الجزء الاخير |الوشاح

3K 241 95
                                    

"الست تظن انه بالغ في ردة فعله، بعد ان لمست الوشاح؟"
اردفت ليزا، تنظر للغافل بصحبتها
"يا جونغ كوك"
وراحت تنكز دراعه برقة بعد ان اجابها السكون
"ذلك الوشاح ، انه يخصني "
تحدث اخيرا ، بينما عقله مازال ملتفا بطوق من الحيرة ، حدقت اليه مطولا قبل ان تنبس
"ربما هو فقط يشبهه"
"مستحيل ، استطيع تمييز ذلك الوشاح من بين الآلاف "
"وما المميز فيه ؟"
"لانها هي من قامت بحياكته "
"من تقصد؟"
"اوهاني "
حدقت اليه بريبة ، بعد تجمدت مكانها ، لتحثه على الوقوف كذلك
"هل يبدو لك السيد بارك مألوفا؟"
¤
¤
¤
تركض وتركض، وكأن الركض آخر ما ستقوم به في حياتها ، مستنيرة باضواء اعمدة الانارة ، ووهج البدر الذي يزين السماء ، صعدت الدرج بعد ان تجاوزت بوابة المبنى ، تعثرث عدة مرات لكنها لم تأبه و ليس لديها الوقت حتى لتفعل  ، أخرجت مفتاح شقتها من حقيبتها ، وشقت الباب لتصير في الداخل ، غير مكترثة بالتي تنادي حتى بح صوتها
اقتحمت حجرة والدتها ،الخاصة بالعمل ،  او كما تسميها ، حجرة الالهام ، غرفة مبعثرة بالكامل ، ابتداء من الاوراق المتناثرة هنا وهناك ، الى الجدران البائخة ، و الاضاءة الخافتة ، فتحت احدى الادراج المليئة بالاوراق ، ثم اخرجت منها البوم صور بني قد باخ لونه ، فتحته تقلب بين صفحاته الى ان وجدتها ، اجل الصورة التي كانت قد نظرتها منذ ثماني سنوات ، والتي على اثرها عاقبتها والدتها .
راحت تحدق بها و كما توقعت ، انه نفس الشخص ، نفسه جونغ كوك بجانب والدتها ، اما عن الشخص الآخر فقد كان شابا ممتلئ بخصلات سوداء قد غطت عيناه .
انبلق الباب على مصرعيه ، بينما ليزا لم تحرك ساكنا ، بالفعل هي علمت هوية المقتحم
"كم مرة أخبرتك عن حرمة هذه الغرفة ،  لا اسمح لك و لا لأي احد كان بدخولها "
فاهت الام ثائرة على ابنتها
"امي ، الشخص معكم في الصورة هو السيد بارك جارنا ، اليس كذلك "
تحدثث ليزا بهدوء منافي لطبيعة المرأة ازاءها ،التي توسعت حدقتاها اثر الصدمة
"اعطني تلك الصورة "
أمرت تقترب منها ، بينما خبأة الاصغر الصورة خلف ظهرها كطفل صغير ، ستسلب منه لعبته
"امي ، انها مسألة في غاية الاهمية ، ارجوك ساعديني "
¤
¤
¤
"حدث هذا منذ عشرين سنة ، انا وجونغ كوك و جيمين ، كنا اعز الاصحاب ، تعرفت عليهما من نادي الشعر في الثانوية ، اصبحت صداقتنا اقوى يوم بعد يوم ، وعلى عكسنا انا و جيمين ، كان جونغ كوك يفضل الجلوس في غرفة النادي حتى في أيام الاجازة ، في أحد ايام سبت يناير ، اتصل بي جونغ كوك طالبا مني انتظاره بالقرب من احد الجسور الذي اعتدنا الجلوس بجانبه ، وبدوري اتصلت بجيمين ملغية موعدنا ، اذ اعتدنا الإلتقاء في يوم السبت ، انتظرت و انتظرت  امام ذلك الجسر ، ساعات قد مرت و أنا اقاوم ذلك الصقيع ، اتصلت به مرارا لكنه لا يجيب ، وبعد ان عدت للمنزل ، جاءني خبر انتحاره "
ختمت كلامعا  ببعض الدموع التي رطبت خذيها ، بينما تحاول جاهدة مسحها بكم قميصها الصوفي
"ماذا حدث بعدها ؟"
سألت الفتاة محافظة على نفس لكنتها الجامدة
