عندما وصلت إلي منزلها...فتحت باب الشقة وأخذت تنظر إليه بيتها القديم...
البيت الذي عاشت فيه طفولتها مع أسرتها قبل أن يفرقهم القدر... تذكرت أيام الجامعة عندما كانت تستقبلها والدتها وهي عاءدة إليها بعد يوم ٍطويلٍ وشاق....
افتقدت وجودها في حياتها البائسة...
افتقدت حضنها الذي يتسع للعالم كله...جلست علي كرسي في غرفتها التي كانت مغلقة لسنوات ...تذكرت عندما كانت تدخل عليها والدتها ممسكة كوب الشاي باللبن الساخن وطبق يملؤه البسكويت وكعك الشيكولاته كما تحبه نازلي...
بعد ذلك وقفت بسرعة ثم قررت الذهاب لزيارتها لتتحدث معها وترتاح قليلاً...
أخذت سيارتها وفي الطريق وقفت عند باءع الورود و إشترت بوكيه من الورود الملونة ثم اتجهت إلي مقابر المقطم حيث دُفنت والدتها...
عند وصولها كان هناك سيدة عجوز تجلس خارج المدفن...
كان يبدو عليها الفقر والمرض...كانت ترتدي ملابس بالية جري عليها الزمن...
حاولت نازلي الاقتراب منها لتسألها من معه مفتاح باب المدفن ....
اجابتها العجوز بصوت غير واضح:
_ أنا معايا المفتاح..اهو اتفضلي يا بنتي..
شكرتها نازلي وأعطتها نقوداً ثم دخلت ...
عند دخولها وضعت الورود فوق التراب ثم أخذت تلمس التراب بأصابعها وتبكي...ثم أخذت تتحدث إليها قاءلة:
_ وحشتيني أوي يا ماما....
أنا جيت أتكلم معاكي وأحكيلك علي البيحصلي ذي زمان....
عارفة من يوم ما مشيتي وأنا تايهة ومش عارفة إيه الجرالي....
متشوشرة ومش عارفة أفكر خالص...حاسة إن كل حاجة ضاعت من إيدي ومش هترجع تاني...وأكملت وقد إحمرت عينيها من كثرة الدموع:
_ الدنيا بقت صعبة والناس مبترحمش...
مصر مبقتش مصر بتاعتنا بقت بلد تانية عمرنا ما عرفناها...
فاكرة الشوارع كانت أد إيه حلوة...
فاكرة الناس الكانت بتضحك وعندها أمل كبير في بكرة...
الناس الكانت ماشية علي راحتها وولا هاممها مش خايفين من السرقة والتحرش والحاجات الموجودة دلوقتي...
ذي ما يكون الناس إتغيرت تغير جذري...
اختفت الضحكة والتفاؤل وخفة الدم...
ظهر بدلها الحزن والوجع والهم...
كل حاجة إتغيرت...
بقيت حاسة إني غريبة أوي يا ماما..
محتجاكي جنبي أوي...يمكن أكتر من الأول كمان..
ربنا بيمتحن صبري وقدرتي إني أتحمل بس المرة دي الحِمل تقيل أوي...
ياريتك كنتي هنا عشان تساعديني...
أنا مبقتش قادرة خلاص...
مبقتش قادرة....
*******************************
شعرت بالوحدة و الأرق وسط هؤلاء البشر،
رأيت كل شيء من قريب،
لم اتفاعل كثيراً معهم،
كنت أشعر بمعركة دامية في داخلي،
كل شيء كان يدفعني للرحيل من هذا المكان،
لم يكن سهلاً أبدا ً الصمود،
ولكن عاهدت نفسي بالتغلب علي ضعفي،
عاهدت نفسي بعدم الإستسلام والصمود حتي النهاية...
********************************
أنت تقرأ
أقدار مكتوبة...
Krótkie Opowiadaniaإحنا ضحايا لقرارات خدناها في لحظة تسرع ....كل مادة بندفع ثمن اختياراتنا ...بنكتشف إننا كنا أضعف من إننا نواجه نفسنا .... ممكن نكون كنا مضطرين فقررنا إننا نمشي في الطريق ده مجبورين... أو إننا مكناش في وعينا!!