"الفصل السادس عشر"

220 9 0
                                    

أحياناً يكون الدافع للإنتقام هو بداية لشيء جيد ، وأحياناً يصبح لعنة على صاحبه..
جميعنا في مرحلة ما من الحياة يتحول كل شيء بداخلنا الى الأسود ، فنستسلم لذلك الواقع قبل ان نفكر بالنظر الى ماهو جميل في تلك التفاصيل الصغيرة التي نعيشها ..
الاشخاص الذين يحبوك هم وحدهم من يعلمون مدى عمق الألم الذي تشعر به وغالباً مايكون ذلك الشخص هو انت ، لذلك دائماً مانتجرأ على جرح انفسنا إذا حدث وان فقدنا ذلك الإنسان بداخلنا..

بعد ان استجمع طاقته عاد الى مكانه في الحفل بجانب خطيبته التي كانت تلك اللحظة اسعد لحظات حياتها ، كل شيء حدث مثلما تريد ، مثلما خططت طوال تلك الفتره ، هاهي الآن تحصد ما عملت لأجله منذ سنوات ، كان ذلك الجنين داخل رحمها هو ثمن حبها لآسر ، ولكن لم يكن في حساباتها بأن هناك ثمار سامه لا يجب ان تقترب منها ..

كان يعلم انها تنظر اليه حين سحب خطيبته من يدها وقبّلها أمام الجميع وكأنه لم يعد بإستطاعته الانتظار اكثر من ذلك ، يعتقد بأنه انتقم منها بتصرفه بهذه الطريقة الا انه لم يؤذي غير نفسه ، لم يجرح الا كبريائه ، لطالما كان يدّعي القوة امام تلك المرأة والآن هو اضعف من ان يحتمل رؤيتها مع اخاه ..
" كنت اعتقد بأنك اقوى من ذلك آسر"
يتحدث اليه بالنظرات ، مع ابتسامه ساخرة على طرف شفتيه ، يتأسف على المرحلة التي توصل اليها صديقه بعد أن قابله في الحمام قبل قليل ،  يهز رأسه بإنزعاج ثم يحول ناظريه الى زوجته مرة اخرى ..
" إنها مهزلة لم يعد بإستطاعتي التحمل"
" آسر يؤذي نفسه "
هي الأخرى تعلم مدى قساوة ذلك الأمر على قلب أخيها لكنه دائماً ماكان صامد ، يواجه الظروف بقوة ، بثقة ، بتكبر ، لكن... لقد اصبح اضعف من قبل ، هو ايضاً لم يعد يعرف ذلك الانسان الذي يكمن داخله ، لم يعد بإستطاعته التعايش معه اكثر من ذلك ، لم يصل الى قمة النضوج بعد كي يستطيع التأقلم مع كل تلك التغييرات في حياته ، كل شيء انهار بأيام قليلة ، وكأن الحياة اتفقت على ان تضربه من جميع الجهات ، تحطم جميع خنادقه بعنف ..
مازال يتصنع الإبتسامة ، القوة والجبروت ، رغم انه نجح في تمثيل ذلك الأمر امام الجميع الا ان أشلاء قلبه تحطمت هي الأخرى ، اصبحت لمعة عينيه تروي الكثير من القصص ، تلك الخنقة في حنجرته ، تلك العبرة التي اغتصبت دواخله بلحظات لم تكن بسيطة الى تلك الدرجة كي يقاومها أكثر ..
لمحت عينيه لينا ، كانت ترمقه بنظرات مؤنبة ، كانت الغيرة واضحة على ملامحها ، كانت نظرات غريبة لم يفهمها آسر ..

بتلك اللحظات التي كانت صعبة على الجميع ، اسيل التي كانت رافضة لهذا الأمر تماماً ، تبتسم للحضور بثقة ، تتحدث بعفوية ، تضحك وتؤدي واجب الضيافة للجميع ، تستقبل تهنأة صديقاتها الودودات وجاراتها الحقودات ، الأب الذي كان يؤنب نفسه لرؤيته لآسر بتلك الحالة ، إدوارد الصديق المقرب الذي ارتكب ذنب لا يُغتفر كان يتخفى بعيداً عن عيون لينا ، لو عاد اليه الامر لما حضر الحفل لكنه كان مجبر لأجل آسر ، الاجواء ساخنه ، نظرات تتخبط ببعضها واصوات تنهيدات مكبوته منعها صخب تلك الحفلة من ان يسمعها احد ، الجميع كان غير راضي الا الجد ، لطالما كان ضد احفاده في كل شيء ، لم يكن أمامه الا ان يصلح خطأ ذلك الحفيد الذي اخطأ في تربيته ، يجب ان يغسل ذلك العار الذي ان بات يوماً آخر سيفضح تلك العائلة ..

أزهار الياسمينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن