Part 3

1.4K 100 37
                                    

مضت عدة أيام بالفعل بعد تلك الرحلة التي جمعتها مع دونغهي والصغير ميني ..
في احدى الصباحات .. بعدما انتهت من دروس ميني سمحت له باللعب ببعض الالعاب التي احضرتها له بنفسها لتبعده عن جهاز الحاسوب قليلا
اتجهت نحو السيد يون الرجل العجوز المسؤول عن نظام المنزل والعاملين القلة فيه لتشبع فضولها
هيورين : كيف هو حالك جدي
السيد يون : بخير يا ابنتي .. ولا أظنك هنا لتسأليني عن حالي ..!
هيورين بخجل : في الواقع لدي ما اسألك عنه
السيد يون : تفضلي
هيورين : في يومي الأول هنا اخبرتني انك تعمل في هذا المنزل مذ كان السيد دونغهي طفلاً
السيد يون : هذا صحيح
هيورين : هل يمكنك ان تحدثني عن ماضيه ..
السيد يون بتفكير : ولماذا يهمك الأمر !!
هيورين : في الواقع التفكير به كان يؤرقني في الايام السابقة ، كلما فكرت به أظن ان بروده وقسوته .. وحتى عزلته التي يعيش بها لم تأت من فراغ ..
اريد ان افهمه جيداً لأتمكن من التعامل معه سيكون ذلك افضل من التصادم معه باستمرار دون ان افهم مشاعره او تفكيره ..
السيد يون وهو يدعوها للجلوس : معك حق يا ابنتي .. لقد عانى السيد دونغهي كثيراً في طفولته حتى وصل الى هذا الشاب البارد الذي ترينه
بينما قضيت عمري في خدمه هذا المنزل عايشت قصة مؤلمة كان بطلها دونغهي ..
هيورين بانصات : ما هي قصته ؟
السيد يون : كان دونغهي واخته الكبرى والدة ميني يعيشان مع والديهما في هذا المنزل
عايشا صراعاتهما الدائمة ، كبرا في ظل الحروب العائلية حيث لم يتفق والده الصارم مع زوجته فكانا كثيرا الشجار .. وكثيراً ما كانت تنتهي نقاشاتهما الحادة بضرب والدته امام عيني اطفالها ..
حتى تعبت السيدة من حياتها وفرت هاربة مع عشيقها .. تاركة ابنتها الشابه وابنها ذو العشرة اعوام وحيدين يواجهان سخط والدهما ونقمه على فعلتها الشنعاء ..
زوج ابنته في سن مبكرة من رجل لم تكن تعرفه قسراً ومنعها من ارثه ومن دخول قصره ..
اما دونغهي فقد كان الأشد بلاءاً .. حيث اضطر على تحمل مزاج والده القاسي ..
منع من الاختلاط بالعالم الخارجي .. واجبر على دراسة امور الشركات منذ صغره
حرمه من طفولته .. وكثيراً ما تحمل اشد انواع الاهانة والضرب القاسي كلما عاد والده ثملاً وذنبه شبهه الكبير بوالدته
فكان يخرج غضبه وسخطه على ذلك الطفل البائس حتى كبر واصبح شاباً بارداً لا يثق بأحد
يكره والداه اكثر من اي شخص في هذا العالم .. لم يعرف الحب او السعادة طريقاً الى قلبه من قبل
بسبب ادمان الكحول اصيب والده بمرض عضال في كبده توفي على اثره وترك لدونغهي ثروته بأكملها
استمر بعمل والده لكنه لم يخرج ابداً عن بروده وقسوته .. كره العالم وعاش في ظلامه بعيداً عن كل شيء ..
اما وفاة اخته الكبرى التي كانت مصدر الدفئ الوحيد له فكان كالصاعقة التي بترت اخر امل له في هذا العالم ..
لم يعد له رغبة في الحياة لولا وجود ميني الصغير الذي اصبح تحت وصايته
وتخليداً لذكرى اخته قرر تربيته وحمايته من كآبة هذه الحياة .. حتى لو لم يظهر ذلك لكنه يحبه حباً جما ويعتني به كانه ابنه ..
وهذه هي حكاية السيد دونغهي باختصار شديد .. اظنك ستضعين لعجرفته عذراً الان ..
هيورين تحاول منع دموعها : يا الهي .. لم اتوقع كل هذا الخراب في حياته ...!!
السيد يون : ارجوك يا ابنتي تحملي مزاجه السيء فهو لم يعرف معنى اللطف في حياته .. لا تلومي قسوته وانما لومي قسوة واقعه ..
هيورين : لا بأس .. في الحقيقة انا هي الشخص الذي اخطأ بحقه .. ربما ادين له باعتذار ..
ابتسم لها العجوز بلطف وهم بالمغادرة وفي قلبه لمحة امل .. ان هذه الفتاة ستكون الضوء في عتمة سيده ....
اما هيورين فقد انطلقت حيث اخذتها قدميها بدون ان تعي .. اليه ..
كان يقف على شرفة منزله يحدق في الفضاء .. بدا كما لو انه يشكي ألمه للفراغ ..
اقتربت منه حتى شعر بخطواتها فالتفت اليها ليغرق بدموعها المتموجة في عينيها ...
