Part 7

2K 127 5
                                    


Part 7
خرجت إلى شعبها بابتسامةٍ فاتنة، وقد ارتدت فستاناً أرجوانيَ اللون، تركب فوق حصانٍ أبيض، ومن خلفها كان خطيبها ببدلته البيضاء مذهبة الأطراف كلون شعره، يمسك بسياج الحصان، يقوده إلى وسط الشوارع بين زحام الشعب الذي زيّن الطُرق بالأزهار وأعدّ أطيب المأكولات وارتدى أبهى الحُلل احتفاءً بهذه المناسبة السعيدة، هكذا تقتضي العادة عندما يتزوج أو يخطب أحدٌ، سواءً كان من عامة الشعب أو من طبقة الأغنياء أو الأمراء..
تعالت الأصوات وتزاحمت المباركات:
- مبارك أيتها الأميرة كيت.
- تبدين جميلةً جداً أميرتنا العزيزة.
- ستنعم أورتيرا بسلامٍ جميل!
- أهلاً بك في عائلتنا جلالة الأمير ألكساندر.
التمعت عينا ألكساندر النيليتين بفرحٍ لا يوصف، ها هو ذا يرى مرأى العين حلم حياته يتحقق أمامه، همس بخفوتٍ دون أن تفارق الابتسامة الفاتنة تلك ثغره:
- أخيراً!.. لن أستمر بتخيل هذا اليوم أكثر..
أردف:
-كان أسهل مما توقعت، حمداً لله لم تقف المصاعب أمام حب حياتـ..
أدارت كيت رأسها نحوه وفي تلك الأثناء، تفاجأ فصمت فجأة.
قالت وقد كان التساؤل بادياً عليها:
- هل تحدثت إلي؟
بحركةٍ آليّة حرّك رأسه نافياً.
زاد الصراخ والتصفيق فجأة عندما ظهر أربعة أمراء على أحصنةٍ بنيّة بابتسامتهم الوديعة يمشون رافعين رؤسهم بثقةٍ وفخر.
يتقدمهم جورج الذي ضم شعره البني بشريطةٍ فضيّة كلون زخرفة ملابسه البيضاء يليه زاكس ثم مايك وأخيراً جون كـ ترتيبهم في عائلتهم اسطفّوا بلباسٍ موّحد، جعل منهم محط أنظار الجميع تاركين ألكساندر وكيت اللذين ضحكا فور رؤية الجميع ينصرفون من حولهما:
- يبدو أنه تم التخلي عنا -يقول ألكساندر
توافقه كيت الرأي ضاحكةً:
- أجل، فلنمضي لقد سرق أولائك الأربعة أضواءنا
- المفترض أن نظهر بعدهم، أليس كذلك؟
تجيب ضاحكةً:
- أجل بالفعل!
لم تلبث تلك الضحكة أكثر حينما قال ألكساندر:
- أتمنى أن تبقي هكذا أيضاً عندما نزور كاميليا اليوم.
اعتلت الصدمة تقاسيمها:
- سنزور كاميليا؟!!
تعجب من ردة فعلها.. أومأ برأسه بينما تبدلت ملامح كيت تماماً، أخذت طاقتها السلبية التي كبحت جماحها في الأيام الماضية تظهر ..
رددت داخل ذاتها بشيءٍ من الانزعاج:
-"كاميليا أيضاً!، وعلى ظهر حصان!.. لا مكان للراحة ألا يستطيعون جعله غداً؟ تباً!! ما دخلي بشعب كاميليا؟!! إذا تزوجت سأذهب هناك!"
أخذت تشتم وتشتم بأنانيةٍ في داخلها، ناسيةً بأن وجهها المتجهّم يفضح كل ما تفكر به...
في تلك الأثناء حيث كانت الشمس توشك على الغروب، وشعب أورتيرا لازال يحتفل ويغني مبتهجاً، كان وجه ألكساندر مبهوتاً.. بدا مهموماً فجأة، وهو قبل دقائق كان سعيداً تملأ البسمة شفتاه، يتذكر ردّة فعل كيت عندما ذكر كاميليا وكيف تلاشت ابتسامتها، وتجهمت ملامحها، تساءل في نفسه:
- " هل يمكن أن تكون مرغمة؟! مثّلت بأنها تتقبلني لأجل والديها مثلاً؟ لا! لاتبدو كمن يستمع لكلام الآخرين!"
