١/٣/١٩٨٨
٧:٠٠ مساءً
عادت إلي البيت بعد يوم طويل و مُرهق ملئ بالمحاضرات.... انتهت أخر محاضرة منذ ساعة وبعدها اتجهت بسرعة إلي البيت لترتاح بعد هذا اليوم الشاق...
كانت تلك السنة الأولى لها في كلية إعلام جامعة القاهرة ....في البداية لم تكن معتادة لكن مع مرور الوقت أصبح جزء من حياتها اليومية...
عند دخولها سمعت صوت صياح و بكاء... وجدت والدتها التي كانت تبكي بكاء ً شديداً....كانت حالتها لا تبشر بالخير علي الإطلاق ....يظهر والدها في الغرفة الموازية للصالون يبدو عليه الغضب ....
استنتجت حدوث مشكلة ما بينهما كالمعتاد ولكن هذه المرة يبدو أنه شيء خطير...
قطع حبل أفكارها صوت بكاء والدتها الذي كان يعلو تدريجيا ً....فنظرت إليها بحزن ثم هرولت نحوها وسألتها:
_ إيه يا ماما إيه الحصل؟
توقفت عن البكاء للحظات وقالت بنبرة حزينة:
_ مصيبة يا نازلي...مصيبة
بدأت نازلي في تخيل كل الاحتمالات المأساوية التي يمكن أن تكون قد حدثت...لم يتركها القلق والفزع لحظة واحدة....
اقتربت من والدتها وأخذت تربت على كتفيها لتخفف عنها الألم....ثم نظرت إلي عينيها البنيتان التي تعشق النظر إليهم و قالت:
_ ماما حضرتك مش كويسة ...إحكيلي إيه الحصل
هدأت قليلاً ثم أجابتها:
_ أبوكي متجوز عليا بقالو سنة...
تفاجأت نازلي مما سمعت و كادت أن تفقد الوعي من شدة الصدمة.....
سألتها بعدم تصديق:
_ حضرتك متأكدة؟...
طب عرفتي منين؟...وإذاي؟
أنا مش مصدقة البسمعو ده ....معقول بابا يعمل كدة!!
أجابتها:
_ أنا لسة عارفة النهاردة...بس كنت شاكة بقالي فتره إن في حاجة غريبة بتحصل من ورا ضهري...بس مكنتش متأكدة... لأن مكانش فيه دليل واحد ملموس يثبت....كله كان مجرد شك...
كان بقالو فتره مش طبيعي...بيتأخر قوي وساعات بيبات برة بحجة الشغل " الشغل فوق راسي أنا مدير شركة كبيرة مش بلعب"..و خودي من ده كتير...الموضوع إتكرر كتير و بقي صعب يتسكت عليه...
_ وبعدين؟
كان هذا ما قالته نازلي و هي تسمع ما حدث
أضافت والدتها:
_ النهاردة و أنا بدور في حاجته...لقيت مفتاح شقة و صورة الأستاذ مع مراته و بنتها!!!
تعجبت نازلي ....بدي لها والدها شخص لا تعرفه لم تتوقع أن يكسر والدتها بتلك الطريقة البشعة رغم علاقتهما السيءة ...بل تكاد تكون منعدمة كلياً
سألتها بدهشة:
_ بنتها اذاي؟!
_ اه يا نازلي بنتها الست دي متجوزة أصلاً و عندها بنت أصغر منك بسنة ولا اتنين
قالت نازلي مواسية:
_معلش يا ماما... أنا عارفة إن كلامي لا هيقدم ولا هيأخر ...بس صدقيني أنا متأكدة إن كدة أحسن ليكوا كدة هتقللوا الاحتكاك و الخناق المستمر بينكوا....كدة كدة انتوا عمركوا ما حبيتوا بعض أنا عارفة كدة كويس قوي .... أنا عارفة إن بابا غلط معاكي غلطة كبيرة يمكن متقدريش تسامحيه عليها....بس أنا عارفة برضو إنك قوية و هتعدي كل ده....
بعد تلك الليلة ...شعرت أنا كنازلي أن كل شيء في حياتي بدء بالانهيار.... أمي جرحت جرحاً عميقاً.... كأنه خنجرا ً قد غُرز في قلبها دون شفقة.....هي كانت زوجة نموذجية بكل المقاييس..كانت تتعايش مع كل ما يحدث...لم تكن تريد أن يحدث "خلل" وينتهي كل شيء بينهما...فهي كانت "عاملة حساب للعشرة" وهذا كل ما في الأمر...
أما أنا يا عزيزي القارئ..لن أنسي تلك الليلة ما حييت!!...
...لن أنسي!...
********************************
أنت تقرأ
أقدار مكتوبة...
Historia Cortaإحنا ضحايا لقرارات خدناها في لحظة تسرع ....كل مادة بندفع ثمن اختياراتنا ...بنكتشف إننا كنا أضعف من إننا نواجه نفسنا .... ممكن نكون كنا مضطرين فقررنا إننا نمشي في الطريق ده مجبورين... أو إننا مكناش في وعينا!!