..........بعد ليلةٍ طويلة من الاحتفال وتناول الطعام مع الفريق، استلقت ليلاف في سريرها في غرفتها الصغيرة. حاولت أن تغلق عينيها وتغفو، لكنها كانت تشعر بشيء غريب يلتف حول قلبها. كان هناك شيء في داخلها يحاول إخبارها بشيء، شيء كان يمر عبر عقلها كلما ابتعدت عن الأضواء والضوضاء. كانت تحاول تجاهل ذلك الشعور، لكنها لم تستطع.
غرقَت في النوم، ولكن ما رأته كان حلمًا مؤلمًا.
رأت نفسها في غرفة مظلمة، محاصرة بين الجدران الضيقة، وكان الهواء ثقيلًا. شعرت بأن هناك شيئًا غير طبيعي، شيء يضغط على صدرها ويجعلها تشعر بالاختناق. في الزاوية البعيدة من الغرفة، كانت ترى شخصًا يتحرك نحوها ببطء. وجهه غير واضح، لكن كل شيء حولها كان يبدو مشوهًا، وكأن الواقع نفسه كان يتصدع.
ثم، في لحظة مفاجئة، انقض عليها هذا الشخص. كان شعورًا لا يمكنها وصفه، شعورًا بالانتهاك والفقدان. كانت ليلاف تتذكر كل شيء؛ الشعور بالضعف، والوحدة، والضياع، وأصوات الألم في ذاكرتها التي لا يمكنها الهروب منها.
تذكرت وجه أمها، ولكن بصورة مشوهة. كانت ترى أمها تتحدث إليها، لكن الكلمات كانت غير واضحة. شعرت ليلاف بحزن عميق. لم تكن تذكر سوى اللحظات السريعة التي كانت تجمعها بها قبل أن يضطرها الواقع للابتعاد. كانت أمها دائمًا قوية، ولكن كانت هناك لحظات ضعف لا تُرى، لحظات ضاع فيها الأمل، تمامًا كما كان حالها الآن.
ثم، كما لو كانت تلك الذاكرة ثقيلة جدًا على قلبها، تحولت الصورة في الحلم. كانت هناك نافذة صغيرة تظهر من خلالها شعاع من الضوء الباهت. حاولت أن تقترب منها، لكن كلما اقتربت، كان الضوء يتضاءل أكثر. شعرت بأن هذا العالم ليس مكانها. كانت تعرف أنها ضائعة هنا، وأنها ليست في المكان الصحيح.
استفاقت ليلاف فجأة، وأخذت نفسًا عميقًا، كأنها كانت في حاجة إلى هواء نقي. كانت عيناها مليئة بالدموع، لكن لم تكن تبكي. كانت مشاعرها أكثر تعقيدًا من أن تعبر عنها الدموع فقط.
---
في اليوم التالي، كان غوجو قد أرسل الفريق لمهمة جديدة. لكن ليلاف لم تكن تفكر في المهمة، بل كانت تفكر في شيء آخر. كان هناك شعور قوي في داخلها، يدفعها للبحث عن إجابات. كانت تشعر بأن هذا المكان الذي وجدت نفسها فيه ليس مكانها. كان حلمها قد أثار في داخلها شكوكًا أكبر، وجعلها تشعر بأن هناك شيء غير طبيعي.
بينما كان الفريق يتجه إلى المكان المطلوب، قررت ليلاف أن تتوجه إلى المكتبة مرة أخرى. كانت هناك حاجة في قلبها للمزيد من المعرفة، وأشارت في ذهنها إلى فكرة واحدة فقط: العوالم الموازية. إذا كانت هناك أي طريقة للخروج من هذا العالم الوهمي، يجب أن تكون هناك إجابة في الكتب.
دخلت المكتبة مرة أخرى، وذهبت إلى القسم الذي كانت قد تجنبته في المرة السابقة. كان المكان هادئًا جدًا، على عكس الأجواء المشحونة التي شعرت بها خارجًا. بحثت بين الرفوف، تبحث عن شيء يطمئنها أو شيء يمكن أن يشرح لها ما تمر به.
شوكو إيري كانت قد أخبرتها عن المكتبة. لكن ليلاف شعرت أن هناك شيئًا مفقودًا. شيء أكبر من مجرد الكتب أو النصوص. كانت تفتش في الكتب القديمة، العتيقة، الكتب التي تتحدث عن العوالم الموازية، عن طرق الانتقال بين العوالم.
وجدت في النهاية كتابًا صغيرًا في زاوية مظلمة، وكأن هذا الكتاب كان ينتظرها. كان عنوانه غامضًا جدًا، "البوابة بين العوالم". فتحت الصفحة الأولى، لتكتشف أنها مليئة بالكلمات الغامضة والرموز التي لا تفهمها. ومع ذلك، كانت هناك بعض الأفكار التي كانت تلمس شيء في قلبها. كل كلمة كانت تعيد إليها شعورًا غريبًا بأنها قد تجد طريقًا ما للخروج من هذا العالم، حتى وإن كان كل شيء يبدو ضبابيًا.
---
لم يمر وقت طويل قبل أن يكتشف غوجو غياب ليلاف. شعر بشيء غريب. كانت لديه إحساسٌ بأنها بدأت تبتعد، ولكن لم يكن يعرف السبب. كان يراقبها عن كثب في الفترة الأخيرة. تلك الفتاة التي أصبحت جزءًا من الفريق بشكل غير متوقع، بدأت تظهر ترددًا، وعزلة أكثر.
عندما التقى بها أخيرًا، شعر بشيء مقلق في نظرتها، شيء كان لا يمكن تجاهله. لكن، مع ذلك، لم يجرؤ على السؤال مباشرة. كان لديه ذلك الخوف العميق في قلبه. كان يخشى أن يعرف سبب انعزالها، لأن ذلك يعني أنه سيضطر للتعامل مع شيء لم يكن مستعدًا له.
بينما كانت ليلاف تغادر المكتبة، لم يكن غوجو موجودًا. لكنها شعرت بذلك التوتر في قلبها. كان غوجو يقف في مكان بعيد عنها، يراقبها بصمت. لم يكن يعلم ما الذي يدور في عقلها، لكنه كان يعلم أنه سيضطر يومًا ما إلى مواجهتها.
لكن ليس اليوم.
...........
Put a star ⭐
أنت تقرأ
ليلة واحده
General Fiction"في زاوية مظلمة من عقلها، كانت ليلاف تعيش في صراع دائم مع ذكريات ماضٍ أبت أن تتركها وشأنها. الألم كان حاضرًا دائمًا، مثل ظلال طويلة تمتد من أعماق كوابيسها. بعد تلك الحادثة، لم تعد ترى العالم كما كان. الرجال أصبحوا تهديدًا، الثقة أصبحت حلمًا بعيد الم...