شمسٌ تغيب لتركضني خارج البيت كالمجانين ، و اضواءٌ مضاءة و بعيني هي مطفئة ..
كدت اصل اليه لولا تواجدها ، لم تكتفي بتعكير صفو خطتي بل ايضاً نادت ابي و ورطتني معه ..
ها انا ذا بعد هروبي منه اجلس تحت هذه المياه الجارية و ما زلت بزي المدرسة ، مطأطأة الرأس افكر فيما حدث و ما سيحدث ..
لم يكن جلوسي هناك و اهداري للمياه عبثاً و شروداً ، بل كان الهاءاً و عذراً ، فبالرغم من طرقاتهم المتوالية كنت اجيب بالانشغال و انا اختلس النظر للسماء متسائلة : آأعلنت الشمس امتطاءها السماء بسرج الصبح او لا تزال نائمة في خدرها ..انا لا احب تقمص شخصية الفأر بينما هم القطط ، و لا اريد ان اكون قطاً لاقطع على انياب الكلاب ، فإن لم اكن فأراً او قط فحتماً انا من خشائش الارض التي ستأكل من قبل القط ، هل بدأت ارسم شبكةً غذائية للحيوان ؟؟
ااخ الاحياء و العضوية ، لقد تأثرت حتماً ..وها هي الشمس بزغت بضوئها معلنةً بداية يومٍ جديد فكان علي الانتظار حتى تغيب اصواتهم و تسكن ، فغيرت ملابسي و خرجت كاللص على اطراف اصابعي حتى بلغت غرفتي ، اخذت المال و ما قد احتاج للمكوث بعيداً لعدة ايام ، اردت الهروب و لكن .. لا املك بطاقة هوية خاصة بي !! اذ ان عمري اصغر من ان يسمح بذلك ..
القرار صعب و لكن وجب علي التماسك ، وجب علي التشمير عن ساعدي و المضي في هذا ، ما الفرق ان كنت بينهم او لا ؟؟ ان كنت معهم فأنا اتعذب بصمت و ان رحلت فسأتعذب بصوت ، ايهما اشد ؟؟ ايجب علي حقاً ان اعرف جواباً لسؤالي ؟؟
تركت تلك الحجرة خلف ظهري و مضيت قريباً من بابه ، فباغت توتري و حرك اعصابي روحه الصامتة الهادئة الملتصقة بالباب ، آيراقبني ؟؟ أيعرف ما انوي القيام به ؟؟ عذراً يا مرعبي لن اتمكن من البقاء بعيداً لمدةٍ طويلة ، انت بكل دقة من لا يمكنني التواري عنه ..
شددت قبضتي على تلك الحقيبة و خرجت مسرعةً و حين اطمأننت بعدم ملاحظة اياً منهم او الجيران ارتديت الحقيبة بالشكل الصحيح و ركضت مسرعةً الى حيث لا اعلم ، الى حيث ما ظننت انه يحوي الحرية ، لم اكن على درايةٍ بما يخبؤه لي هذا اليوم المشؤوم ، تطلعت كثيراً لشروق الشمس و انا اجهل ما سأقدم عليه ، و ها انا ذي اتطلع ليومي هذا دون درايةٍ بأن مغيبها سيأخذ شيئاً معه ..
شيءٌ قد لا يعود ..لا ادري ما الذي كان يختلف فيه اكسجين هذا المكان عن اكسجين المدرسة و البيت ، نفس ذرات الهيدروجين و النيتروجين و كذلك الاكسجين !!
لكن الهواء منعش هنا فكنت امشي و احاول ملء رئتي بهذا الهواء المختلط برائحة الخبز اللذيذ المعد في التنور اححح ، فجريت تجاهه و حجزت اول المقاعد و رفعت يدي عالياً و بها مبلغٌ زهيد و انا اصيح :
خبز لذيذ ..
التفت الي الخباز ضاحكاً : الستي ابنة منصور ؟؟
شعرت بتوعكًٍ حين ذكر اسمه : من .. من هذا ؟؟
فسعل المسكين : ل.. لا احد ..
- خبز لذيذ ، شهي و بروتين ، اا .. اعني كربوهيدرات ..
فضحك بصوتٍ عالٍ و قدمه مع العدس الساخن ، و الفول المعد في الجرة ،اممم بالرغم من لذته فهو ليس كمثل طعام البيت ، و بما انني انهيته حان وقت زيارة افضل مكان في هذه البلدة ..