"الفصل الثامن"

240 12 3
                                    

إستلقت فرح على سريرها بعد يوم طويل وشاق ، كانت قلقة من ان مارك لم يتفاهم مع آسر جيداً وراح تفكيرها يغوص في اعماق تلك الذكريات والأيام الجميله التي جمعتها به ، بعد دقائق دخلت مرح الى الغرفة واستلقت الى جانبها تنظر الى السقف
"ألم يتصل بكِ؟"
اطلقت زفرة ملل
" انا أُهاتفه منذ الصباح ولم يجيب ، هل من الممكن ان يكون آسر قد فعل له شيء ؟"
"لا يمكن آسر لايفعلها "
" اذا لماذا لم يتصل بي وآسر لم يخبرني بشيء؟"
" إسأليه إن كنتِ قلقة لهذا الحد "
" هل جننتي تريديني أن أسأل آسر من أجل ان يقتلني؟ لا استطيع "

في صباح يوم الجمعة، كانت العائلة مجتمعه على طاولة الطعام ، الصمت يسود تلك المائدة كالعادة ،ومع وصول الصحيفة اليوميه للجد وصل ساعي البريد يحمل معه مظروف مُرسل الى الجد ولم يقبل ساعي البريد تسليمهم الظرف
"قيل لي أن اسلمه للسيد فاروق شخصياً يجب أن يوقع هو على الاستلام "
بعدما فتح الجد ذلك المغلف كان داخله صور أثارت غضبه، فتح عينيه الغائرة بين التجاعيد لم يكن مصدقاً لما يراه ثم تقدم نحو الأب
" انا لن اتحدث كثيراً انظر الى فساد إبنك يا جلال"
رمى أمامه الصور ، ظل الجميع ينظرون الى بعضهم البعض متسائلين من هو الابن الفاسد الذي يتحدثان عنه لكن الأب بقى صامتاً وهادئً كعادته يُحدق بالصور دون ان يلمسها أو يرفع ملعقته من الصحن
" انت من رباهم ياابي ليس شأني"
قال ذلك ثم نهض من المائدة ودخل الى غرفته ، بعدما تناقلت الصور بين ايدي الجميع والكل ينظر اليه بإشمئزاز سحب آسر الصور وصُدم من رؤية نفسه نائماً في سرير مرام يحتضنان بعضهما وكأنهما عاريان حتى لو كانت الصور تظهر القليل من جسديهما الا ان المشاهد كانت في قمة الإنحطاط ، بالطبع آسر لم يتفوه بكلمه بعدما رآى الجميع ذلك وأيضاً هو لا يستطيع انكار هذا الامر لانه بالفعل كان معها في تلك الليلة ..
ساد الصمت لدقائق وهو يقبض على اصابعه بغضب ولا يستطيع رفع عينيه بحضرة الجد الذي همَّ قائلاً
"هذا آخر شيء كنت اتوقعه منك آسر قل لي بأن الذي في الصورة ليس أنت قل انه ليس حقيقي"
قال منكساً رأسه وهو يشتعل غضباً
"للأسف أنا من في الصورة ياجدي"
كان يضغط على عقله يحاول تذكر أي شيء من تلك الليلة التي أصبحت كابوس بالنسبة له
" لقد اتهمتُ تلك الفتاة بالكذب يوم أمس عندما أخبرتني انها تحمل طفلٌ منك لكنها للأسف لم تكن كاذبة "
فتح آسر عيناه بصدمة يصحبها غضب ثم فز واقفاً
"انها كاذبة لم يحدث شيء من هذا القبيل "
رمى الصور في وجهه اصابته بخدش بسيط ، بصوت حاد وصخِب
" اذاً كيف تفسر هذا ؟ اجبني؟"
"صدقني ياجدي لم افعل شيء انا لست من هذا النوع انت تعرفني جيداً انت من رباني "
"للأسف كنت مخطئ في تربيتك يا آسر"
سحب هاتف حفيده من على الطاولة ورماه أمام ريان وصاح بصوت شديد
"اتصل بتلك الفتاة وأخبرها ان تأتي عصر اليوم"
عندما حاول الكلام أسكته الجد بزجرة مرعبة " اخرس قبل ان اطردك من المنزل"
رد بصوت يكاد يكون عالياً
" اذاً فقط اطردني وانتهى لن اقابل تلك المرأة"
" ستتزوجها ياآسر هذا ليس خيار بل انا أجبرك على فعل ذلك المسألة لم تعد بين حبيبين اختلفا انها مسألة عائلية هذه ليست لعبة لقد اصبح بينكما طفل يكفينا فضائح الى هنا "
يصرخ بوجهه يفرض عليه مايجب فعله
"جدي أقسم لك انها كاذبة"
"وهل يؤخذ بقسم شخص زاني ؟"
"جدي"
قال ذلك آسر بينما يختنق بوجع في جانبه الأيسر كانت الكلمة صعبة جداً على ان يستوعبها أمام العائلة ، لا يستطيع النظر الى عيني احد ، والدته التي كان يشعر بها دون النظر اليها ، ان الصدمة تعتصر قلبها لكنها لاتستطيع التفوه بكلمة
" ليس آسر الجميع الا آسر"
قالت ذلك بينما تضع يدها على قلبها تحاول السيطرة على دموعها لكي لاتسقط ..
