البارت الخاص

1.6K 126 41
                                    

مر شهر بايامه الطويله البائسة ، لا شيء جديد في حياتها
حصلت على عمل جديد في مقهى صغير بالمدينة كعمل جزئي بعد انتهاء دوام المدرسة التي تعمل بها
اعتادت على رسم الضحكات على وجوه الاطفال وزبائن المقهى بروحها
دون ان تتمكن من استعارة احدى تلك الضحكات وارتداءها ولو لوقت قصير ..
منذ رحيلها عن ذلك المنزل رحلت روحها عنها معه ، حاولت كثيراً البدأ من جديد
لكنها كانت تتعثر به في كل محاولة ، فتسقط مجدداً غارقة بعالمها الخاص من الذكريات والخيالات ..
اعتادت الاشتياق لرجل من سراب ، جاءها كحلم وغادرها كحلم .. وماتت ما بين الحلمين ..!
في احدى الايام المملة المتكررة ، بينما كانت تعمل في المقهى بعد العصر بقليل ..
سمعت كلاماً دار بين رجلين شدها لاستراق السمع لما يقولانه ..
- هل صحيح ما سمعته عن منزل سيد الظلام ؟
- بلى ، يقال انه عرض منزله للبيع ، وانه قد قرر الرحيل عن هذه المدينة للابد .
- هذا أفضل ، وجود رجل مثله في مدينتنا يوترني
- لم يؤذِ احداً قط ، كما انه استقبل في منزلة عدداً وفيراً من الناس في حفل بداية السنة ، فلماذا يوترك وجوده !
- لا اعلم هو فقط شخصيه مرعبه حسب ما سمعت عنه ..
توقف قلبها عند سماع ذلك الكلام ، رغم ان روحها بهتت منذ فراقه الا ان ما يبقيها على قيد الحياة حتى الان انفاسه ..
انها كلما شعرت بالوحده واليأس ، كلما اشتاقت له كانت تنظر الى السماء والواسعه لتطمئن قلبها انه قريب فهو تحت هذه السماء ايضاً ..
فان لم تجمعهما الارض جمعتهما السماء ، انها مع كل نفس تستنشقه في الصباح تمني نفسها ان فيه من انفاسه وشيء من عطره حمله الهواء اليها بعد ان اشفق على اشتياقها ..!
لم يعد للصبر مكان في عقلها ، وما عاد للتعقل مكان ، خلعت ازار العمل وجرت مسرعه ..
الى حيث يأخذها قلبها لا قدماها ، فهي مهما حاولت يائسة لم يتمكن ذلك القلب المسكين من ترميم نفسه ولم تتمكن من اقناعه بان كل شيء انتهى ..
كما قال من قبل ، فهي مريضة بالأمل والانتظار ، يسعها الانتظار مئة عام فقط لتراه ..
دخلت من البوابة الحجرية لاهثة لتقابل السيد يون امامها متفاجئاً وجودها في المكان
السيد يون : ما الذي تفعلينه هنا !!
هيورين : هل صحيح انه سيرحل ؟
السيد يون بحزن : اجل .. سيذهب للخارج مع ميني ونحن سينتتي عملنا عند هذا الحد .
هيورين : يجب ان اراه في الحال
السيد يون : لازالت اوامره على حالها ، كما انه يبدو مصمماً على الرحيل لن يتمكن شيء من ثنيه عما عزم عليه .
هيورين : ارجوك دعني اقابله للمرة الأخيره ارجوك ..
نظر اليها بحزن قبل ان يفسح لها المجال هامساً : سينتهي عملي هنا على اي حال ، لا شيء اخشاه ..
ابتسمت ثم جرت مسرعة اليه ، فتحت باب المكتب بقوة لكنها لم تجده هناك
فاسرعت نحو غرفته ، فتحت الباب دون استئذان ، كل يجلس على سريره .. يحني رأسه للاسفل فلا تظهر ملامح وجهه المختفية خلف شعره الاسود ..
اخذ نفساً عميقاً مشبعاً برائحة عطرها قبل ان يرفع رأسه اليها باستهجان .
يجهل ان كان في حلم او علم ، هل هو طيفها يعود اليه كما في كل يوم !
لكنها تبدو اكثر واقعية ، اكثر جمالاً واكثر حزناً ، واشد وقعاً على قلبه
نهض وهو يتأمل كل شبر فيها ، ملابسها البسيطة ، شعرها المرفوع للاعلى ووجهها مسلوب اللون الذي تشوبه بعض خصلات شعرها الساقطة عليه اثر جريها بتلك الطريقة .
