~: هروبٌ فاشل :~

2.4K 205 56
                                    

لا انكر ..
التواجد قرب هذا الساحر يشعرني بالطمأنينة رغم هول ما يخفيه ..
كما لا انكر ..
القربى منه ينتج عنها القربى كذلك إليهم ..

في ذلك الليل الفقير من الراحة جلست خلف نافذة السيارة ، اتأمل الشوارع الخاوية من الحركة ، و ظلال اعمدة المصابيح قد اتخذت التناوب في المرور على نافذتي ، حتى اذا خرجنا في الغابة حولت عيني عن الشجر المعوج ، و الغصن المتهشم ، حولته عن عدسة الخوف الغابي الى عدسة الريبة القارصة ..

كان ينظر في المرآة الى المقاعد الخلفية ، و بعينه شرارات غضب و انفاس اللهب لا تريح رئتيه من الاحتقان ، تارةً يهدئها حين ينظر الى الطريق ، و تارةً يشتعل اذا نظر عبر الزجاج العاكس المعلق امامه ..
فصرت الوي عمودي الفقري للخلف ، لعل للمحةٍ خاطفة حظٌ معي ، هل حقاً اطمح بأن يكون لي نصيبٌ مما يراه ؟؟.
و عندما يطول بي الالتواء ، يمسك بكتفي و ينبهني بإبتسامةٍ آمرة : ان قومي ظهرك و صححيه ..
فأطيع بلا معصية ، و ارتخي حيث أُمرت ، دون أن احكم العين الزائغة إليه ..

و بين ثوانٍ عدة ، و لحظات تعض اظافير الدقائق ، يبرز بيننا الصوت الغاضب الشاذ عن هدوء الموقف : اخرسي و الا !!!
فيتلوث الأمان الابيض ، ليختلط بإسوداد الظنون ، و عندما يحن الهائج على مظهري المنكمش ، يرسل يده المشوهة ، يداعب بها خدي و يطبطب على كتفي ، حتى يستلم ابتسامة الرضا من ارنبه المرتبك ..

و بعد الإرتجال من سيارته و الايواء الى الغرفة ، عاد بي الارتباك دقائق قليلة لما ارتأيت ملابسه معدةً جاهزة ، ان هذا يدعو للتساؤل " هل خرجنا سويةً من هنا ؟؟؟ " ..
و كما اعتاد عند اشتعال الاضطراب بي ، يتقدم إلي مقبلاً الجبين ، و يغدقني بتلك الإبتسامة الملائكية الى ان يستلم مني الرضا ، و قصد الحمام حاملاً بيده الملابس ..
جلست على السرير العظيم ، وحدي ملبدة الفؤاد بغيوم الماضي المتسلسلة احداثه ، أصارع ذاكرتي العابثة بأشرطة الظلام و الدخان الرصاصي ، هل سينتهي بي الامر قتيلة ؟؟

و هل كان الجواب أصوات إحتكاك و رنينٍ شديد ؟؟
نظرت الى الباب الذي يفصلني عن فارسي ، ألا يسمع هذا ؟؟
انتظرت إغاثةً منه ، سؤالٌ عن هذا الإزعاج .. قيس ؟؟
صوت المياه المتدفق كان رداً قاطعاً عن عدم الخروج !! ما زلت زوجةً على الورق .. أنا سيدة هذا البيت ..
لا تهزأوا بي إنها مخالجات المسؤولية ..

تركت مقعدي و اتخذت مشطه الحديدي سلاحاً باليسار، فكرت بالعطر و لكن ماذا لو لم اضغط الزناد في الوقت الصحيح ؟؟
فتحت الباب كما اللص في هدوء تام ، و على اطراف الاصابع خففت الضغط في تقدمي ، وقفت امام تلك الظلمة لربما الصوت من تلك الغرفة صادر ، آمل ألا أكون على حق ، و حمداً لله الصوت قادمٌ من الأسفل ..

من صقيع الخوف تُروى حكايةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن