Chapter 12

950 65 29
                                    

وجهة نظر الرواية//عام 2005

سماء رمادية حزينة، أشجار طويلة، موحشة، تعكس كآبة سكان ذلك المكان، أرجوحة باهتة عليها جثة صغيرة، لفتى أكبر من عظامه، أوسع من حدود جسده الهزيل.

زين الوحيد ذو التسعة أعوام والطفولة المبتورة، هو الفتى الوحيد في المتيم الواسع الذي ليس لديه أصدقاء، أحيانا عندما يكون زين جالسا لوحده على "أرجوحته" يحاول ملاحظة طفل آخر يجلس لوحده، فقط ليشعر بأنه ليس مختلفا كثيرا عن الآخرين، على الأقل ليس هو فقط دون أصدقاء.

أحيانا يضرب حظه ويجد طفلا آخر وحيدا، في العادة يكون فتى نحيلا بشعر مجعد. يجد في هذا الأمر بعضا من الراحة، كم هو عجيب ذلك الفتى.

"زين! زين!"
سمع زين بعض الهمس الحاد من خلف السور، هو يعرف هذا النداء جيدا، آخر لقاء لهما لم يسر على ما يرام، ولكن زين يحب أخاه.

إنسل زين خلف الأشجار وتسلق السور المنخفض، لم تكن الرقابة شديدة على ذلك الميتم، مما كان يسمح للماكر الصغير من التسلل خارجا في أي وقت. هبط زين على مؤخرته بطريقة غير لطيفة مما جعل أخاه يقهقه ساخرا "كيف تريد أن آخذك معي وأنت لا تعرف الهبوط حتى"

"جلال!"

"في خدمتك. هل تشعر بالجوع؟"

...

وهكذا كان الأخوة في مطعم زين المفضل على المائدة بجانب النافذة والسماء تبكي كعادتها في هذه الفترة، لطالما أعتقد زين أن الملائكة تقطر فوق الغيوم، لعل المطر ليس سوى بكاء الملائكة حزنا على حال بشر يهلكهم الطمع والسادية التي خلقو بها، هم البشر كائنات مصنوعة من الخطايا، لا يتغيرون.

يؤمن جلال بالله، ولكنه يؤمن بأنه لم يخلقنا سوى لنتعذب وليتسلى بنا، وضع بنا من الصدق والكذب ما يتساوى، من الطيبة والشر، الأمانة والخيانة، الحب والكراهية، ما يتساوى. وأصبحنا ساحة معركة غير رحيمة تتصارع فيها الأضداد حتى الموت. حتى موت البشر. 

نظرته التشاؤمية المتمردة للحياة ليست سوى نتيجة لما عاشه.

"لم تخبرني ما خطب عينك؟" سأل زين للمرة المليون وتنهد جلال بإنزعاج.

"وقعت عليها"

"أنت تكذب. تكذب علي الآن. ألا تخاف النار؟"

ضحك جلال"ومن يزرع في رأسك هذا الكلام؟ نار الآخرة لا وجود لها. النار هنا فقط زين عزيزي، ونحن نعيش وسطها"

لم يفهم زين كلمة مما قاله جلال، فقط إستنتج أن جلال تورط في مشكلة مع "أصدقائه" كما يدعوهم جلال، أي نوع من الأصدقاء يفعل هذا؟

"جلال متى ستأخذني معك؟ أكره ذلك الميتم الرمادي" زين كثيرا ما يستعمل الألوان لوصف الأشياء، أحينا يضحك جلال ويخبره أنه مشروع رسام.

إبن القمر.  حيث تعيش القصص. اكتشف الآن