......
في صباح اليوم التالي، تلقت ليلاف مكالمة من شوكو، صوتها الجاد حمل معها نبأ موافقة المسؤولين على طلبها.
"يمكنكِ الذهاب إلى المكتبة اليوم. سأكون هناك لإرشادك."
رغم الحذر الذي شعرت به ليلاف، إلا أن مزيجًا من الفضول والأمل دفعها للنهوض بسرعة. عندما وصلت إلى المكتبة مع شوكو، شعرت بدهشة حقيقية. الأرفف العالية الممتلئة بالكتب القديمة، والإضاءة الخافتة التي تضفي هالة من الغموض، جعلت قلبها ينبض بسرعة.
"لدينا كل شيء هنا تقريبًا. ما الذي تبحثين عنه تحديدًا؟" سألت شوكو، بينما كانت تميل رأسها قليلاً لتراقب تعبير ليلاف.
فكرت ليلاف للحظة، محاولًة اختيار كلماتها بعناية.
"أريد أن أفهم المزيد عن عالم الشامان... وكيف يمكنني البقاء بأمان هنا."
هزت شوكو رأسها بإيماءة صغيرة وقالت:
"هذا طلب معقول. يمكنك البدء هنا." أشارت إلى رف قريب يحمل كتبًا عن أساسيات الطاقة الملعونة وعالم الشامان.
تركتها شوكو لتبحث بنفسها، لكنها لم تبتعد كثيرًا. بدأت ليلاف تقلب الصفحات بتركيز، عيناها تتنقلان بسرعة بين الكلمات، محاولة إيجاد أي شيء قد يساعدها على فهم هذا العالم الغريب.
لكن وسط هذا الهدوء، شعرت بشيء غريب، وكأنها مراقبة. تجاهلت الأمر في البداية، معتقدة أنه مجرد وهم. ولكن بعد لحظات، اخترق صمت المكتبة صوت واثق ومزعج:
"لم أركِ هنا من قبل. من أنتِ؟"
تجمدت ليلاف للحظة قبل أن ترفع عينيها ببطء. هناك، أمامها، كان يقف رجل طويل القامة، بشعر أبيض لامع وعصابة سوداء تغطي عينيه. مظهره الواثق وابتسامته الخبيثة كانا كافيين لإثارة التوتر في قلبها.
"غوجو ساتورو..." تمتمت بصوت منخفض، لكنها سرعان ما حاولت إخفاء صدمتها.
اقترب غوجو بخطوات هادئة، يضع يديه في جيبيه. وقف أمامها مباشرة، وانحنى قليلاً نحوها كما لو كان يحاول قراءة أفكارها.
"إذا كنتِ جديدة هنا، فهذا يعني أن لديكِ شيئًا مميزًا... أو أن هناك سببًا لوجودك."
شعرت ليلاف أن الحذر الآن هو الخيار الأفضل. عقدت ذراعيها وقالت بصوت هادئ لكنه مشحون بالتوتر:
"أنا هنا فقط لأتعلم المزيد. لا شيء أكثر."
رفع غوجو حاجبًا خلف عصابته، وابتسم ابتسامة واسعة جعلتها تشعر بعدم الارتياح.
"تعلم؟ هممم... يبدو أنكِ تخفين شيئًا. لكن لا تقلقي، أنا أحب الأسرار."
لم تجبه ليلاف، بل عادت بنظرها إلى الكتاب الذي كانت تقرأه، محاولًة تجاهله. لكنه لم يتحرك من مكانه.
"أتعلمين؟ هذه الكتب مفيدة، لكن ما تحتاجينه حقًا هو التجربة العملية."
نظرت إليه بتوجس.
"ماذا تقصد؟"
ابتسم بشكل أوسع وقال:
"بدلًا من قراءة النصوص القديمة، لماذا لا أريكِ ما يعنيه أن تكوني في عالم الشامان؟"
شعرت ليلاف بالريبة من عرضه، لكنها لم ترد أن تثير الشكوك حولها.
"ولماذا قد تفعل ذلك؟"
تراجع قليلاً ورفع كتفيه بلا مبالاة.
"مجرد تسلية. العالم هنا ممل بعض الشيء، ووجودكِ قد يجعله أكثر إثارة."
كانت ليلاف تعلم أن التعامل معه يشبه المشي على حبل مشدود. لكنها لم تكن تملك خيارًا أفضل. أغلقت الكتاب بهدوء وقالت:
"حسنًا، لنرَ ما لديك."
"رائع!" قال بحماس، مشيرًا لها أن تتبعه.
نظرت ليلاف إلى شوكو، التي كانت منشغلة بحديث مع أحد العاملين، ثم تبعته بحذر.
"إلى أين نحن ذاهبون؟" سألته بينما يسير أمامها بخطوات واثقة.
"ستعرفين قريبًا. ثقي بي."
لم يكن لديها أدنى فكرة عما ينتظرها، لكن شيئًا ما بداخلها كان يقول إن هذا الرجل سيغير حياتها، سواء أرادت ذلك أم لا.
Put a star ⭐
أنت تقرأ
ليلة واحده
General Fiction"في زاوية مظلمة من عقلها، كانت ليلاف تعيش في صراع دائم مع ذكريات ماضٍ أبت أن تتركها وشأنها. الألم كان حاضرًا دائمًا، مثل ظلال طويلة تمتد من أعماق كوابيسها. بعد تلك الحادثة، لم تعد ترى العالم كما كان. الرجال أصبحوا تهديدًا، الثقة أصبحت حلمًا بعيد الم...
