Chapter 6-2

41 8 1
                                    


                             ********

كان يوماً عصيباً عليها, شعرت بالدنيا تظلم في وجهها!! لم تستطع تحمل أكثر من ذلك, أذكر ماقالته والدتها تماماً:
*أنا قلقة عليها! لا أعلم السبب الذي يجعلني خائفة لهذا الحد!*
*عليكِ أن تهدأي, سيكون كل شئ على ما يرام..*
*عزيزي أنا أشعر أنها ستقوم بشئ شنيع إذا حصل ومتّ!*
*ربما أنت قلقة أكثر من اللازم, إسترخي.. سيأتي الطبيب بعد قليل.*
كانت مغمضة عينيها وهي تقول لي:
*بني.. أنا لا أعلم لماذا أُخبرك أنت ولم أخبر سواك من عائلتي!! لكن أطلب آخر طلب لي منك, إعتني بها, أرجوك إفعل.. لن تكون قادرة على التفكير أبداً, إجعلها تثق بك.. أنت تعلم أننا موافقان عليك تماماً لكن الأمر يحتاج الوقت وأمل ليست بالفتاة السهلة!! إبقَ معها فحسب حتى أموت وأنا مرتاحة.*
*سأفعل بالتأكيد, لكن يجب أن نتفائل! ستُشفين قريباً..*
قلت تلك الكلمات وكلانا غير مقتنع بالجزء الاخير منها!!
وبالفعل صدق حدس والدتك يا أمل.. لقد تجرأتِ وقفزت, هل كانت والدتك تجعلني أضع تلك المناشف بالقرب من التربة؟ لا أعلم لكني وضعتها وبحثت عنك لأجدك راكضة للأعلى, لم أضاهي سرعتك!!,ولم أمسك بيدك حتى!! كنتِ كخوارق الطبيعة!! حاولت أن أناديكِ, ولكن لا فائدة!
ركبتِ السور بثقةٍ وثبات, إبتسمتي بشحوب, ومشيتِ خطوة على الهواء!!
سقطتِ على جبل المناشف ذاك وارتددت على التربة!! لم أعلم كيف وصلت للمشفى في دقائق!! لكنني وصلت وحالتك سيئة جداً.. قالت والدتك ذلك!! ليتني أخذت كلامها بجدية أكثر, أو ياليتني كنت أسرع على الأقل!
                                    ***
قالوا إن حالتك شنيعة, أصبتِ بكسور وتحتاج وقتاً حتى تُشفى هي وتلتئمَ الجراح, كما أن العائلة تزورك كثيراً, كان الجميع ينظر بشفقة نحوك, وأنا أعلم كم تكرهين تلك النظرة.. أعلم ذلك كما أعلم كم يضايقكِ وجودهم! تودين طردهم لكنك لا تشعرين برغبة في الحديث, لقد كنتِ طول الوقت تنظرين في الفراغ.. ذات مرة حاولت أن أتحدث معك قليلاً, لكنك لم تهتمي ولم تعيريني أي وجه!! كعادتك مع الجميع.
كنتُ في الايام الماضية آتي فأتحدث قليلاً أو آتي فأجدك نائمة أو أجد أشخاصاً معك فأتراجع, لكن هذه المرة أحسنت إختيار الوقت..
دخلت وبدأت الكلام, لقد كنتُ أُكثر من ذكر اسمك, لأن لفظه يشعرني بالأمل فعلاً.. حاولت أن أتحدث بأشياء لا معنى لها لكني وجدت نفسي أشكوا لكِ ضعفي ووجعي وأحكي ما لم أكن أفقه أنه داخلي!! إنني أفعل ولم أستطع حتى التوقف!!
شعرت بأنك تسمعين تلك المرة, تحدثت عن أيامي باختصار شديد.. لقد عانيت من نفسي ومن سوء تصرفاتي التي لم أخبر بها أحداً سِواك..
أتذكرين تلك النظرة التي رمقتني بها بعدما أنهيت حديثي, كانت هذه أول مرة تقابلني فيها عيناك الخضراوان!! شعرت للحظة أني ضعت بسحرهما الفاتن, لكنني أدركت أنك تظنين أنني أحمق لأنني أتفوه بما لا علاقة له بشئ, تظنين أنني أحاول أن أقول لك ذلك لأنه أثقل كاهلي وأضمن بأنك لن تخبري أحداً!! لكني أقسم لك يا أمل, أنا لم أدرك أنني أخبرك إلا في منتصف حديثي ولم أحبذ التوقف!!
لقد استغربت نفسي كذلك لذا قررت الخروج حتى أمنع نفسي أن أكون ضعيفاً أمامك..
خرجت وعدت للمنزل ولم تفارقني تلك النظرة!
أتذكر أني سألتك عن شئ عن طفولتنا, هل تدركين أنني لا أنساها بل أحفظها عن ظهر قلب؟ أجل, كل لحظاتي معك لا تزال راسخة في ذهني..
كنتِ جريئة وبسيطة, وكانت أفكارك واضحة.. لكن بعد أن كبرتِ وكبرتْ إبتعدنا نوعاً ما ولم أعرف الكثير عنكِ كما في الماضي.. لقد صُدمت بحقٍ بعد أن وصلتني أخبارك من شقيقتي أماني.. لم أكن أعلم أنك ستضعُفين يوماً وتنسحبين من الحياة تدريجياً!! لكن هذا ما حدث!
أنا آسفٌ على ما آلت إليه حياتك, فبعد أن فقدت والديكِ, قد تفقدين قدرتك على المشي كذلك!
أودُّ المساعدة, فقط أعطني مجالاً يا أمل.

خريف | Autumnحيث تعيش القصص. اكتشف الآن