لقد مضت أيام على الحادث، كنت فيها على أشد ترقبي، أنتظر شيئا لا أعي عمقه ولا اعلم ماهو بالضبط، كانت مخاوفي تبتلعني ببطئ، لم اكن أخرج من المنزل، لم ارد على الهاتف، ثبتت الشرطة كاميرا مراقبة خارج شقتي، وجهاز إنذار، كما ثبتنا حمايات حديدية على النوافذ.
كنت أشعر وكأنني سجينة، لا لم أكن سجينة في منزلي فقط، الأمر أعقد بكثير، شعرت بأنني سجينة جسدي، لم يكن قفصي الصدري سوى قضبان لقلبي الذي يحاول بيأس الهرب، لقد كان جلدي الخاص حائطا يمنع الشمس عني، لقد كان عقلي جحيما، ساحة معركة حيث كانت ملائكتي وشياطيني تتقاتل دون رحمة، لقد كنت الخاسر الوحيد، والضحية الوحيدة. أنا.. .أنا سجينة جسدي.
مخاوفي تنفضني، تأكلني من الداخل، تغرقني دموعي الباردة وأكافح دون أمل للوصول الى السطح، الى متى سأبقى دمية خشبية في يد القدر؟ الى متى سأبقى لعبة من الورق، يتسابق الجميع على رميها بأعواد الثقاب؟
كنت حزينة كسماء ممطرة، غاضبة كعاصفة، وحيدة كمحيط.
بعد ثلاث أيام على إقتحام شقتي، قبل ثلاث أيام من إغلاق المعرض، كنت جالسة خارج مقهى على الرصيف المقابل لباب المعرض الزجاجي، مستغرقة في شرب قهوة مرة كنت قد أضفت بعضا من الفودكا داخلها. عندما... عندما صدمت وزادت نبضات قلبي من المنظر الذي رأيته أمامي.
لا أعلم متى بالضبط ولكن شعرت بدمعة صغيرة تسير على خدي. فقد لمحت ذلك الفتى الذي لا يوقفه أحد يدخل معرضي، نفس ملامح الماضي يا الهي، نفس البشرة البرونزية التي كانت تشابه خاصتي، نفس الشعر الداكن المبعثر، والعينان التان تقيمان بين درجات الخضار والعسل، أنه هو. توملنسون.
ضحكت وغطيت فمي بيدي قبل أن يظن أحد أنني مجنونة، ثم ركضت بسرعة لأثبت جنوني هذه المرة، نحو المعرض، وقبل أن يكون المسكين قد إستوعب ما يحدث، قفزت على ظهره وتعالت ضحكاتي ولأنه أعتاد علي أمسكني من الخلف وصوت ضحكه يكمل المعزوفة.
"أيتها الحقيرة كيف تجرؤين على النجاح من وراء ظهري؟ معرض؟ مرة واحدة؟!"
قضمت على شفتي السفلية "لقد أستطعت أن أنجح لأنك لم تكن هناك لتعكر فني"
رفع حاجبا "أعكر فنك؟ لوحة الفتى الوسيم هناك تقول العكس" قال وهو يشير الى لوحته.
هززت كتفاي دون إهتمام "ما الذي جاء بك الى هنا؟ أنت لست مرغوبا هنا"
كان على وشك أن يصرخ بأنني قفزت عليه ولكنني غطيت فمه بيدي، مقهقهة أردفت "أصمت! كيف عرفت بأمر معرضي؟"
قال وصوته مختنق من يدي "اعلاناته في كل مكان على الإنستاغرام. كيف لم تخبريني؟"
"ولكن لا املك رقمك!"
"اعذار... اعذار" قال لوي بتململ وقد بدأ التجوال، طبعا بعد ان انتزع مني قهوتي دون خجل.
أنت تقرأ
إبن القمر.
Mystery / Thriller"أنظر إلى عيني، أخبرني بكل تلك الأكاذيب الوردية، إحك لي عن كيف ستبني لي بيتا صغيرا من أشعة الشمس لا يدخله أحد سوانا، أخبرني عن تلك المرة التي إستمعت فيها الى معزوفة من بين أيدي النجوم، أو عندما شربت كأسا قرمزيا من يد القمر. أمسك بيدي، وجرني الى الج...