كانت تمشي بهدوء خلف رجل سبعيني شاحب الملامح ثقيل الخطى يرتكز على عكازه قديمه وقد احنى ظهره الزمن ..
تنظر لهذا المكان الباهت .. اشجار الحديقة الضخمه التي على الرغم من كثرتها لا تزيد الحديقة الا ذبولا
وفي اخر الممر الحجري المعتق الطويل يقبع منزل بلا الوان كانت تتجه نحوهتكلم الرجل العجوز بعد برهة من الصمت : سيقابلك السيد قريبا يا ابنتي .. وحتى لقائه يفضل ان تلتزمي الصمت وألا تلمسي شيئا من اثاث المنزل ..
سيدنا رجل صعب , يكره الغرباء ويكره التطفل , بقائك بعيدا عنه هو خير ما تفعلين لتحافظي على وظيفتك في منزلهتكلمت بشيء من القلق : لا بأس , سمعت بعض الشائعات عن الرجل الذي سأعمل عنده , واعلم كم هو شخص صعب , لكن لا اظن انني سأحتك به كثيرا فعملي الاعتناء بالسيد الصغير فحسب
الرجل العجوز : يكون ذلك افضل من اجلك
استوقفته بعد وقت قصير لتستشفي منه حقيقه رئيس عملها الجديد وان كان ما يقال عنه من شائعات صحيح فأجابها بابتسامة لطيفه الرجل العجوز : عاده ما يبالغ الناس ويهولون في الشائعات يا ابنتي , لا تصدقي كل ما يقال. لقد عشت في هذا المنزل منذ كان السيد طفلا صغيرا
ربما ما عاناه في حياته جعل منه شخص صعب المراس , قاس ومتبلد المشاعر لكن ذلك لا يعني انه شخص سيء !
هو فقط اعتاد الوحده ورافقها , ولم يعد للثقة مكان في قاموسه فما كان منه الا ان تقوقع على نفسه فلا يختلط بجنس البشر الا قليلا ..انهى جملته تلك وعاد لصمته تاركا اياها تفكر بما قاله عن هذا الرجل المشهور بقسوته وعدائه لكل من حوله ..
ثم ما لبثت ان نسيت امره وهي تتأمل أثاث القصر العتيق ولوحاته التاريخيه ..
لماذا يبدو كل انش في هذا القصر كما لو انه يصور سيده تماما .. مظلم لا دليل على الحياه فيه
رغم ثراء صاحبه الا انه يبدو جليا انه لم يكلف نفسه عناء الاهتمام بهذا القصر الضخم
بل تركه للزمن ينهش حجارته ويقتات من اثاثه الكلاسيكي العريق رغم قدمه .. !وصلت أخيرا الى مكتبه , اعتذر منها العجوز وتركها ليأخذ اذن سيده بادخالها
دقائق فقط هي ما انتظرته بالخارج حتى عاد اليها العجوز مشيرا لها بالدخول
كانت على وشك ان تخطو اولى خطواتها بداخل مكتبه قبل ان تعيد نظرها الى العجوز بتعجبهيو رين : الن تدخل معي سيدي ؟
الرجل العجوز : سيقابلك وحدك ..
تنهدت بشيء من الخوف , تمالكت نفسها ودلفت الى مكتبه لتجحظ عينيها من هذا المكان
مظلم بكل زواياه , لم تعرف اشعة النهار اليه طريقا بسبب الستائر المخمليه السوداء السميكه
مكتب خشبي ضخم اسود اللون واريكة جلديه واسعة وجدران شاحبه بلا الوان !

أنت تقرأ
" سيد الظلام "
أدب الهواةسيد الظلام .. رجل رافق وحدته طويلا .. عايش فصول الألم وتقلباته .. حتى اقتحمت وحدته .. قلبت موازين حياته ، غيرت الوان عالمه بيديها .. بقلبها وبابتسامتها .. هل يجد النور أخيراً بين يديها بعد ان غرق في الظلام حتى اذنيه ..!! ماذا عن القدر هل سيسمح له...