قطع تفكير ألكيس صوتٌ رجولي عالٍ جاء من خلفه:
- ما الذي تفكر فيه! سوف تصطدم بعمود الدكان! .. -صرخ: انتبه أمامك!
- آآآآآه
صرخت كيت وأغمضت عينيها، بينما شد ألكساندر لجام الحصان متحكماً فيه حتى صوّب اتجاهه، وعاد يمشي مستقيماً في الطريق.
أدارت كيت وجهها ناحية ألكساندر لتقول معاتبةً:
- ما الذي كنت تفكر فيه؟ لدرجة تجعلك لا ترى أمامك!
نظر إليها ببرود، لأول مرة يتحدث معها بهذا الشكل:
- وما الذي كنتِ تفعلينه كي لا تنبهيني؟ أتفكرين بكاميليا؟.. هل بالمصادفة! أُرغمتِ على قبول هذه الخطبة؟
تفاجأت تماماً من أسلوبه، بل من كلماته حتى!، أخافها ذلك وبلا شعورٍ بدأت تبرر وقد بدا عليها التوتر والخوف:
- لا.. لا أبداً! ما الذي تتحدث به؟! لم يرغمني أحد.. ذ..ذلك ليس من طبع والدايّ أن يرغمانني على فعل ما لا أريد.
تسللت الراحة إلى قلب ألكساندر لينعكس ذلك على ملامحه فتعود إلى مجراها الطبيعي، تحدث وابتسامةٌ عذبة رُسمت على ثغره:
- إذن قَبلتِ أنتِ بنفسكِ هذه الخطبة؟
- هاه؟
قالت ذلك بلا شعور، أردفت بعد أن أدركت ما قاله:
- آه.. ذلك "أخفضت رأسها على استحياءٍ وقالت:
- أ..أجل..
ابتسم بسعادة قائلاً:
- إذن هل ستذهبين معي إلى كاميليا؟
تنهدت قائلةً:
- أكره السفر، .. وهي بعيدة!
- لا أبداً ليست كذلك، أعرف طريقاً مختصراً دائماً آتي منه، سأجعلها رحلةً ممتعةً لكِ، ثقي بي
- ليس باليد حيلة...
____________________
لم يصدق كلمةً من كلام والدته، بل أقرَّ أنها قد جُنت..، بينما كانت تحاول جاهدةً أن تُقنع ولدها بالرغم من تأتأة لسانها، ورعشاتها المستمرة:
- أطـ..طعـ..ني يا بـ..بني، أ.أنـا أر..ريد الخـ..ـير لـ..ك
صرخ بانفعالٍ واضح، وعيناه الخضراوتان تشعان غضباً:
- أصبحت في العشرين يا أمي!، وتريديني أن أذهب لأعيش مع والدي؟ والأسوأ أنه حاكم البلاد!
برجـاءٍ قالت:
- لا أ..أريـ..ـدك أن تكـ..كـون وحـ..دك بعـ..ـدي
أغمض عينيه حابساً أنفاسه كي لا ينفجر غضباً، يشد بيده اليمنى على خصلات غرّته الشقراء، بينما أكملت والدته جاهدةً لتقنعه:
- إنـ..ـه والـ..ـدك عـ..ـلى كـ..كل حـ..ـال يـجـ..ـب أن تذهـ..هب إليـ..ـه!
ضرب الجدار بجانبه قائلاً:
- والدي؟ لم أعرف والداً لي قط! أم تقصدين ذلك الذي طردك وهددكِ بألا تخبري أحداً عني، جعلكِ تعيشين منبوذةً وحيدة حائرةً بطفلٍ لم يتجاوز السنتين!، ولم تكوني آن ذاك تستطيعين تحمّل مسؤوليتي!
صُدمت من طريقة تفكيره، وكيف بنى تلك الصورة السيئة عن والده، كيف لا تكون سيئة، ووالده بالفعل كذلك، تذكّرت كم مقتته!، وكيف جسّدت هذه الصورة السيئة عنه في مخيلة ابنها، أحسّت بالذنب لتشويهها صورة أبٍ في عينيَّ ابنه!، حاولت أن تحسن صورته قليلاً:
- ذ..ذلك
- لا تخبريني بالمزيد رجاءً!، تخيلي فقط أن يذاع في أرجاء المملكة عن ابنٍ للحاكم يبلغ من العمر 20 سنة! كيف ستكون ردّة فعل الشعب يا أمي؟!
