ورقة بيضاء كبيرة موضوعة على لوح خشبي مائل مع اقلام رصاص وبعض العدة يقف بقميص يحدد معالم جسده يفتح الزر الأعلى يظهر القليل من عضلات الصدر يطوي كمّيه الى الاعلى بلون السماء الفاتح لا يزيد جمالاً عن لون العسل في عينيه كما خصلات شعره المصففه بطريقه احترافيه ببنطال كلاسيكي حالِك ، بكامل تلك الأناقة يعمل على رسم احد المشاريع يشرد بالمخططات والافكار التي تتوالى على ذهنه حول ذلك المشروع ، انه الأهم في هذه الشركة حيث سُلِم له لأنه المهندس الأكفأ بين زملاءه ،!
قطع لحظة شروده رنين الهاتف الذي احدث صوت صاخب لوضعه على الخشب بالوضع الهزاز ، كان اي شخص سيفزع لذلك الصوت الذي قام بصورة غير مباشرة بإفساد الخط الذي كان يرسمه على تلك الورقة
" اللعنه لقد كنت اسير جيداً ، مَن ذلك المزعج ؟"
"مرحباً"
رد على هاتفه ينتظر الإجابة من الطرف المزعج الذي بدا رده قد تأخر قليلاً
" إن لم تريد التحدث فلا تتصل "
أتاهُ الرد قبل ان ينزل الهاتف من على اذنه ليفصل ذلك الأتصال
" مرحباً آسر"
لم يصدق ماسمعه ، هل ذلك الصوت حقيقي أبعد هاتفه ينظر الى رقم المتصل لعله يكون حُلم والخوف ان يصحو منه دون ان يسمع المزيد
" هيلين؟"
" هل انت بخير ؟"
يستطيع الشعور بأنفاسها تحرقه حتى خلف ذلك الحاجز ..
" نعم"
لم يستطيع قول اكثر من ثلاثة احرف قلبه يخفق بسرعة لا يعلم مالذي اجتاح داخله ما إن سمع ذلك الصوت خطى كم خطوة جلس على مكتبه لعله يستطيع السيطرة على توتره الذي كان يزيد حِدة بكل حرف تنطقه ،
" هل استطيع رؤيتك؟"
ذلك السؤال الذي اوقف نبضات قلبه لدقائق يبتلع ريقه لا يعلم بماذا يجيب الفرحة والغصة في ذلك القلب تكاد تقضيان عليه في آن واحد ،
" بالتأكيد"
اجوبه مختصرة مع انه يرغب بالحديث لساعات ،
" أين ترغبين ؟"
" في بيتي بعد ساعتين لاتتأخر كعادتك"
إبتسم بتلقائية لا يستطيع السيطرة على شفاهه
" لقد تغيرت تلك العادة ، حسناً... اتفقنا"
مازال الهاتف على اذنه حتى بعد ان أُغلق الخط من الجانب الآخر ، عاد الى شروده ثانيةً يضع مرفقيه على المكتب يستند على أصابعه المشبوكه ببعضها ، اعاده ذلك الصوت الى ابعد ماتخيل سنوات طويلة قد فصلت آخر لقاء بينهما
" هل كانت ثمان سنوات؟ "
رفع رأسه الى اعلى يسنده على متكأ الكرسي ،تنهد بصوت عالي وصل الى مسامع لينا التي فتحت الباب قاطعة تلك اللحظة
" ماهذه التنهيدة اخي؟ حب جديد ؟ ام قديم كالعادة؟"
نظر اليها ثم تنهد مرة أخرى
" حب يتجدد كل يوم انه حب حياتي هل أخبرك بأسمها؟"
اقتربت من المكتب ثم التفت حوله وجلست أمامه بالقرب من يديه الموضوعة على المكتب بتنورة قصيرة وسترة رسميه شعرها منسدل على كتفيها
" من هي صاحبة الحظ الذهبي لتفوز بقلبك؟"
مرر يده على وجهها برقة
" انها لينا"
ارتبكت قليلاً وهي تنظر الى عينيه ، تحاول تصديق الأمر لكن ماكان يزعجها بأنه لايستطيع ان يفكر بها كإمرأة لانها أخته كما يعرف ،
ضربت يده بسرعة تبعدها ، فزت من المكتب واقفة بطفولية تتذمر
" انت مخادع آسر ، للحظة اعتقدت اني قد امسكت عليك زِلة"
ضحك بصوت عالي بقهقه رجولية
" اقسم انكِ مجنونة.. لينا متى تكبرين عزيزتي؟"
" انا اكبر مما تعتقد ، مخادع"
نهض من على الكرسي واقترب منها يهمس بأذنها بهدوء وهي تقف تُكتف ذراعيها تحاول اصطناع الزعل
" سألتقي بها بعد قليل .. هل هذا يكفي لكي أرضي فضولكِ؟"
"حقاً؟ آسر انت جاد ؟ انت تُحب مجدداً؟"
كلمة مجدداً التي اخفت تلك الابتسامه من على شفتيه أنزل يده من على كتفها ونظر الى الأرض ،أعتصر الألم قلبه
" لينا كما أخبرتك انه حب قديم ، لايوجد مكان في قلبي لعشق جديد"
نظرت الى عينيه قليلاً لتقرأها
" مازلتَ تحبها؟"
" لا" سكت قليلاً ثم تنهد بقوة " مازلتُ أعشقها"
" آسر" قالت لينا بينما تنظر الى ذلك الخط الأحمر الذي اجتاح جفنه السفلي بسرعة تشعر بتلك الغصة داخله ، عادت ذاكرتها الى ماقبل ثمان سنوات عندما كانت تقف مع صديقاتها في الحديقة ، مر من أمامها يركض بسرعة وجهه أحمر ،الغضب يكاد يتفجر من عينيه التي اكتست بنفس اللون، معطفه الأسود يتطاير خلف ضهره ،الهواء البارد يضرب تلك العينين يجعلها تدمع أكثر ، لحقت به تجري حتى بعد ان خرج من البوابة الكبيرة للجامعة هي مازالت تلحق به حتى توقَف يسند يده على احد اعمدة النور في الشارع ، كانت الثلوج تتساقط لأول مرة في ذلك الشتاء ، ديسمبر آخر ملامح العام ، قرر الأعتراف لها عن حُبه الذي كان لأربع سنوات مضت ، انها حلمه ، الحب الذي لم يختبر قبله ولم يختبر بعده رغم السنين التي فصلت بين هذين القلبين ، بتلك الذاكرة تسمع صدى صوتها وهي تنادي آسر كي يتوقف
" مالذي اصابك ؟ لماذا تجري كالمجنون ؟"
" لينا اتركيني "
يحاول فك يديها من على ذراعه يبعد وجهه عنها كي لاتلمح ماتجمع داخلها من قطرات كأنه يرشفها داخل عينيه ويمنعها السقوط
" آسر اخبرني مالذي حدث ؟"
" خدعتني لينا ، انها تكرهني ، لقد غدرت بي "
تلك الكلمات مازالت ترن بأذنها حتى بعد ان فصل تلك الذكريات صوت آسر وهو يحرك كف يده أمام وجهها يحاول ايقاظها
" لينا؟ اين شردتي؟"
" هل كانت تحبك أصلاً؟"
" لينا لقد تحدثنا في هذا الأمر كثيراً ، لا أريد ان اتذكر تلك الحادثة ارجوكِ"
" لقد سرقت قلبك وخدعتك لما مازلت تحبها ؟ لما تقابلها ؟"
" اتصلت بي بعد ثمان سنوات لا اعلم ماذا تريد ، لينا ارجوكِ لا تفتحي جراح عانيت لأغلاقها "
" أواثق من انك استطعت اغلاقها ؟ بهذه العينين تكذب أمامي؟ آسر انا اعرفك جيداً عندما تكذب لو صدقك الجميع انا لن تستطيع خداعي، بدليل ان قلبك يحترق حالياً انا اشعر بذلك "
تصرخ غاضبة حتى هي لاتعرف لماذا تجتاحها تلك العصبية المفرطة
" لينا لدي عمل ، اغلقي الموضوع رجاءً"
" آسر انت تحطم نفسك ، هذه المرأة ستقضي على حياتك يوماً ما ، بسبب ذلك العشق الملعون انت تدمر سعادتك ، اصحى آسر "
صاح بغضب
" هيلي......"
