6_ بقايا الماضي

136 11 4
                                    

.
.
.
.
.
.
.
.
دخلت إلى مكتب الألفا، وملامحي تعكس التصميم. كانت الغرفة مضاءة بشكل خافت، والجو مشحونًا بالتوتر. كان جالسا خلف المكتب، غير مبالٍ بوجودي، منكبًا على كومة الأوراق التي أمامه. دون أن يرفع نظره، قال ببرود:

- ألم تتعبي بعد؟

لم أدعه يتجاهلني هذه المرة. تقدمت خطوة نحو المكتب، وحدقت فيه بعينين مليئتين بالعزم.

- أريد سؤالك عن بضع أشياء فقط.

نظر إليّ أخيرًا، وكأنني كنت مجرد إزعاج صغير يجب التخلص منه بسرعة.

- اسرعي، فلدي عمل أقوم به.

قالها وهو ينظر مجددًا إلى الأوراق، متجاهلاً وجودي مرة أخرى.

لكنني لم أتراجع.

- أين هما والداي الحقيقيان؟

عند هذا السؤال، توقف للحظة. كان الجو مشحونًا بالكلمات غير المنطوقة. رفعت رأسي بتحدٍ، ولم أكن مستعدة للتراجع حتى أحصل على إجابة. شعرت بالانزعاج في صمته، وكأن شيئًا ثقيلًا يحوم في الهواء.

نظر الألفا إلي بعمق، ثم تنهد وهو يدلك جبهته المتوترة، وكأنه يحاول العثور على الكلمات المناسبة لثقل الحقيقة التي سيلقي بها.

- حسناً...

قال بصوت ثقيل مليء بالحزن المكبوت.

-عائلتكِ... ميتة.

كانت الكلمات قاسية وصادمة، وكأنها تمزق الهواء من حولها. التقت خضراوتيه بعسليتي، وكانت ملامحه تلك اللحظة مليئة بالإرهاق، وكأن الحديث عن هذا الموضوع يعيد له ذكريات مؤلمة. شعرت بقلبي ينقبض في صدري، وكأني أسمع الحقيقة المؤلمة لأول مرة.... كنت ارجوا ان يكون مجرد حلم لكن الحقيقة القاسية صفعتني بلا رحمة.

شعرت بوخز الألم عند سماع تلك الكلمات، لكني لم أسمح لوجهي بأن يعكس أي ضعف. كنت أعلم بالفعل أن والدي قد ماتا، لكني لم أكن لأكشف عن معرفتي الخاصة بعد. اقتربت خطوة إلى الأمام، وعيناي تركزان على الألفا، مصممة على الحصول على إجابات.

- كيف ماتوا؟

سألت بصوت بارد، أحاول أن أخفي فيه كل عواطفي، اريد معرفة المزيد عن تلك المخلوقات المخيفة

تراجع قليلاً في كرسيه، وتجنب النظر إلي مباشرة. بدا وكأنه يفكر في كيفية الرد، ثم قال بتردد:

- لا أستطيع الكشف عن ذلك، إنها معلومات حساسة للغاية.

كان الجواب كالصاعقة، مملوءاً بالغموض الذي أثار فضولي أكثر. ولكن حتى في تلك اللحظة، كنت أعلم أن هناك الكثير مما لا يزال مخفيًا، وأن الألفا لن يكشف لي الحقيقة بسهولة كما كنت أظن او آمل...

نظرت للأرض قليلاً، محاولة تهدئة الأفكار التي تدور في رأسي. عندما رفعت عيني من جديد نحوه، كانت عيناي تعكسان حزماً نقياً وتصميماً لا يمكن تجاهله.

ذئبة الظلامحيث تعيش القصص. اكتشف الآن