أجابني ببرود:"لقد قلت إنني ألقيتها بعيداً"
رمقني إردان بنظرة متعالية، وقد تجسدت على ملامحه كل معاني الاحتقار، ثم قال بنبرة متهكمة:
"ولماذا عليّ أن أفتش في نفايات امرأة مثلك؟
لقد تخلصت من كل شيء يخصكِ، تماماً كما تخلصت من تلك الأشياء القذرة التي كنتِ تستخدمينها"
ما هذا الجنون الذي يعيشه هذا الرجل؟
هل يعقل أنه ألقى بكل تلك الوثائق التي كانت تملأ المكتب؟ أيعقل أن سيدًا لأراضٍ يتجاهل إدارة ممتلكاته طوال فترة غيابه، ثم يعود ليتحدث بهذه الثقة؟
"من أين أختلستِ الأموال من أراضيّ؟"
وقفت مذهولة من شدة العبثية التي تكتنف كلامه، فيما اقترب إردان مني بخطوات واثقة، ويداه مسترخيتان في جيوبه.
ركل حافة ثوبي بطرف حذائه وقال:
"أوه، هل ارتديتِ هذا الفستان البالي عمداً؟ لتتظاهري بالتقشف؟
من المضحك أن شخصاً مهووساً بالمال مثلكِ يقوم بمثل هذه المسرحية السخيفة"
كنت مشدوهة إلى حدٍ يجعلني غير قادرة حتى على الضحك.
الفستان الذي ارتديته لم يكن يستحق حتى أن يُسمى فستاناً؛ كان مجرد قطعة بسيطة من "ليريبيل" أحضرتها معي منذ ست سنوات حين قدمت إلى هنا.
العمل تحت إمرة بريسيلا، التي كانت تلوثني بالقذارة باستمرار، جعل من ارتداء فستان جديد ضرباً من الرفاهية التي لا أتحملها.
لذا، حتى عندما كان لدي المال، لم أكن أشتري ملابس جديدة.
وبعد أن توليت مهام السيدة المدبرة، لم أجد حتى الوقت الكافي لشراء ملابس جديدة.
رئيسة الخدم، التي شعرت بالأسف عليّ، عرضت أن تملأ خزانة ملابسي، لكنني فضلت أن أنفق المال في إدارة الأراضي، فرفضت عرضها.
بالطبع، كان بإمكاني شراء ملابس جديدة بمالي الخاص، ولكن إذا كنت سأصرف مالي، كنت أريد أن أشتري شيئاً أحببته حقاً، عندما أجد الوقت لذلك.
ومرت سنتان وأنا أؤجل ذلك.
لذا، فإن هذا الفستان المهترئ الذي أشار إليه إردان، هذه القطعة البسيطة، كانت دليلاً على أنني خدمت بريسيلا، شقيقة إردان، بإخلاص، وفي الوقت ذاته كانت شاهداً على تفانيي في العمل من أجل أراضيه.