"بعد ايام من الحادثة ، غادرت كوريا الى انجلاتيرا عند والدي ، اكملت دراستي وتزوجت بوالدك ، وبعد ان انجبتك، عدنا الى  كوريا ، اذ ان والدك توظف هنا  "
اردفت مستغربة من اسئلة ابنتها الكثيرة
"لماذا يسكن السيد بارك بالقرب منا "
"لا اعلم ، لقد استمرت في تجاهله ، ادعيت انني لم اتعرف عليه "
اوصدت باب غرفتها ، ورمت بثقل جسدها على سريرها الناعم ، القلق يعتصر كيانها ، وكثرت التفكير تكاد تفجر رأسها ، لو لا ان الوقت قد جاوز منتصف الليل ، لهرولت الى جونغ كوك تشكي له ما ارهقها ، اسدلت جفناها بعنف مرارا وتكرارا، تقلبت على السرير حتى كاد السرير يتبرئ منها .
ما ان دقت الساعة السادسة ، حتى انفصل جفناها في استعجال ، غيرت ملابسها و دون ان تنبس بحرف غادرت منزلها ، هي مبكرة للغاية ، لذا كان عليها سبقه الى الثانوية .
اخيرا مقلتاها قد رمقت جسده المتناسق ، بزي المدرسي يخطو عتبة الثانوية ، جرته من رصغه دون مقاومة منه تصعد به السلالم ، حتى اذا  بلغت غايتها ، توقفت تسرق بعض الاكسجين
انبطحت تدخل من باب القاعة الصغير ليتبعها في صمت
"ماذا هناك؟"
قال يحدثها على الشرح بينما يحدق بها
"قصة المانغا ...حقيقية اليس كذلك "
قالت تبلل شفتها السفلى
"ماذا تقصدين؟"
استوضح يقطب حاجباه
الدتي ... كنت معجبا بها ، كنت تنوي الاعتراف لها ، اتفقتما على اللقاء ، لكن قدر لك ان تموت قبل ان تلتقيها "
"والدتك؟"
استفهم متجهما
"اوهاني هي نفسها والدتي "
طول النظر اليها ، محافضا على رزانته ليردف
"لا عجب في الشبه الكبير بينكما"
"دعك من هذا الان "
فاهت تجره من رصغه مسترسلة"هذه هي مشنقتك اليس كذلك ؟"
اومأ ان نعم وهو يحدق في الحبل الطويل المتدلي من السقف
"كنا نستخدمه مسبقا في توصيل بعض الكتب الى السقيفة ، حيث اعتدنا الجلوس ، لكنها هدمت ليبنى مكانها طوابق جيدة "
اكمل ينظر باسى الي السقف
"هل القاعة اربعون ، هي نفسها مقر نادي الشعر؟"
استفهمت ليومئ جونغ كوك ان نعم
"أخبرني الان ، ما آخر شيء نظرته قبل ان تلقى حتفك؟"
"اشجار الكرز الجرداء "
حدقت يمينا و شمالا تنظر عبر نوافذ القاعة ، الى ان وجدت مبتغاها ، النافذة الوحيدة التي تطل على اشجار الساكورا في القاعة
"هذا يعني ان الجاني قد تسلل من خلف ، بما انك مول ظهرك للباب ، اهناك ما تريد اضافته "
سألت تخاطب الشارد
"كنت ارتدي ذلك الوشاح "
"اظنني فهمت الآن ،  ، القاتل استخدم وشاحك لينهي حياتك دون ان تلمحه ، واستخدم المشنقة كفخ  يوهم به رجال الشرطة "
"لكن لما عساه الوشاح في منزل السيد بارك "
سأل جونغ كوك بينما هي قد توسعت حدقتاها ، هو معه حق لما الوشاح بصحبة جيمين ، لكنها تحاول تكذيب هذه الحقيقة التي تصعق جدار عقلها
"السيد بارك هو نفسه جيمين صديقك "
فاهت باستياء تنظر للارض
"علمت هذا ليلة البارحة ،لكنني ايضا..."
"هل هنالك اي عداوة بينكما "
بترت كلامه بسؤالها ،  الذي قد بدى مفاجىء له
"لقد كنا دائما اصدقاء جيدين"
"حاول ان اتذكر "
"هذا ما اتذكره "
"علينا زيارة منزل جيمين "
فاهت راكضة ليلحقها متجاهلين التلاميذ اللذين بداو لتوهم بالتوافد .
¤
¤
¤
طرقة..طرقتان...ثلاث طرقات ... لا جواب ، نادت بصوتها الجهروي لكن لا جواب ، ما يزال الوقت مبكرا على عمله ، وهو لا يخرج عادة الا الى العمل او شراء بعض المستلزمات
دقت اناملها بقوة اكبر تزامنا مع دقات قلبها المضطربة ، خرج والدها من الشقة المجاورة يمسح على عينيه اثر النوم بينما يحادثها بتأنيب
"اليزابيث ، هل جن جنونك اخيرا "
ركضت جاثية على ركبتيها ، بينما دموعها تتسابق على خديها ، تصرخ بصوت متقطع
"ابي ارجوك افعل شيء، قلبي ينبؤني بشيء سيء ، افتح الباب ارجوك "
اومأ لها والدها بينما اندفع يضرب الباب بكل ما أوتي من قوة ، حتى ان غالبية  سكان المبنى قد تجمهرو مقدمين المساعدة ، انبلق الباب اخيرا لتسارع ليزا رفقة والدها وجونغ كوك ، ما ان دخلت اول غرفة على اليمين ، حتى اطلقت صرخة مدوية، قد ضاع صيتها في ارجاء المبنى ، سارع جونغ كوك في ابعادها بينما والدها قد اخرج هاتفه متصلا برجال الشرطة و الاسعاف.
~الشقة الرابعة في مبنى لاروس ، ثم العثور على جثة رجل منتحر شنقا في غرفته ~
¤
¤
¤
قاعة بيضاء كبيرة ، تتوسطها صورة السيد بارك الرسمية ، مطوقة بالزهور الصفراء و الحمراء ،  يدخل الناس بازيائهم السوداء يقدمون التعازي ، بينما هي قد انزوت تحدق في تلك الصورة ، بينما تنتحب في جو من الخوف و الذهول و الانكار،  دموعها تصارع للنفاذ ، وشهقاتها تتعالى وسط أنين خافت "اكان عليك الهروب هكذا ، ما عهدتك جبانا و انت من علمني الشجاعة "
غمغمت تلمس الصورة المعلقة
استدارت عندما نكز احدهم ظهرها ، لتلقي نظرة طويلة غائمة بالدموع
"هذه الرسالة كانت موضوع في غرفته، انها تخصك "
تحدث والدها لتمسك تلك الرسالة ماسحة تلك الدموع المتدفقة بكم قميصها الاسود،  بينما تفتحها
"عزيزتي اليزابيث ، اعلم انك غاضبة مني حظ الموت ، اعلم انك صرتي تمقتينني ، و انا لا الومك ، فقد كرهت نفسي ايضا ،  لم اكن انوي الهرب هكذا ، انما كما اخبرتك تلك الليلة ، كنت انوي ان اسافر فقط ، لكن عندما طرقت والدتكي بابي و عاتبتني على انني اخبرتك شيء من الماضي ، ادركت بوضوح انك تنبشين ذلك الجرح، واعلم ايضا ان غليلك لن يهدأ قبل رؤيتك للدماء، لا اريدك ان تنظريني كمجرم ، ليس انت ، استطيع تحمل كل العيون الا عيونك ، لطالما كنت تلك النجمة ، التي تضيء ليلي بنورها الخافت ، كنت كابنة لم انجبها ، اعلم ان عقلك الآن يطرح آلاف الاسئلة ، سؤجيب عن واحد منها
سبب قتلي لجونغ كوك هو الغيرة..!
لطالما كان هو الفتى الرائع الذي يجيد كل شيء ، بينما انا مجرد سمين احمق ، حتى في الحب ، لقد احببنا نفس الفتاة لكنها فضلته عني ، في ذلك اليوم ، اعمى الحسد بصيرتي ، توجهت للنادي الذي اعلم انه لا يغادره ، في البداية كنت اريد اخافته ، شددت على وشاحه ، لكن لا اعلم لماذا استمررت ، الى ان فقد روحه ، تملكني الذعر ، وما عدت ادري اين المفر ، كانت المشنقة الحل الوحيد ، لاخفي وصمة العار التي لحقتني حتى الفناء،
ان كنت تتساءلين ايضا سبب انتقالي للشقة التي تقابل خاصتكم ، فانا اقسم انها كانت صدفة ،  لا اعلم ان كان علي تسميتها صدفة جميلة او سيئة ...