فتح عيناه نظر لها بتوتر ،استدرك بسرعة قائلاً بهدوء وصوت منخفض
" لينا... لديَّ عمل"
عاد الى ذلك اللوح المائل يحاول اصلاح ماافسده رنين الهاتف ،
" لقد اخطأت بإسمي حتى ألن يكون هذا اثباتاً؟ انت مثير للشفقة آسر "
خرجت والغضب يعلو وجهها تشد على قبضتها تنفخ الهواء تُنفس عن غضبها لاتعلم لماذا قد يزعجها حب آسر لفتاة اخرى..
"ماشأني أنا فليحطم قلبه "
قالت ذلك بينما تعود متذمرة الى مكتبها ، فتحت الباب واغلقته خلفها بقوة وقفت قليلاً اخذت شهيق وهي تضع يدها على جبينها ثم اطلقت زفيره بينما ترفع خصلات شعرها المنزلقة على وجهها بسبب العصبيه
" انه لا يستمع لي مؤخراً بِتُ بعيدةً عنه يخبئ عني الكثير من الأسرار "
بنفس النبرة العصبية..
" لا يستحق غضبكِ انه عنيد"
قاطعها صوت من خلفها بدا مألوفاً التفتت بسرعة ، يقف يتكأ على النافذه الزجاجية يحيطه شعاع الشمس بقميص رسمي ابيض وبنطال ازرق قاتم اللون رمى مسبقاً سترته على الأريكة ،شمّر عن ساعديه ليتخذ طابع الراحة أكثر، شعره مبعثر كعادته انه يكره شيء اسمه التصفيف يحب طبيعة شعره اكثر..
" مالذي اتى بك الى هنا ؟ آسر مازال في الشركة"
قالت تخفض صوتها تراقب الباب كي لايلحق بها آسر كعادته عندما تنزعج منه فهو يلاحقها حتى يراضيها
" اذهب نتحدث لاحقاً "
" لماذا ؟ وإن يكن قد رآنا آسر مالمانع نحن نحب بعضنا"
" ادوارد،اذهب الى مكتبك نتقابل خارجاً هذا أئمن"
" حسناً موافق سأرحل ان اكرمتيني بقبلة"
قال يمد شفتيه نحوها لتضربه بكفها ثم تسحبه من يده ترميه خارجاً
" يالا الشراسة "
لم تستمع له، اغلقت الباب ووقفت عليها تتنفس تضع يدها على قلبها
" حمداً لله آسر لم يأتي بسرعة من الممكن انه منزعج حتى الآن"
قطع شكها طرق الباب ، نظرت اليه باستياء ثم انزلت عينيها أرضاً تحاول تحاشي نظراته
" هل نتحدث قليلاً قبل أن أخرج ؟"
" بالتأكيد تعال أجلس"
لم تنتبه بأن سترة ادوارد مازالت على الأريكة التي جلس عليها آسر، لمحها بطرف عينيه لكنه تصنع عدم رؤيتها ، سحبتها من خلف ضهره بما انه كان متقدم لم يتكأ على ضهر الأريكة يفسح لها المجال لأخذها ثم يعود ليتكأ دون ان تنتبه لحركاته التي كانت وكأنها عفوية، بدا التوتر على وجهه لكنه حاول اخفاء غضبه بصعوبة ..
" هل انتِ بخير؟ مازلتِ غاضبة؟"
" أجل وبشدة"
اجابة مختصرة متذمرة ،
" ومن اجل أخاكِ الوسيم؟"
ابتسمت قائلة " اذا كان من اجل اخي فأيضاً نعم انا غاضبة"
يعود العبوس الى وجهها تُكتّف ذراعيها ببعض وتبعد وجهها عنه بتكبر مصطنع ..
" لينا، طيب ومن اجل عشقك المُحرَّم؟ كما تقولين ؟"
دائماً ماكانت تناديه بعشقي المحرم لكمية الحب الذي تكنه له
" سأسامحه بالتأكيد "
قالت بضحكة انثوية ثم نهضت تجلس على مسند الأريكة تبعثر شعره المتناسق وتقبّل رأسه تجعله يضحك بسهولة ، انها لينا كما اعتادت ان تكون تصرفاتها مع آسر ..
" من يرانا سيعتقد بأننا عشاق فعلاً"
قالت ذلك بينما تطلق ضحكة صاخبة خارجة عن ارادتها تهز بها المكتب وتجعله يضع يديه على آذانه من قوة الضحكة
" انتِ مجنونة حقاً ، سأذهب لقد تأخرت"
ما ان وصل الى باب المكتب يمسك المقبض يحاول فتحها حتى نادته
" لن تأخذك فتاة اخرى مني إعلم ذلك فأنا حبك الأول والابدي"
" حسناً فهمت.. فهمت لاتكوني حمقاء انتِ اختي بالطبع لن تأخذني منكِ فتاة اخرى، ولكن.... ان اخذك رجل آخر مني أولاً"
يشير بكلامه الى السترة الرجالية التي رآها ، يعلم انها تحب شخص ما لكن مازال لايعلم بأنه صديقه المقرب ، ذلك السر الذي مازال يخفيه عنه الاثنان !
نزل السلالم بمفتاح السيارة بيده سقطت على الأرض بعد ان اصطدم بإدوارد
" الم تنظر امامك؟"
انحنى ليلتقط المفتاح حتى عَلت الصدمة وجهه ،اجتاحته موجه من الغضب والتوتر في آن واحد عندما قارن بنطال ادوارد بتلك السترة في مكتب لينا ، لا يعلم مالذي عليه فعله انه ادوارد ليس شخص آخر ، الرجل اللعوب زير النساء الذي لا يعتق امرأة ابداً ، وقف ينظر الى عينيه ،شحب وجهه فجأه لا يريد تصديق ذلك
" آسر مالذي اصابك ؟ قلت لك انا آسف "
كان ادوارد يعتذر له وهو شارد يتذكر كلامها حين اخبرته
" لقد احببت شخص من ثلاث سنوات ستفرح عندما تعرف من هو"
يعرف تماماً طريقة صديقه في ايقاع النساء في فخه ، تمّلكه الرعب فقط من التفكير بذلك، يفرك جبينه يحاول ابعاد افكار أخرى عن رأسه ،قطع لحظة شروده صوت ادوارد بيده على كتفه
" آسر هل انت بخير ؟ أتشعر بالدوار ثانية؟"
"نتحدث فيما بعد"
قال يتابع سيره الى موقف السيارات تتخبط الافكار السيئة في عقله ، سيارة بيضاء بطراز متوسط استقلها، بتلك العصبية يضرب المقود بعنف ثم انفجر يصرخ من الغضب
" ليس لينا ياادوارد ليس لينا"
مازالت يده تُخبِّط على المقود ،يتنفس بقوة، يشعر ان رأسه يشتعل، أخذ دقائق طويلة حتى استطاع السيطرة على اعصابه قليلاً يدير محرك سيارته ليذهب الى بيت هيلين ..
أنت تقرأ
أزهار الياسمين
Romanceليس المرض هو ماكان يجعل من حياته صعبة ، لكنه ذلك العجوز اللعين ! يحملون دمائي يجب أن يطيعوني! بين الماضي والحاضر هناك فجوات مظلمة ليس من السهل الخوض في الحياة دون الوقوع فيها،التمرد والغطرسة، حب الذات والرغبة في الحرية ، الخوف من المجهول ،إنعدام ال...