في بيت زوجي !!

2.7K 232 98
                                    

ما سكن الظلام ليلةً سيبصر النور صباحاً ، و ما جهل عن الناس يوماً سيعرفونه ساعةً ، و ما دس في التراب ستخرجه مواقف الزمان ، و ما غطيت به الستار سينكشف و الموعد ليس بعيد ..

كررتها مذ لمست تلك اليد المشوهة بالحروق ، رددتها بين زوايا السكون متذكرةً تلك الكلمات ، مضغت لفظها بين النواجذ متلهفةً للحظة التي ارفع صوتي  بها .. 
توقف في حديقة بيته ، قال في السيارة بيت متواضع و ما رأته عيناي قصرٌ من قصور هامان ..
حديقةٌ واسعة تتعمد الطريق الحصوي فيها مصابيح شاهقة ، و على مد البصر تلمح خضرة الارض التي يغشاها الظلام و يحرس حدودها من النور المتطفل ..
و شرفةٌ تحتوي على جلستين عن اليمين و عن الشمال ، قبل الباب و بعد الدرجات الثلاث ، كأن كلا منهما مرآةٌ للاخرى تعكسان بعضهما بدقة تثير الريبة ..

نزل من السيارة مسرعاً بعد التوقف امراً : لا تنزلي ..
ثم نزل ركضاً الى الباب و فتحه لي : تفضلي سيدتي ..
نزلت و انا اتصفح تلك الملامح الملائكية بنظرات تخزقها بالشك و الغموض ، " ما بإصبعك ، و ملمس يدك ..  هل ستشفع وسامتك لك ؟؟ " بتساؤلات بيني و بين ذاتي ..
اغلق الباب و ارسل بصره عالياً بإبتسامة طموحٍ و فخر قائلاً : تعبت حتى حصلت عليه ، بيتٌ استطيع القيام بعملي فيه و التنعم بحياتي ايضاً ، اليس هذا امرٌ رائع ؟؟
فأرسلت بنظري حيث ارسل خاصته ، فراودتني كثيرٌ من الافكار حوله ..
تساءلت و كلي ريبةٌ  " لماذا هو مظلم ؟؟ ما هذا الهدوء العظيم ؟؟ " ..

فتقدمني و السعادة تغمره ، فتح لي الباب ثم اضاء الانوار ، فدخلت ..
صالةٌ عظيمة بثريا ضخمة تتدلى بمصابيحها من السقف الشاهق ، درجٌ كبير واسعٌ يقف امامي مباشرة ، ما على جانبيه مظلمين جداً ، كيف صعب على النور ان يتسلل فيهما ؟؟ لا اعرف ..
اشار لليمين مخبراً انه المطبخ ، و ما زاد من شؤم تساؤلاتي عدم اخباري عما يسكن في غيهب اليسار ، حتى الباب لا يكاد يُرى من ظلمته ..

اخذ بمرفقي و لف رسغه حوله ، و سار بي الى الطابق العلوي ..
ما على اليمين تفترشه اللجة و ما على الشمال كان مضيئاً ، لا تحسبوا قولي مضيء اعني بالنور الساطع ، بل كانت خافتة ..
قادني في تلك الممرات الى حيث اخذني المرة السابقة ، اكان قبل البارحة ؟؟ اليوم الذي  حسبتني فيه قاتلة ..
ولج بي الى تلك الغرفة ذات السريري الزوجي ، اذكرها و اذكر كل قطرةٍ ذرفتها هنا ، كم هذا مثيرٌ للسخرية ..

دخلتها و السماء بثوب السهر قد تزينت و لمع بثوبها النجوم المتلألآت ، و زينت عنقها بقلادة ذات بدرٍ لم يصعب على الاعمى ان يبصره ، لم يكن متأخراً كما الان و لكن اتفق كلا اللقائين على ان ازور هذه الغرفة على مشهد القمر ..

فتقدمت الى السرير و جلست و قد بدأ دوار الجوع و الارهاق و قلة النوم يفرك شعري و دماغي ، رأيته يفتح ذلك الدولاب الكبير مجدداً و يعبث بالثياب داخله كما فعل بالمرة السابقة ، و مجدداً اخرج لي ملابس منها و له ايضاً ، ثم اقترب مني و ترك ما لي في حضني و جلس مراقباً شحوب وجهي و سأل : دوارٌ شديد ؟؟

من صقيع الخوف تُروى حكايةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن