الليلة الرابعة عشر..~

12K 445 40
                                    

.
.
.

نستطيع القول، أن دانيال إستطاع تعويض آلبيرت عن كل ألم ألمَّ به يوماً بسببه، صحيح أنه مازال مصراً على عدم إخراجه للعالم الخارجي، و أعاده سجيناً في منزله لا يخرج إلا معه أو مع ڤيكتور أو جيسون، إلا أن معاملته تحولت للأرق، و حتى نتخيل نتخيل هذا أكثر بالنسبة لشخصٍ كدانيال، دعونا نلقي الضوء على إحدى المشاهد التي حدثت اليوم بعد إنقضاء عطلتهما خارج المنزل كالعادة.
تمتم دانيال و هو يضع يده على خد آلبيرت و يمسد على وجنته بإبهامه.
" أنت بخير..؟ تبدو مرهقاً..! "
رغم الفترة التي قضياها معاً، إلا أن آلبيرت مازال يخجل من تصرفات دانيال الجريئة جرآءة مفرطة، فهو لم يعتد و لم يتوقع إطلاقاً أن يعامله دانيال بهذا الشكل يوماً
هز رأسه بسالبية.
" أنا بخير، لكنك وعدتني أن نذهب لجيسون و ڤيكتور، اليس كذلك دانيال..؟ هيا لنذهب الآن رجاءاً "
تنهد و أبعد يده و بقي يداعب خصلات شعر آلبيرت.
" لا.. وعدتك، لكنني لم أعدك اليوم، أنت متعب و جرحت باطن قدميك بسبب خروجك حافياً، ربما هذا عقاب حتى لا تعصيني مجدداً "
وجد نفسه يصرخ متذمراً.
" هذا ظلم، فهذا يوم عطلتك، أنت لئيم دانيال! "
وضع يداً خلف فخذيه و الأخرى خلف رقبته و حمله بهدوء، وصولاً لغرفة آلبيرت، أراح جسده الصغير بالنسبة له على السرير.
أسدل الغطاء عليه و قبّل جبينه بعمق.
" وقت النوم "
تشبث به قبل أن يرحل.
" د..دانيال..متى..ستجعلني.. أنتقل..لغرفتك..؟ "
هو سأل بتردد، لأن مجرد السؤال يجعل دانيال يغضب، و هذا ما لا يريده آلبيرت و لا يفهمه.
هو شعر أنه سيفقد أعصابه، على الرغم من أنه شفي تقريباً من إنفصامه إلا أنه أصبح عصبياً، و يحاول التعالج من شيء كهذا لأنه يؤذي نفسه و آلبيرت أحياناً كثيرة.
صرَّ على أسنانه بغضب و تمتم.
" ألا تجدني كل يوم جوارك على هذا السرير..؟ ما الغرض من النوم في غرفتي..؟ "
إنكمش آلبيرت على نفسه حينما لاحظ غضب دانيال و لم يعلق، حتى إقترب منه دانيال و جلس على طرف سريره، دني من شفتيه و قبّله بخفة.
" آسف..تعلم..لا أستطيع فعل أي شيء الآن حتى تشفى بالكامل و يؤكد لي ڤيكتور أنك شفيت و لن تحتاج لجلسات علاجك مرة أخرى "
عقد آلبيرت حاجبيه بحزن، هو يشعر بالضيق لكون دانيال يهتم بحالته النفسية كل هذا الحد، لماذا يشعر دانيال بالذنب بتلك الطريقة القاسية..؟ هو حتى يمنعه من دخول غرفته حتى لا يتذكر شيئاً.
" نم معي الآن إذاً، أو..اتركني على صدرك حتى أنام و احكي لي حكاية "
نمت على شفتي دانيال شبح إبتسامة، تمدد جواره و سحبه لصدره، أحاط بذراعه الطويلة ظهر آلبيرت و قربه منه ليتأكد أنه سينال الدفء الذي يرجوه، مما جعل آلبيرت يدفن جسده داخل دانيال و يدفن وجهه في عنقه الدافيء جداً بالنسبة له، و يرفع ساقه فوق ساقيّ دانيال المتمددتين على الفراش في إستقامة.
بدأ دانيال يسرد بهدوء.
" كان هناك طفل.."
قاطعه قائلاً بطفولية.
" ما إسمه..؟ "
تنهد دانيال.
" لا تقاطعني، كان هناك طفل جميل و ضعيف البنية، في أحد الأيام.."
قاطعه مجدداً.
" أي يوم من أيام الأسبوع..؟ و لماذا ضعيف البنية..؟ "
زفر دانيال محاولاً الحفاظ على أعصابه.
" لأنه كان مشرداً، و كان بيوم الخميس حينما.."
" حينما ماذا..؟ و لماذا الخميس بالذات..؟ إجعلها السبت لأني أحبه فغداً يكون عطلتك و نسهر سويّاً. "
ضغط آلبيرت بقوة لصدره أكثر و هو يحاول ألا يبتسم، فآلبيرت كالطفل تماماً.
" أصمت و دعني أكمل، كان هناك طفل ضعيف البنية و هزيل، في يوم السبت كان يسير حافياً على الجليد، و نسمات الرياح الباردة تجعله ينتفض، يسير وحيداً، خائفاً، تائهاً، و بصعوبة؛ بسبب البرد، حتى وجد كوخ مهتريء، فركض بسرعة نحوه..."
كاد يغفو لولا قال فجأة.
" الم يكن منذ لحظات يسير بصعوبة، لماذا ركض..؟ "
تنهد دانيال، يبدو أنه لن ينتهي من تلك الليلة بسبب طفله.
" لأنه وجد ملجأه، لذلك يركض، فنحن جميعنا نركض حينما نجد ملجأنا حتى لو كنا في أشد حالاتنا سوءاً و لا نستطيع التحرك "
تحركت يده نحو شعر آلبيرت و خلخل أصابعه الطويلة في شعره و بقي يلعب بخصلاته في رقة و هدوء.
" و حينما ظن أنه قد وجد الملجأ، ما وجده إلا خيالاً فقط، لمنزل أشد ضخامة، بقي يحدق فيه بذهول، لقد رآه شبه مهتريء فكيف يكون خيالاً لمنزل شديد الجمال..؟ لكنه لم يستطع كبح فضوله، و دخل المنزل بلا هدى و هو يتأمل جماله من الداخل، كانت هناك الكثير من الثريات الكرستالية، و أعمدة محاطة بزهور الياسمين و أحجار الياقوت، و الأرضية كانت تلمع بنجوم صغيرة من الألماس، بينما ...."
توقف حينما شعر بأنفاس آلبيرت قد إنتظمت على عنقه، لاحت على شفتيه إبتسامة صغيرة و سحبه عنه برفق، أسدل الغطاء عليه و قبّل جبينه.
" تصبح على خير يا صغيري "

ليال مظلمة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن