29ــ دماء الأجداد

24 1 0
                                    

.
.
.
.
.
.
.
.
.

نظرت إلى دراكيا، وقد تبدّل الغضب الذي كان يعتريني بتعبير أكثر هدوءًا. قلت بصوت ثابت: "أريد حماية لوميريال، كما حماني طوال هذه المدة. لكن ليس بالغضب الذي يحرق كل شيء حوله، بل بالقوة التي تبني وتحمي."

كانت كلماتي تحمل في طياتها صدى القرار الذي اتخذته داخلي، قرار ألا أسمح للعواطف المشتعلة أن تعمي بصيرتي. كان دراكيا يتأملني بصمت، وكأنها تقيس مدى جدية ما أقول، شعرت وكأن العالم بأسره ينتظر ردة فعلها.

ضحكت دراكيا بشدة، ضحكة ملأت المكان بصدى ساخر وكأنها تسخر من كل ما قلت. ثم نظرت إلي بعينين تشتعلان باللامبالاة وقالت: "يا لها من عزيمة... لكنها بلا فائدة!"

كانت كلماتها كصفعة باردة على وجهي، لكنها لم تهزني. بل على العكس، شعرت بنار الإصرار تشتعل أكثر داخلي. ربما ظنت أن سخريتها ستضعفني، لكنها لم تدرك أن عزيمتي لم تولد من السخرية أو التحدي، بل من شيء أعمق، شيء لن تستطيع أن تطفئه مهما حاولت.

"سوف نرى، يا دراكيا!" قلتها بثبات بينما شعرت بالقوة تتدفق من أعماقي. ركزت كل طاقتي في يدي، وشيئًا فشيئًا بدأ الضوء يتشكل، ساطعًا وباردًا كنسيم شتاء قارس.

ظهر السيف أخيرًا، أبيض كالثلج، نقاؤه يكاد يسطع في وجه الظلام. كان المقبض على شكل هلال، بلون أسود قاتم، يتناقض مع النصل اللامع بشكل أخاذ. قبضت عليه بكلتا يديّ، وشعرت بثقل القوة التي يحملها، وكأنها امتداد لإرادتي.

رفعت السيف نحو دراكيا، نظرت إلى عينيها الحاقدتين، وقلت بهدوء قاتل: "لن يكون هذا يومك، ولن أسمح لك بتدمير لوميريال!"

بحركة خاطفة، شعرت بالطاقة تتدفق إلى قدمي اليمنى، وتركت الأرض بقوة، متجهة نحو دراكيا كالصاعقة. ركزت كل قوتي على السيف، مدفوعة بعزيمتي لطعنها في الصدر وإنهاء هذا الكابوس.

لكن دراكيا كانت أسرع مما توقعت. بخفة ساحرة، تفادت الهجوم كما لو كانت ريحًا تنساب بين أصابعي. وجدت نفسي أقف أمامها، والسيف قد مر بجانبها دون أن يمسها.

نظرت إلي بابتسامة متغطرسة، عيناها تلمعان بسخرية خبيثة. "هل هذا كل ما لديك؟" قالت بصوت هادئ، لكنه مليء بالتحدي.

"ليس بعد!" صرخت بقوة، وانطلقت بكل عزيمة نحو دراكيا. اشتعل الجو بيننا مع بداية قتالنا النهائي، صوت السيوف المتصادمة وصدى خطواتنا العنيفة يملأ المكان، وكل منا يحاول التفوق على الآخر في مواجهة لا تقبل الهزيمة.

---

في مكان آخر...

كان الملك يمضي قُدمًا وسط الغابة الكثيفة، يداه تحركان الجذوع والفروع الكبيرة التي تعيق طريقه. بملامح متوترة، قال: "هذا مزعج. نحن ندور في حلقة مفرغة ولم نصل إلى أي مكان بعد. والأسوأ... لا أملك أدنى فكرة عن شكل دماء الأجداد التي نبحث عنها!"

ذئبة الظلامحيث تعيش القصص. اكتشف الآن