تفاجأ جاكوب عندما رأى أن هناك تفاصيل تتعلق بطرق علاج وتلاعب في الذاكرة لم تكن مذكورة في التقارير السابقة. كانت هناك إشارات إلى محاولة التحكم في الذاكرة وإعادة برمجة الأذهان، بما في ذلك تجارب تتعلق بإدوارد كينغستون.

"هل تعني أن التجارب كانت أكثر تعقيدًا من مجرد تحسينات طبية؟" سأل جاكوب، وهو يشعر أن الأمور تتضح بشكل متزايد.

"نعم، ولكن معظم هذه التفاصيل كانت تعتبر سرية. كانت هناك تقنيات قيد التجربة قد تكون تجاوزت الحدود الأخلاقية." قال ميلر، وهو يبدو أنه يعترف بشيء مقلق.

بينما كان جاكوب يراجع المعلومات الجديدة، قرر أن الوقت قد حان للبحث في زوايا أخرى من المركز. كان يعتقد أن هناك مزيدًا من الأدلة التي يمكن أن تكشف عن جوانب أخرى من التجربة، وربما تجد تفسيرًا للتجارب النفسية الغامضة التي تجري خلف الأبواب المغلقة.

وبينما كانت الأمور تتعقد، كان جاكوب على يقين بأن كل خيط جديد يجده سيأخذه إلى أعماق أكبر من الغموض والسرية، ويدفعه نحو كشف الحقيقة التي يكتنفها الظلام.

السراب الداخلي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن