مضت الايام وعلاقة دارين وعيسى تتحسن ،وفي يوم عملية جودي بدأت في تمام الساعة التاسع ليلاً ، إلتقى الجميع هناك ، بعد مضى نصف ساعة ، قال عيسى:
" دارين ، اريد الحدث معكِ "
نهضت دارين وذهبا استغرب جورج كيف يترك اخته ويذهب ولكنه لم يحرك ساكناً وبعد عشرة دقائق قال ابراهيم :
" سأذهب للمرحاض ، ارجوك جورج ان تبقى هنا ريثما اعود "
ذهب ابراهيم للمرحاض ولكن طريقه لم يكن كما قال ، بدا الفضول يتلاعب بقلب جورج وفي هذه الاثناء ، على بعد عشرة دقائق من المستشفى وصلا دارين وعيسى لباب احد الحدائق ، لم يكن هناك أيُ احد ، قال عيسى بندم ووضع يده على كتفه ونظرات ألم استحلت بؤرتيه :
" انا اعتذر منك ، ولكن يجب عليكِ الرحيل ، فإن استيقظت اختي ووجدتك ستحصل مشاكل كثيرة "
شعرت بشيء غريب ، ابتسامة ألم حيكت على ثغره، ابتعد عنها وأدار ظهره ، لحقت به وقالت برعب :
" عيسى ، ماذا تقصد بذلك الكلام ، هل ستبتعد عني ؟ ارجوك قل انها مزحة !"
تدفق الدمع من مقلتها ، تمسكت بيده ، انتشل معصمه ووضع فوهة المسدس على رأسها ، اتسعت عينيها ، تساقطت دموعها كنهر يجري. قالت مرتبكة وغير مدركة لما يجري :
" عيسى ، ماذا تفعل ! ، هل هذه كاميرا خفية ! ام انه مسدس مائي "
قال بغصة:
" ليتها كذالك ، ولكن يجب علي قتلك دارين ، فالذي بدأ هو والدك ، وكما يقولون البادئ اظلم "
دارين سقطت في الحضيض وكأنها لطمت بثلج بارد جداً ، صدمة كالجبل حلت عليها ، واسئلة تخلق من عقلها اصبحت صمٌ بكمٌ عُميٌ
، ضغطت هو على الزناد ولكن يد سحبتها بسرعة تجاه الشارع فأصابت جزءً من كتفها ، ضمها إليه خائفاً ، ابعدها عن اضلعه وقال بقلق :" انتِ بخير ؟! ، لم تصابي "
لم تجبه ، عيناها الفاقدتان للحياة ، دموعها التي تندثر دون توقف ، قال بغضب :
" بماذا كنت تفكر ايها الاحمق ، عديم الاحساس "
قال عيسى بصراخ :
" اصمت ايها الحثالة ، لن تفهم موقفي ابداً ، لا اريد الانتقام ، لا اريد ان اقتل احد وخصوصاً شخصاً احببته ، كنت اعتقد انني سأخمد ذلك القلب عندما ارى جثة امي امامي ولكن هيهات له "
لاحظ عيسى اضواء سياة مسرعة نحوهما ، علم انه هو ، ابعدها بدفشة منه ودهس امام دارين ، سقط جسده وارتطم بالارض خرج ابراهيم متناسياً امر دارين بدهشة تملئ جسده هل قتل اخاه ؟ ، من اجل انتقامه قد عرض حياة اخاه للخطر ، ما الذي دهى عقله ؟ ، ابتعدت دارين عن جورج ، ذهبت تجاهه ببطء قالت برجفة احتلت حنجرتها :
" لا عيسى ، ارجوك عد ، اقتلني ولكن لا تذهب "
لم يدعها ابراهيم تلمسه خشية ان يصاب اكثر ، نقل للمشفى واخذت الشرطة ابراهيم ، بعد مضى ساعات على دخول عيسى غرفة الطوارئ ، خرج الطبيب ، اندفعت دارين إليه وقالت بارتباك :
" كيف حالته! "
قال :
" نجحت العمليتان ، ولكن لقد اصابه شلل نصفي "
انهارت دارين ، تذكرت كل كلماته وذكرياته ، لم تأبه انه اراد ان يقتلها ، نهضت بثقة وذهبت للشرطة ، ترجت المحقق لزيارة ابراهيم ، سمح لنصف ساعة فقط ، دخلت وجلست ، قالت له بقوة :
" لماذا اردت قتلي ؟"
نظر لها بازدراء وقال :
" الم يقل لكِ والدك عن فعلته السوداء؟"
زمت شفتاه وقالت :
" ارجوك ، اخبرني "
قال ابرهيم بغصة وهو يتذكر ذلك اليوم :
" كان جواً ماطراً ، امي كانت حاملاً بجودي في الشهر الثامن ، ولكن احدهم دفع بها وهي تنزل بعض الدرجات ، لمحت وجهه ، عندما ذهبوا بها الى المستشفى ، قالت لي تلك الكلمات ولم انساها طيلة حياتي ( لقد رأيته يا ابراهيم ، انه هو صاحب شركات دركل ، اسماعيل دركل ، هو يريد قتلي لاني اعرف انه قتل اخاه ليحصل على الشركة بأكملها ، اريد منك ان توقفه عند حده ، ارجوك ابراهيم ) ،قالت لي ذلك وماتت لتنقذ اختي ، ولكن اتت اختي عمياء ، لا تستيطع الرؤيا حتى بلوغها الثامنة عشر من العمر ، حملت الكره لعائلتك ثمانية عشر سنة ، ولكني احمق لاستخدامي لاخي ، كان يجب علي ان استخدم القانون لصالحي ، ولكن ما فائدة الندم الان وقد قارب الموت من جسد اخي "
وفي هذه الاثناء اخبر جورج الاطباء ان لا تعلم جودي بذلك ابداً ، فسيأثر فيها سلباً ، ظل جورج عند جودي ، أبصرت جودي لاول مرة، تفاجئت بكل شيء ، نظرت لعينين جورج بحب وتأملته. ، قالت مستسلمة :
" كنت اعلم منذ البداية ان قلبك ليس لي ، اوهمت نفسي انني عندما اراك سأغير قلبك ، ولكن هيهات لذلك القلب ان يستجيب ، اقسم انني أحبك جداً ولن تغيب عن قلبي ابداً ولكن ارجوك ان كانت سعادتك مع غيري لا ترني لطفك "
امسك يدها وقال لها بحنان :
" لا تقلقي الان علمت اين سعادتي ، فانا وان حاولت لن اصل للذي اريده "
وبعد مرور اعوام ، زوجان يضحكان ، هربت هي منه قال لها وهو يحاول الوقوف :
" انتظري ، سأتي إليك دارين "
نهض بضعف وهو يحاول جاهداً ، وقف على قدميه وذهب إليها وبدى كطفلها الرضيع الذي بدأ المشي الان ، تناثرت الدموع من عينيها وقالت بدهشة :
" عيسى ، كيف بدأت بالمشي ؟ "
عانقته بشدة ، قال بإبتسامة جذابة :
" اختي جودي وجورج ساعداني عندما كنتي تذهبين للعمل "
اعادته لحضنها وغمرته بقوة وهمست بسمعه :
"أحبك"
أنت تقرأ
ذكريات ومطر
Mystery / Thrillerوحين سقوط تلك القطرات ،تعبق بذكريات ما إن تلامس حبتها جسدك سيدخل إليك الحنين ، وما إن تستنشق تلك الرائحة يزرع في قلبك مفتاح للصندوق الذي طالما حاولت اغلاقه ، ولكن ماذا لو كانت تلك الذكريات تتناول كل شيء ، فهل ستتجرأ على الوقوف تحت المطر ام ستتجنبه !