لينا التي صدمت بشدة
" مستحيل"
انها لا ولن تصدق ان آسر يرتكب فعلة كهذه فهي تثق به الى ابعد الحدود
مرح التي بقيت تحدق بالصورة أمامها حِسها القانوني دفعها للتحقيق عن حقيقة الصور
" انه نائم واضح بأنه ليس في وعيه"
تهمس الى ميرا التي صدقت الأمر بسرعة انها كجدها تماماً تهتم بما تراه لكن مع ذلك فهي لاتريد تصديق انها حامل من آسر
" آسر لن يفعلها"
تعيد همساتها الى مرح التي تجلس الى جانبها ، انهى الجد النقاش
" لقد انتهى الموضوع عندما تأتي الفتاة سنحدد موعد الزفاف وانت لن تعترض "
الكل صامت لم يتدخل أي أحد منهم ليمنع هذا الأمر الجميع خائف من غضب الجد..
انتفض آسر بغضب وصعد الى غرفته تبعه ريان الى أعلى يعلم ان هذا مستحيل أن يحدث ، عند دخوله للغرفه وجده يتكلم مع نفسه وهو يدور في الغرفة لا يستطيع تصديق مارآه
" لا يمكن لم افعل شيء انا متأكد "
"أنا أصدقك ولكن هذه الصور لاتبدو مصطنعه انها بالتأكيد حقيقيه "
يحاول تهدأته بأي طريقة
"لقد خدعتني ووضعت لي مخدر في القهوة هل من الممكن ان افعل شيء وانا تحت التخدير ؟ ها ؟ ريان ؟ قل لي ان هذا لم يحدث بل انا احلم صحيح؟ هذا حلم ؟ ريان "
ماذا ينتظر منه ان يجيب كيف له ان يثبت انه لم يفعل شيء؟
" هل صدقتني الآن عندما اخبرتك انها خدعتني؟ هذا ماحدث معي بالضبط في تلك الليلة ، استدرجتني الى هناك وخدرتني في وقت وصولك كي تراني معها "
نظر له بسخريه وكأنه يتهمه بالكذب ،
" صدقني لقد فعلت ذلك لكي تلغي زفافي من ميرا لكنك ابقيت الأمر سراً ولم تتكلم "
"لنفرض انك صادق في كلامك والان لماذا تفعل هذا معي ؟ ها ؟ مالذي تريده بالضبط بقول انها حامل؟ سأفقد عقلي"
" لنفرض؟" بنبرة حزن ..
" طبعاً، لاتعتقد بأني سأصدقك او اسامحك، لايمكن ان اثق بشخص مثلك "
ثم صاح "حقاً سأصاب بالجنون لماذا يوجد مثل هؤلاء الاشخاص في عالمي؟"
" آسر ارجوك اهدأ ، سنكتشف الامر "
" لا يمكن ان يكون ابني اليس كذلك يمكنني اثبات ذلك "
"بالطبع ولكن لن يحدث هذا الا بعد ولادة الطفل قبل ذلك لا نستطيع يكون خطر على حياة الأم والطفل معاً، بالطبع إن كانت حامل من الاساس"
" متى علِمت انها حامل ؟ريان لم يمر شهر على تلك الليله ان كانت تدّعي انها صادقه"
"فقط اهدأ الان وانا سأحل الامر لاتقلق ، لاتفكر كثيراً هذا يؤثر على دماغك، الورم يزداد حجماً يجب ان تفكر بصحتك اولاً آسر أنا ارجوك "
بعد ان تفرق الجميع بسبب تلك المشكله التي حدثت لم يستطع احد التحدث الى الآخر كانت أوامر الجد ان يذهب الجميع الى غرفته..
بعد ساعات قليلة رن هاتف فرح لقد وردتها رسالة من مارك بعد ان فقدت الأمل من تواصله معها والتي كان محتواها
" إن أخاكِ لا يريدنا معاً، انا آسف كان حبي لكِ كبير لكنه جرح كرامتي دعينا لانتقابل مجدداً ، وداعاً "
صُدمت بقراره ، رفعت الهاتف بسرعه وطلبت رقمه تحاول معرفة ماحدث لكنها فوجئت بأن هاتفه مغلق ولا تستطيع الوصول اليه .. على الرغم من ان مرح كانت تتحدث اليها الا انها فقدت عقلها تماماً ثارت ثائرتها وخرجت بسرعة متجهه الى غرفة آسر كانت تعتقد بأنها غلطته وهي تفكر في طريقها
" لقد خدعني ، لقد كذب عليّ واكملت كلامها وهي تفتح باب غرفته مع صوت عالي اخترق لحظة عمله على احد المشاريع
" ماذا فعلت؟ لقد اخبرته ان يتركني اليس كذلك؟"
اجابها ببرود " هل جننتي؟ بماذا اخبرك ذلك الاحمق ؟"
ردت بعصبيه تتهجم على اخاها
" لقد خدعتني وانا وثقت بك مثل الحمقاء كنت اعتقد بأنك فعلاً شخص جيد يا آسر"
ضرب الملف الذي كان بيده بالمنضدة وفز واقفاً ثم أمسك بذراعها بقوة يصرخ بغضب
" لقد ردعت مروان عن ضربك لكني كنت مخطئ كان يجب ان يُأدبك بالفعل ، لقد تعفنت اخلاقكِ عندما سمحتُ لك بذلك"
اجابته بوقاحة تستهزء
"من الذي يحدثني عن الاخلاق ؟انت بالذات لاتتحدث عن شيء كهذا ابداً "
كانت تضرب بأصبع السبابه على صدره "انت... شخص ...زاني ....يا آسر "..
صفعها بقوة حتى أسقطها أرضاً دون أن يشعر ، قوة الضربه أحدثت ذلك الصوت الذي وصل الى آذان يمان في الغرفة المجاورة ، ركض مسرعاً ليرى مايحدث لكن مرح اوقفته أمام الباب ومنعته من الدخول ، هي الأخرى لم تتدخل خوفاً من آسر
دفعها من أمام الباب ودخل مسرعاً بعدما سمع صوت آسر الغاضب
" قلت لكِ أخرجي لا أريد ان أراكِ أمامي " وهي رغم الصفعة كانت مصرة على التحدث اليه ، تلك أسوء خصلة في شخصية فرح العناد انها عنيدة جداً على العكس من توأمها ،
دخل يمان الى الغرفة متسائلاً بوجه مندهش " مالذي يحدث؟ لما أصواتكم عالية ؟"
صاح آسر وهو يواجه نافذة غرفته وشعاع الشمس يخترق عينيه يضع يديه في جيبه، بقميص أبيض قطعت احد ازراره لقوة الصفعة يظهر القليل من أعلى صدره
"خذ أختك من أمامي لااريد ان أراها مجدداً "
سحبها يمان الى خارج الغرفة وهي مستمره في الكلام وبعد ان اصبحا خارجاً أغلق فمها
" هذا يكفي ، انا لااعلم مالذي يحدث بينكم منذ يومين ولكن الى هنا يكفي لقد سئمت من تصرفاتكم ، فرح إسمعيها مرة واحدة من اخاكِ الصغير ، رغم كل ماحدث مع آسر أنا أصدقه ، راجعي نفسكِ جيداً تأكدي في النهاية ستكتشفين بأنكِ انتِ المخطئة "
طرف عيناه بحنق وتركها تقف في حيرة من كلامه ...
سحبتها مرح من يدها وادخلتها الى الغرفة محاولةً منها لتهدئة الأمر !!

أزهار الياسمينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن