في ناحية اخرى من نواحي تشيسوك، في منزل يتوسط شارع مزدحم بالمقاهي ومطاعم البرجر، وصخب سكان لندن صباحاً ومساءاً، نهض لوكاس من نومه وهو يعبث بخصلات شعره الشقراء، متجردا من قميصه رغم برودة الجو، الا انه معتاد على النوم بهذا الشكل، ثم رفع الغطاء عن الجانب الاخر من السرير، وتنهد بارتياح عندما لم يجد انثى ترقد هناك، رغم انه يشعر بأنه قد ثمل في المساء، ثم همس بتنهيدة
-يا رجل، اشعر بأنني فعلت شيئاً احمقاً مساء امس، ولكن ماهو؟
ثم نهض من السرير وهو يبحث عن قميصه، فوجده مرميا على كرسي مركون بجانب النافذة، هرع اليه وانتشله، ثم ابعد الستارة عن النافذة قبل ان يهم بارتدائه، فانعكس ضوء شمس الصباح في عينيه الرماديتين، وكان ذلك يبعث الدفء في قلبه، فاحمرت وجنتاه وانشأ يبتسم ابتسامة بلهاء، كان ذلك قبل ان يقطع صباحه المتفائل طرقاً خفيفا على الباب، اعقبه دخول صديقه ويليام، وهو يرتدي ملابسه الانيقة المعتادة، نظر اليه لوكاس بعينان نصف مفتوحة عندما قال وهو يطرق برأسه
-لوكاس، ان السيد ارثر يريد الحديث معك.
تنهد بلا مبالاة، واشار له بكفه ان يخرج
-لا زلت ارغب بالنوم، كم الساعة الآن
وانشأ يتثاءب عمداً، فقال ويليام ببرود
-الثانية عشر ظهراً.
-هاه؟ اتمازحني؟ اتحاول اخباري ان هذه الشمس الجميلة، وهذه العصافير التي تزقزق وتغني، والزهور التي تبعث رائحة زكية في الارجاء، كل هذا الصباح والوقت ظهراً؟
-اخشى ان الجواب نعم، لقد استغرقت في النوم كعادتك.
-اه يال الخيبة، لقد ظننت انني اخيراً تمكنت من الاستيقاظ مبكراً كما يفعل الاشخاص الناجحين.
واغلق ازرار قميصه وهو يتثاءب مرة اخرى
-اظن ان الصباح يكرهني
اعرض ويليام عن الرد وهو يضمر ضحكة، فقال لوكاس بتساؤل
-ولكن، هل فعلتُ شيئاً احمقاً مساء امس؟
-شيئاً واحداً؟
تنهد لوكاس وهو يقضم شفته بانزعاج
-اعني، ليس حماقاتي المعتادة، شيئاً اكثر حماقةً، اكثر حمقا من الحمق الذي اتحمقه كل ليلة.
-مثل ان تستغرق في النوم قبل ان ترحب بجدك الذي جاء كل هذه المسافة من فرنسا ليراك؟
صمت لوهلة وهو ينظر الى ويليام بجمود، وكأنه ادرك ان جده قد جاء ليزوره اخيراً
-جدي هنا، صح، لقد نسيت.
واخذ يعبث بشعره
-ولكنني اظن ان الأمر اكثر حماقةً من ذلك بقليل.
-سيتطلب الامر دهراً ان كنت تنوي تذكر كل الاشياء الحمقاء التي فعلتها البارحة.
-هذه وجهة نظر.
ثم اتجها كلاهما ناحية الباب، فتوقف لوكاس في مكانه، وهو ينظر في الفضاء بضياع، وعندما لاحظه ويليام اقترب منه، فصرخ في وجهه فجأة
-لقد تذكرت.
انتفض ويليام وابتعد خطوة نحو الخلف، عندما انشأ لوكاس يقهقه بحماسة
-لقد تذكرت، لقد تذكرت، لقد قابلتها مساء امس، لقد رقصنا معاً، لا اصدق ذلك، لقد قابلتها.
-قابلتها؟ اي واحدة منهن؟
عقد لوكاس حاجبيه وهو يضرب كتف ويليام
-لا تتحدث هكذا، صحيح انني ارقص كثيراً مع النساء، ولكن هذه المرة، انها مميزة جداً، انها اورسلا ياصاح.
-اورسلا؟
-اجل، اورسلا، لا اطيق انتظاراً على تنفيذ كل ما في رأسي، ساخبرك بكل شيء، اعدك، ولكن ليس الآن، عندما ينتهي كل شيء.
-تأكد فقط ان لا تتسبب في سقوط صاروخ على لندن.
-لا تقلق لا تقلق، الامور تحت السيطرة.
وهرع بحماسة نحو الباب وهو يصرخ
-آرثررر، صباح الخير ايها الجد اللعين، لقد مضى وقت طويل.
YOU ARE READING
أورسلا
Romansaها انا ذا، احلق بين الوديان والجبال، ومن جانبي حدائق لم ارها من قبل، ولكنني لا اختار وجهتي، اسير عكس اتجاه الشمس، ويحملني هذه القطار الى حيث يشاء، الى موضع الأمان الذي لم يكن آمناً يوما. ها هو ذا المسار المقرر لي، اما قلبي، يهوى فكرة الركض والتدحرج...