اخذه الصمت للحظات وهو يتأمل كل انش فيها .. يتسائل اي قسوة في العالم جعلت عينيها الجميلتين ذابلتان بهذا الشكل حتى اعتصرتا الدموع ..
حتى لدموعها رائحة عذبة تسللت لقلبه جعلته ينفض غبار السنين .. ويصحو عليها ...
بينما كانت منشغلة في التفكير به .. برجل تائه بين محطات الوجع .. فقيد حتى في احلامه .. رجل من يأس غارق في ظالم حالك اكل قلبه وعقله .. فما بقي منه الا الرماد ..
كيف لها ان تجد السبيل الى قلبه المفقود .. وكيف ترمم الرماد وتعيد احياءه ؟!
كيف تجمع شتات احلامه بردائها وتعبر محيط يأسه لتردها اليه .. اين تعثر عليه ؟؟؟
تكلمت أخيرا : اظن انني ادين لك باعتذار ..
دونغهي : عن ماذا ..؟
هيورين : عن الحماقات التي تفوهت بها اتجاهك على الشاطئ ..
دونغهي : ما الذي يبكيك ؟!
هيورين تبتسم : حماقتي ....!
تخطاها مغادراً .. اراد الانسحاب قبل ان يتوه بها اكثر .. من هذه الفتاة التي اقتحمت خلوته بغته ..
وكيف لها ان تترك وقع خطاها بداخله بهذه السهولة .. ادرك انها خطر يحيط به ..
وان عليه ان يجري مبتعدا عنها قدر الامكان .. وان لا يتخطى المسافة التي سيرسمها لتفصلها عنه ..
مضت الايام تتلوها الأيام .. في قرارة نفسها كانت مصرة على ان تعيد الحياة لهذا القصر وصاحبه ..
وها هي اليوم تجر ميني معها لتبدأ في تغيير الحديقة الذابلة ..
قررت العناية بها من جديد وزرع مختلف انواع الزهور والنباتات فيها لتعيد لها الروح .. وتزيدها خضاراً ..
استغلت درس العلوم عن النباتات في كتاب ميني لتشرحه له بطريقة عمليه اثناء غرسها في حديقتهم ..
وهكذا شغلا نفسهما طيلة النهار بازالة الاعشاب الضارة المنتشرة في الحديقة وزرع البتلات بدلاً عنها
دون ان يخلو الجو من المرح واللعب حتى بدأت حرب رشق الماء التي بدأتها بتبليل ميني ولم يقصر هو بتبليلها عندما تمكن من اخذ خرطوم المياه منها
اسرعت بالجري هرباً منه وهي تضحك بأعلى صوتها وهو مستمتع بتبليلها بالكامل ..
اثناء تلك الاجواء المرحه من اللعب كان دونغهي في اجتماع مهم مع مدراء شركته في الطابق العلوي ..
بسبب صوتهم المزعج نهض الى النافذة ليرى ما يحدث فتفاجئ بمنظرهما ..
نسي اجتماعه والمدراء .. استمر في مراقبتهما فحسب .. ممتناً لرؤية السعادة البادية على وجه ميني ..
ولم تغب تلك الفتاة المزعجة عن عينيه .. رغم انه اتخذ قراره بتجاهلها قدر الامكان .. لم يتمكن من منع نفسه ان يتأمل ضحكاتها التي رن صداها في اذنه ..
مظهرها المبلل وهي تجري خلف ميني تارة وتهرب منه تارة اخرى ..
لم يتمكن من منع نفسه من ترك اجتماعه والاتجاه نحوهم ليتوقفا عن اللعب فور رؤيته ..
دونغهي ببرود : ما الذي تفعلانه ؟
هيورين : كنا ندرس ..
دونغهي : ولماذا هو مبتل هكذا ؟
هيورين : هو من بدأ ..
ميني : يااا هل تخليتي عني انا الان !!!
هيورين تضحك : كان علي ان انتقم منك ..
دونغهي : ما الذي يحدث هنا
هيورين : كنا ندرس عن النباتات وقررنا زرع بعض النبات في الحديقه سترى حديقة جميلة عن قريب
دونغهي بغضب : الا يجب عليك ان تكوني اكثر حذراً .. ماذا لو اصيب بالمرض بسبب الماء ..!
هيورين : حظينا ببعض المتعة فقط
ميني : لا تقلق علي انا بحال جيده تماماً كنا نلهو قليلاً
دونغهي : اذهب لتبدل ملابسك بسرعة
ميني : حاضر
هيورين : اعتذر ..
قاطعها بهدوء : اشكرك ..
هيورين بتفاجؤ : ماذا !!
دونغهي : لانك اعدتي الابتسامة لميني .. حبه لك يبدو ظاهراً من نظراته ..
هيورين تبتسم : لم افعل شيئاً ...
دونغهي : لكن ذلك لا ينفي حقيقة انك تتصرفين بتهور .. عليك ان تكوني اكثر حذراً ..
هيورين تلوي شفتيها بطفولية : ألا يمكنك ان تستمر بكونك لطيفاً لأكثر من دقيقة .. !
دونغهي بغضب : ماذا ؟؟
هيورين تبتسم بخفه : اتعلم .. عليك ان تكف عن عبوسك في بعض الاحيان ... اشعر انك تخفي ابتسامة جميلة ..
دونغهي ببرود : من الأفضل لك ان تقلقي بشأن ملابسك التي تظهر كل شيء الان بسبب تبللها .. اشعر انك ستموتين من الاحراج بعد لحظات ..

" سيد الظلام " حيث تعيش القصص. اكتشف الآن