وأخيراً .. اهم ما يجذبه لها .. عيناها المتسعتين ، بحر من العسل تتمايل فيه امواج الدموع منذرة بتساقط المطر ..
تظاهر بالبرود ، جمد عروقه التي تصرخ باسمها ، لم يقتلها طول الغياب او الحنين ..
تكلم ببرود : ما الذي تفعلينه هنا ؟
هيورين : ايها الأحمق
دونغهي : غادري في الحال
هيورين : أكنت تنوي الرحيل حقاً ، اين تذهب وتتركني عالقة فيك ، اي قسوة هذه !!
هزته نبرة الحزن في صوتها ، فاض بقلبه الشجن لكنه كما العادة يكابر .. يتظاهر بالقوة وهو اضعف ما يكون نحوها ...
صرخ باعلى صوته : سيد يون ، ما الذي تفعله هذه الفتاة هنا ؟
دخلت وأغلقت الباب خلفها بالمفتاح ، واقتربت نحوه بخطى بطيئة
ومع كل خطوة تتعالى نبضاتهما حتى اتحدت على ذات المقطوعة الموسيقية .. لحن الحب ..
وصلت اليه اخيراً ، لمست بباطن كفها وجهه الشاحب فينتقل دفئه الذي عهدته الى قلبها ويسكنه ..
هيورين : اشتقت لك ...
حاول تمالك نفسه من لمستها وهمس : انتِ تتجاوزين حدودك .
هيورين : اعتدت تجاوزها دائماً ، ابعدنا العقل عن بعضنا بما يكفي فلن اخضع له مجدداً ..
دونغهي : لا يجب ان تكوني هنا ، وجودك بجانبي لا يزيدك الا ألماً ..
شدته من ربطة عنقه اليها لتسكت كلماته الباردة بقبلة التحمت فيها الشفاه بعد غياب طويل
انتعشت روحهما بالحياة بهذا القدر البسيط من التواصل الذي انقطع طويلاً ..
دب الحب في اوصالهما وانتشت افئدتهما لهذه الانفاس التي حرما منها طويلاً
لم يتمكن عقله من الصمود امام لذة شفتيها التي اشتاقها طويلاً
بادلها قبلتها بجنون اكبر ، بشغف اكثر لكل ما فيها .. انصاع لارادتها التي تخضعه قصراً لحكمها ..
ابتعدت عنه بقدر بسيط ليلتقطا انفاسهما لاهثين من حرارة هذه القبلة التي بدلاً من اطفاء الشوق زادته اشتعالاً في نفسيهما ..
اسندت جبينها على جبينه واغلقت عينيها ، همست بنفس مسلوب من قبلته : لا تحاول ابعادي مجدداً ..
دونغهي : لا اريد ايذاءك ..
رفعت يدها الى صدره تلمس نبض قلبه ، تخبره انها هنا ولن ترحل مجدداً
هيورين : انت لم تؤذيني ابداً سوى بابعادي عنك
دونغهي : وجودك بجانبي سيؤلمك ويجلب لك الحزن
هيورين : لم اعد اخشى الحزن او الالم ، لا اخشى سوى غيابك ..
احاط وسطها بذراعيه وضمها اليه اكثر فيعيد الحياه الى جسده بها
وما كان منها الا ان تغرق وجهها في صدره ، تستجدي دفئه لينقلها الى عالمه الخاص وحدها ..
دونغهي : افتقدتك كثيراً ، بغيابك اختلط ليلي بنهاري فما عدت اعيش احدهما ..
هيورين : لن ابتعد عنك ثانيه حتى لو كلفني ذلك حياتي .. انا احبك ، انت انفاسي ونبضي
انت الروح التي تسكنني وانا بدونك لم اكن سوى علبه فارغة لا حياة فيها ..
جرحتك ، اعلم انني جرحتك بكلماتي واذيتك ، ارجوك اغفر لي فقد نلت ما يكفي من العقاب على حماقتي .
دونغهي : انتِ لم تقولي سوى الحقيقة ، انا لا استحق حبك فانا لم اتمكن من الوفاء بوعدي وحمايتك من الالم
هيورين : لا اريد ان تحميني فحسب ، اريد ان اتغلب على كل الصعوبات التي ستواجهني بالمستقبل معك فقط عليك ان تبقى بجانبي ..
