صراع جديد خضته مع ذاتي مرة آخرى، أنا بتلك الحجرة البيضاء المقيتة،معروفةٌ هي بسوءها على النفس البشرية، تخيلتُ مراراً بطفولتي أنني سأستيقظ يوماً بذات الحجرة، ارى أمامي حزن عائلتي،وهم بإنتظاري لأستيقظ، احضان عشوائية تغمرني، وكلام طيّب يُحلي روحي الكئيبة، لكن كلٍ من هذا لم يحدث، لا أحد معي بالحجرة ولا اعتقد أن معجم العالم للكلمات ستريحني ،الآلم اكثر مما يمكنني تخيلهُ، قد تخلل بين عظامي ،آنفاسي وتنهداتي التي قد كثرت حديثاً.
اذكرُ وجود زرَ للمساعدة بجانب السرير ،اطرقهُ، تأتي ممرضة بعد دقيقة، "لقد استيقظتي!" مع ابتسامة طيّبة تقتربَ مني، "كيف حالكِ الأن؟" تسألُ وتقترب لتفحصَ الأدوات حولي، احاول أن أجيب، صوتي بالكاد يظهر، اكحُ مرةً وتليها أخرى، لكنني أفشلُ، مرة أخيرة وانجحُ بإظهار صوتي، "أنا بخير" أهمسُ لتومئ لي.
"سنقوم بفحص شعاعي، لنرى مالجديد بكِ، حسناً؟" تسألُ لأومئ لها، "هل آتى أحد؟" اسألها بهمس وبصعوبة، ثوانٍ من الصمت وتومئ، "فتاة بشعر بُني، تنتظرك منذُ البارحة، لك لم تستطع الدخول فهو للعائلات فقط" تتكلمُ لأومئ لها.
"سأخبر الطبيب بأستيقاظك ونذهب للفحص حسناً؟" مع كلامها اومئ لها، ريثما هي تختفي أنا اغلق عيناي وادع الهدوء يسيطر عليّ، اريدُ حضن كاميلا أو حتى رؤيتها فقط، اشتاقُ لها كما يشتاقُ البحر للرمل وكما يحنُ الناي للماضي.
"آنسة لورين، يمكنكِ التحرك؟" تسألُ لأومئ لها، احاول جاهدةً النهوض من السرير، مع حذر شديد أنهضُ وأقفُ على قدماي، كدتُ أخذ خطوتي الأولى إلا أن قدماي خانتاني بعكس ثقتي بالممرضة التي اسندتني لها، تُعيدني للجلوس على السرير.
تختفي للحظة وتحضرَ كرسي متحرك، تُقربهُ وتساعدني لأجلس عليه بعد إبعاد الأجهزة عن جسدي، تدفعني للخارج، ارى كاميلا نائمة كملاك سقط سهواً، كخطأ إلهي جميل، شعرها مُنتشر على وجهها، وعيناها مُغلقة بإنقباض، حاجباها معقودان، هي قد تكورت على ذاتها وكأنها خائفة من الوحدة.
"اخبرناها ليلاً أن عليها الأنصراف وأن تأتي للزيارة صباحاً، لكنها لم ترضى وكنا قد خضنا شجار كلامي حاد إلا أنها هي من انتصرت" تهمسُ الممرضة وهي تسحبني للفحص الشعاعي، كرهتُ هذة الممرضة، بثرثرتها وحشريتها المُفرطة.
وصلنا لحجرة الفحص، بعد ترحيب وحديث بسيط كنتُ قد تمددت على سرير، فوقي جهاز كبير، دخلتُ لهُ وكأنهُ يلتهمني، لكن ذلك لم يُخيفني، على العكس، اعطاني هدوء وآمان عميق، صوتٌ وحيد قد عكر الهدوء، طقطقة بسيطة من الجهاز وهي التي اقلقلت هدوئي قليلاً.
وبما أن ليس لدّي ساعة، وأنني دخلتُ في المرحلة الأولى من النوم فأنا لم اعلم كم الوقت قد مرّ، اخرجُ من ذلك الجهاز بعد كلام الطبيب.
اعود للجلوس على الكرسي المتحرك وتعود الممرضة لدفعي، "سنذهب لمكتب الطبيب قليلاً" تُخبرني واومئ لها، ادخلُ وبعد ترحيب بسيط منهُ نبدأ حديثنا.
أنت تقرأ
رائحةُ القُرفةThe smell of cinnamon
Fanficأحببتها للطريقة التي تُنيرُ بها صباحي بإبتسامتها المشرقة وتُنهي مسائي بإبتسامتها المُتكاسلة، لطريقة رفعها لطفلها بين يديها، لرائحة القرفة المنبثقة من منزلها والمنتشرة لخارجهِ ، لكلِ يومٍ بذلك الروتين المُحبب لدّي، لو أن الصباحُ يبقى صباحاً ولا ينتهي...