"
شهقاتها تعالت مع كل حرف ، تكتمها بكفها ، تحاول جاهدة محاربة تلك الغصة ، هي لم تره كمجرم ، ولن تفعل ابدا ...
¤
¤
¤
مرت يومان على جنازة السيد بارك ، ومذ ذلك الوقت وهي تتخد احدى الشجرات بالقرب من ذاك النهر مضجعا تشكي همها له
اقترب منها جونغ كوك يخفي نو الشمس من وجهها بجسده الطويل
"صبغت شعرك"
قال
"اجل "
"الاسود يليق بك اكثر ، انت الآن نسخة عنها "
فاه يحدق في وجهها
"انت لم تخبرني بعد سبب اختيارك لي "

"ظننتك هي ، لكن اتضح في الأخير انك ابنتها"
اومأت برأسها ليكمل
"انا سأرحل "
"لماذا تخبرني ، انت لم تفعل عندما اقتحمت حياتي"
فاهت تدعي الشجاعة ، تخارب تلك الغصة في حنجرتها
"عليك البحث عن تايهيونغ..!"

¤
¤

وانتهت رحلتنا في قارب هذه الرواية ، اعلم ان النهاية شنيعة ، لكن كان عليكم توقع هذا في الاخير هو شبح، اما عن تايهيونغ فهو قصة اخرى ستتعرفون عليها في الجزء القادم انشاء الله ، بعنوان "مسرح العرائس" قصة مختلفة و احداث مختلفة و ابطال مختلفين ، لكن لا اعدكم انني سؤنزلها قريبا ،  ربما بعد اسبوعان او شهر ..لا اعرف حقا ، سأتطرق لهذا الموضوع  في القريب العاجل ، اما عن روايتنا الحالية فسوف يكون لنا لقاء و معلومات عنها وعن ابطالها ،  لذا اتركو اي استفسار لي ككاتبة ا  لاحد الشخصيات هنا ، و سأتكلف بالاجابة عنه في تحديث خاص ،
واخيييرا ارجو من كل من علق و صوت او حتى قرأ بصمت ان يكون قد استمتع بهذه الرواية و لانه آخر جزء يمكنكم الظهور بتعليق لطيف مثلكم 
ارجو ان تكون هذه الرواية قد نالت اعجابكم و اتمنى ان تروقكم روايتى الثانية "قلوب ورقية "
الى لقاء آخر


القاعة اربعونحيث تعيش القصص. اكتشف الآن