صرخت هنا قائلةً:
- يعـ..ـلمون ذ..ذلك بالفـ..ـفعل.ل هل تـ..ـظن بأن الشـ..ـائعـ..ـعات لـ..لم تـ..حـمل شيـ..ـئاً من ذ..ذلك!
أردفت بعد أن أمسكت يده:
- أر..جوك يـ..ـا بني اذ..هب إليـ..ـه
أبعد يدها بعنفٍ قائلاً:
- قلت لكِ لن أذهب إليه أبداً، ذلك الشخص الذي رماكِ لن أعود إليه أبداً!
صمتت تفكر.. هي من شوّهت صورته في ذهن ابنها، إذا هي التي ستصححها.. لكن كيف؟
فكّرت كثيراً وقد استغرقت وقتاً طويلاً، حتى تبادر ذلك السؤال الصاعق إلى ذهنها :
- "هل علي إخباره بذلك؟.."
شعر بأن ملامح والدته قد تغيّرت، سألها بعد أن هدأ قليلاً:
- ما الأمر؟
نظرت إليه بتخوف، ثم وضعت يدها المرتجفة على كتفه تحثّه على الجلوس في الكرسي يمينه، فجلس..:
- سـ..أخبركَ أمـ..ـراً
ترددت بعد ذلك، تخشى بأن يُصدم إن عَلم، كيف لا وهي قد أخفت تلك الحقيقة وبسبب كرهها لريتشارد، شوّهت صورته في عيني ابنه!، لم تعتقد بأنها ستحتاج مستقبلاً مساعدته.. قالت وفي نبرتها توترٌ واضح فوق تأتأتها:
- آمم .. أ..أنـ..ـا -صمتت-
- أنتِ ماذا؟ - قال يحثها على الكلام، وعيناه الخضراوتان تلتهمانها التهاماً!-
ارتعبت خائفةً لم تعد تستطيع السيطرة عليه، لقد كَبر بالفعل!
قالت:
- لا شـ.ـيء
- ما الذي تخفينه عني؟ وتخشين قوله هكذا؟
ارتعبت مرةً أخرى، وشَردت في الجدار أمامها تفكر :
- " لقد كَبر فعلاً، أصبح راشداً لا يمكنني أن أخفي الأمر عنه، كما أنه لم يتبقى لدي وقتٌ طويل على كل حـال"
نطقت دون أن تبعد نظرها عن الجدار، وملامحها كانت باردةً جداً بشكلٍ غريب، تحدثت بسلالةٍ أكبر!:
- أنا كـ..كنت كـالـعشيـ..ـقة!
وقف مشدوهاً الصدمة تعتلي تقاسيمه!، قال بينما أخذ يكذّب ما سمعه:
- مـ..ماذا؟
نظرت إليه وذات التعابير الجدية على وجهها:
- أ..أنـ..ـا كـ..كنت أُعتـ..ـبر عشيقـ..ـة في قصـ..ـر الحـ..ـاكم، لذا خَرجـ..ـت من نفـ..ـفسي بعـ..ـد ولاد..دتك بسـ..ـسنتـ..ين، لأننـ..ـي لم أُر..د أن تكَـ..ـبر عـلى سمـ..ـاع ابن العشـ..ـيقة!
- أتقولين بأنني ابن عشيقةٍ هربت من قصر معشوقها الحاكم بعد أن أنجبت طفلاً؟
صرخ بذلك وقد تسلل الغضب إلى ملامحه ليعتريها.
أجابت بهدوءٍ محاولةً السيطرة على رعشاتها لتبدو متماسكةً أكثر:
- عـ..ـلى الأقـ..ـل كـ..ـان جـ..دك يع..ـعتبرني كذلـ..ك لـ..كن والدك لم ير..رضـ..ـى أبـ..ـداً
قال ولازال الغضب مسيطراً عليه:
- لماذا هربتِ إذاً؟!!
- لأنـ..ـني تـ..تعبـ..ت من ظُـ..ـلم جدد..كَ وتحـ..كـ..ـم والـ..ـدك ولـ..ـكن أنت يجـ..ـجب أن تذهـ..ـب معـ..ـي دو..ن نقـ..ـاش
استشاط غيضاً، لكنه هذه المرة لم يكمل الجدال، بل صمت وخرجَ مغلقاً الباب خلفه بعنف.

[أرجوكِ تزوجيني] - اكتملت حيث تعيش القصص. اكتشف الآن