"تراك أنت .. نور يضيء كل لوحة تمر بها، فتبدو الأضواء الموجهة نحو اللوحات، وكأنها موجهة نحوك.. وكأنت كنت اللوحة الأصلية."
وجهة نظر الراوية.
القاعة شاسعة، الناس مجتمعون، أضواء ساطعة مسلطة علی لوحاتها الفنية التي ينظر اليها الغرباء بمختلف الملامح، يحكمون عليها كما يشتهون، ويفسرونها كما يشتهون. كيف من المفترض أن تشعر يا تری، وكل مشاعرك وأحلامك المدفونة، كل هزائمك وانتصاراتك، كل الوجوه التي تحبها والتي أثرت فيك يوما، معروضة -بل مفضوحة- محاطة بإطارات أنيقة، معلقة في غرفة واسعة للفرجة؟
هل كان هذا سبب كل التوتر من طرف أرلينا؟ التي كانت واقفة تعبث بطرف فستانها القصير، ذو اللون الذي لا ترتدي سواه إلا نادرًا، تبتسم بأدب لهذا، وتجامل تلك، وهي تنظر إليهم يحكمون علی جروحها التي غطيت بعناية بضماد الألوان وظللت لتضييع ملامحها، ذلك الرجل الأنيق ذو البدلة يريد شراء لوحة، كيف يمكنها أن تبيع قطعة من نفسها؟
تنهدت بعمق، عليها أن تتعقل، هذا ما يفعله الفنانون، يبيعون لوحاتهم، ألا يمكنها ببساطة أن تفعل نفس الشيء؟
لقد كان لوك يأتي ويذهب مع صديقته المقربة سيلينا، إضطرت أرلينا التوسط للأمن عدة مرات بسبب إزعاجهما ولكن عندما زاد الأمر عن حده طلب منهما الذهاب، خرجا هكذا متوعدَيين بالعودة وتعكير صفوة المكان، بالرغم من ذلك نجحا في تخفيف توترها وإضحاكها.
كانت بطلتنا أنيقة الليلة، هذا ما أخبرتها إياهُ المرآة، بفستانها الذي يعطي فكرة عن فتنة جسدها، وتبرجها الذي وضعته بعناية، أما شعرها، فقد أرادت أن تفعل شيئًا مثيرًا به قبل المعرض، فصبغته بلون أرجواني متمرد مثلها، لم يعد شعرها الطويل بلون الشوكولا، بل أصبح بلون المغامرة.
ولكن القاعة لقد كانت فارغة، كانت فارغة منه هو. لقد كانت تريد أن تراه، الساعة إجتازت السابعة بست الدقائق بالفعل ولم يأتِ بعد، ولم تكن هي من يَعُدُ الدقائقَ، ولا كانت من يهتم بالمواعيد، تُراها أيضًا بدأت بالغرق؟
ولكنه وصل، وصل أخيرًا بعد عشر دقائق، وتغير جو الغرفة، وكأن كل الهواء سحب وأستُبدِلَ بآخر مألوف،كأنما كانت تعرفه من زمن آخر، وكأنها أحبت رجلًا مثله في زمن آخر مضی، وكأنها مستعدة أن تحب رجلًا آخر يشبهه بالضبط في زمن عليه أن يأتي، وكأنها تحب رجلاً مثله الآن في هذه اللحظة.
المهم أنه وصل، أنيق كما لم تراه المرة السابقة، بشعر هو أيضا غير لونه لاللون الفضي، وقميص مثير للإهتمام عليه نوع من الرسومات الفنية الملونة بطريقة غريبة، تقدمت منه بابتسامة متحمسة، وكأنه الشخص الوحيد اللذي تحب أن يری لوحاتها.
"ظننت أنك لن تأتي أبدًا، تسعدني رؤيتك" إعترفت أرلينا بشيء من الخجل وإبتسامة جانبية محببة.
أنت تقرأ
إبن القمر.
Mystery / Thriller"أنظر إلى عيني، أخبرني بكل تلك الأكاذيب الوردية، إحك لي عن كيف ستبني لي بيتا صغيرا من أشعة الشمس لا يدخله أحد سوانا، أخبرني عن تلك المرة التي إستمعت فيها الى معزوفة من بين أيدي النجوم، أو عندما شربت كأسا قرمزيا من يد القمر. أمسك بيدي، وجرني الى الج...