الفصل الثامن عشر: المواجهة الحتمية
دوى صوت الطرقات على الباب بقوة متزايدة، وأصبح الجو داخل الغرفة الخلفية مشحونًا بالخوف والتوتر. وقف جاكوب وجيسيكا أمام الباب، بينما كان جون ما يزال يحاول ضبط جهاز الاتصال القديم، متجاهلًا الخطر الذي يقترب. كانت العيون كلها تترقب ما سيحدث، والقلوب تخفق بشدة مع كل لحظة تمر.
"لا يوجد وقت!" قالت جيسيكا بصوت منخفض مليء بالذعر وهي تلتفت إلى جاكوب، الذي كان يمسك بمسدسه، مستعدًا لأي طارئ.
"علينا أن نصمد قليلًا، جون سيحصل على الاتصال قريبًا"، أجاب جاكوب وهو يركز نظره على الباب.
ثم فجأة، انفتح الباب بعنف، ودخل رجال ميلر إلى الغرفة بسرعة. كان عددهم يفوق توقعات جاكوب وجيسيكا، ولكن جاكوب لم ينتظر حتى يبدؤوا بالتحرك. رفع مسدسه بسرعة وأطلق رصاصة تحذيرية باتجاه السقف.
"توقفوا!" صرخ جاكوب، وهو ينقل نظره بين الرجال بسرعة، محاولاً السيطرة على الموقف.
تجمد الرجال في أماكنهم لثوانٍ، ثم تبادلوا نظرات حذرة. قائدهم، رجل ضخم البنية بملامح صارمة، تقدم خطوة إلى الأمام وابتسم ابتسامة متكلفة.
"هل تعتقد حقًا أن بإمكانك الخروج من هذا؟" قال الرجل بنبرة مليئة بالثقة. "لدينا أوامر باستعادة الملف، وأنتما لن تكونا قادرين على الهروب هذه المرة."
نظرت جيسيكا إلى جاكوب، الذي حافظ على هدوئه. "قد يكون عددكم أكبر، لكن لديكم مشكلة واحدة كبيرة: نحن نملك الأدلة ضد ميلر، وإذا حدث لنا أي شيء، سيتم تسليم الملف إلى السلطات."
ضحك الرجل الضخم قليلاً، وقال: "إذا كان ذلك صحيحًا، فلماذا لا تسلمانه الآن؟"
قبل أن يتمكن جاكوب من الرد، انبعث صوت من جهاز الراديو خلفهم. كان جون قد نجح أخيرًا في الاتصال. "لقد حصلت على الاتصال! الجهات المعنية في طريقها إلى هنا!" قال جون وهو ينظر إلى جاكوب وجيسيكا بنظرة مشجعة.
تغيرت تعابير وجه الرجال في الغرفة على الفور. القائد الضخم نظر إلى جاكوب بعيون غاضبة. "لن يسمح ميلر بحدوث هذا، لن تفلتوا من هنا أحياء."
تحرك الرجال بتهور نحو جاكوب وجيسيكا، ولكن قبل أن يتمكنوا من الوصول إليهم، أطلقت جيسيكا رصاصة باتجاه الأرض كتحذير. "لا تقتربوا!" صرخت وهي ترفع مسدسها نحوهم. كان هذا التصرف كافيًا لوقف اندفاعهم مؤقتًا.
في تلك اللحظة، كان صوت صفارات الإنذار يأتي من بعيد. سيارات الشرطة كانت تقترب بسرعة، وكان الجميع في الغرفة يعرفون أن الوقت ينفد. رجال ميلر كانوا في موقف حرج، يعلمون أنهم لا يملكون الكثير من الوقت قبل أن تصل السلطات.
"لن تكون لديكم فرصة عندما يصلوا!" قال جاكوب بلهجة قوية، محاولًا السيطرة على الموقف.
نظرة القائد تغيرت، وبدا عليه أنه يحاول التوصل إلى قرار سريع. ثم فجأة، أشار بيده إلى رجاله للتراجع. "لن نفعل شيئًا الآن، لكن لا تظنوا أنكم انتصرتم."
ببطء، بدأ الرجال في الانسحاب من الغرفة، فيما ظل جاكوب وجيسيكا يراقبانهما بحذر. لكن القائد لم يكن يخطط للرحيل بسهولة. عند باب الخروج، التفت إلى جاكوب قائلاً: "سنرى كم من الوقت ستتمكن من النجاة بهذه الأدلة."
ثم خرج هو ورجاله من المقهى، تاركين جاكوب وجيسيكا وحدهما مع جون، الذين تنفسوا الصعداء.
***
بعد لحظات، وصلت سيارات الشرطة إلى المكان، واندفع الضباط إلى الداخل. أخذوا جاكوب وجيسيكا على الفور إلى مكان آمن، بينما بدأوا في تأمين الموقع. جلس جاكوب وجيسيكا داخل إحدى سيارات الشرطة، يشعران بأن حملاً ثقيلاً قد أزيح عن كاهليهما.
"هل تعتقد أن هذا انتهى؟" سألت جيسيكا وهي تلتفت إلى جاكوب، عيناها ما تزالان مليئتين بالقلق.
تنهد جاكوب وقال: "لا أعتقد أن ميلر سيتوقف بهذه السهولة. ولكن الآن، لدينا دعم السلطات، ولدينا الأدلة التي ستدينه."
بعد لحظات، اقترب منهم ضابط رفيع المستوى. "نحن على علم بكل ما يحدث الآن، وسنأخذ الأدلة إلى التحقيق الرسمي. سيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة، ولن يتمكن ميلر من الإفلات هذه المرة."
أومأ جاكوب برأسه وشعر بشيء من الارتياح. وأخيرًا، بدا أن العدالة قد بدأت تأخذ مجراها.
ولكن، بينما كانت سيارة الشرطة تتحرك مبتعدة عن المقهى، لم يستطع جاكوب التخلص من ذلك الشعور الذي يلاحقه. كانت هذه مجرد جولة واحدة في معركة أكبر.
![](https://img.wattpad.com/cover/376511380-288-k167265.jpg)
أنت تقرأ
السراب الداخلي
Misteri / Thriller"السراب الداخلي" رواية بوليسية مثيرة تدور أحداثها في مركز أبحاث نفسي نائي، حيث تتشابك خيوط الغموض مع التوتر النفسي. يحاول المحقق جاكوب مارتن حل لغز اختفاء مريض قديم، ليكتشف أن المركز يخبئ أسراراً أعمق بكثير من مجرد اختفاء. بين التناقضات الطبية والتج...