ابعدها عنه بمقدارٍ بسيط ، سمح ليده ان تعانق وجهها وتلامسه فتحفظ ملامحها من جديد
حتى ارتكزت عيناه على شفتيها ، تلك القبلة السابقة لم تشبع نهمه .. لم تكفِ روحه
فعاد ليسرق منها قبلة اطول أمداً اكثر شغفاً ، اعتصر كل ما في شفتيه من كلام في تلك القبلة لتتذوق حلاوة ما في قلبه نحوها ..
ابتعدا بعد وقت قصير ، سحبها لتجلس بجانبه على السرير بينما ايديهما متعانقه بحب
دونغهي : هل انتِ متأكدة مما تفعلينه ؟
هيورين : بالتأكيد ، اريد البقاء بجانبك الى الأبد ، لا اريد الابتعاد عنك أبداً مهما حصل ..
دونغهي يبتسم : يمكنني حل ذلك ببساطة
تساءلت : كيف ؟
دونغهي : تقبلين الزواج بي ، وبعدها لن اسمح لك بالابتعاد ابداً
اتسعت عيناها دهشة وتجمدت ملامحها . لم تتكلم ولم تستيقظ من ذهولها حتى فرقع باصابعه امامها لتستيقظ من شرودها
دونغهي : ما بك !!
هيورين : لابد ان شيئاً ما حدث لك ، هل تعني ما تقوله .. اعني هل تعي انك عرضت علي الزواج منذ لحظة !!!!
دونغهي : ولازلت بانتظار اجابتك .
هيورين بارتباك : ألا تظن انك تتعجل الأمور ، اعني انك لم تؤمن بالزواج يوماً ثم تطلب يدي فجأة ، ربما لازلت تحت تأثير صدمة فراقنا
دونغهي : ليس تماماً ، كنت انوي طلب يدك سابقاً قبل كل ما حدث لكن الظروف عاندتنا
كما انني لم أؤمن بالحب أيضاً حتى عرفتك ، انتِ من غيرت حياتي وافكاري
هيورين : لكن ذلك ..
دونغهي بهدوء : اذا كنت لا ترغبين بذلك ..
قاطعته : بلى ... انا اقبل .. انا احبك ولا اريد لشيء ان يفرقني عنك ، لكنني تفاجأت فحسب فلم اتوقع ان تطلب مني ذلك بهذه السرعه ..
دونغهي يبتسم : أنسيتي انني في الثلاثين من عمري ، لو انتظرت اكثر سأصبح عجوزاً ولن تقبلي بي
هيورين تضمه : حتى لو غزا الشيب رأسك فستبقى الرجل الوحيد الذي احبه وارغب في البقاء معه ..
ضمها اليه اكثر وهمس : لنعجل بأمور الزفاف ، اتوق لجعلك تسكنين بقلبي ومنزلي
ابتعدت عنه لتحدق فيه بشيء من الانزعاج وهو ينظر اليها متعجباً
دونغهي : ماذا ؟
هيورين : تريد التعجيل بامر الزفاف ، وتقول انك قد عرضت علي الزواج للتو
بدون خاتم جميل ، وبدون ان تنحني على ركبيتك امامي وحتى انك لم تقل كلمات الغزل التي توقد هذه اللحظات ..!
دونغهي : الخاتم .. انه في مكتبي ، لم احضر لهذا العرض لذلك ليس بحوزتي ..
هيورين : يا الهي اي برود هذا ، تجيب بكل هدوء كانك لم تفسد للتو لحظة تاريخية تنتظرها الفتاة عمرها باكمله !!
جذبها اليه واضعاً رأسها على صدره فتصمت ، حتى لو كان حبه الهادئ يزعجها في بعض الاحيان لكن لمسه منه .. مجرد عناق بسيط سيرضيها ..
همس : وما اهمية هذه اللحظات العابرة ، ما يهم اكثر هو الحب الذي يجمعنا
الحياة القادمة التي سنعيشها معاً ؛ الأمور التي سنتشاركها واكثر ما يهم اننا سنكون معاً ..
ابتسمت واغرقت نفسها في حضنه اكثر كعصفورة صغيرة وجدت عشها ..
بعد ايام قليلة ، وكما اراد كان يوم زفافهما الذي اقتصر على عدد بسيط من المدعوين
ارتدت الأبيض الذي زاد بياض جسدها اثارة ووقفت في اول الممر الطويل مع السيد يون الذي اصرت على جعله من يوصلها ليد عريسها

" سيد الظلام " حيث تعيش القصص. اكتشف الآن