"الفصل الثامن عشر"

274 11 10
                                    

في كل شيء مُشرق هناك فجوات مظلمه حيث يكمن الشر في كل خير كما يتخلل نور الأمل كل حِلكة ليلٍ نعتقد بأن لا نهاية له ، خلق هذا الكون لسبب وكل ما عليه وجد لنفس ذلك السبب ، أما نحن؟... نحن لانعرف هذا السر الذي يكمن داخل تلك الحياة ، الظلم واليأس ثم الخير والامل ، مالحكمة من كل هذا ؟ مهما بحثت حول ذلك سيعود بك الزمن الى نفس الطريق ،الى نقطة البداية من جديد ، كدائرة مفرغه هو يعيدك دائماً الى نقطة الصفر وهي....
"الحياة" .
نطق الكلمة الاخيره بصوت عالي ، بإبتسامة ساخرة على موت ذلك الكاتب بعد ان اكمل كتابة آخر سطور مؤلفه الكبير ، كتابه المفضل عن الايمان و الخلود ،
ارخى رأسه الى الخلف على متكأ الكرسي يطرق بأصابع يده الاربعه على طاولة المكتب ، قبل ان يقطع لحظة شروده طرق الباب ،
يتكئ على حافته كان قد وصل قبل قليل ولكنه كان يراقب صديقه بتلك الجدية ،
" هل انت متفرغ؟"
نظر اليه ببرود لا يرغب بالحديث دون ان يرفع رأسه " لا"
" لكنني ارى انك غير مشغول "
" ادوارد لا اريد التحدث"
لم يغير وقفته الاولى ، نفخ الهواء بضجر يضم ذراعيه الى بعضهما ثم رفع رأسه الى الاعلى ودخل الى الغرفة موصداً الباب خلفه بهدوء
" إذاً فلنتحدث"
اقترب من المكتب جلس بإستقامة بينما يحاول البدأ بالكلام بأقرب صورة ممكنه للتأسف ، لكن الآخر قاطعة بنبرة غضب
" مالذي تريده بعد كل مافعلت؟ هل تعتقد بأنني لا أعلم؟لقد اعطيتك الفرصة لتحافظ عليها لكنك اضعتها من بين يديك"
" انااحبها لكن لا استطيع الارتباط بها اذا ماارتبطت انت بمرام "
" مرام؟"
" انت تعلم ان علاقتي بها ليست جيدة "
" لقد كنتما اعز الاصدقاء في الماضي"
" انت قلت .. في الماضي ، حدث بيننا الكثير من الخلافات انا لا اطيق سماع اسمها "
" بالتأكيد.. الم تخونك مع الكثير من اصدقائك ، كل النساء اللواتي عرفتهن يحملن نفس الصفات لذلك لقد اخبرتك ان لا تقترب من لينا "
" اختك لم تختلف عن هذه النساء في شيء "
سكت قليلاً لا يرغب بإستيعاب ماقاله ذلك الشخص ثم خرج من خلف مكتبه بعدما نهض الآخر حيث امسك بياقة قميصه يتهجم بعصبية مفرطة 
" ماذا قلت ؟ اللعنة اعد ماقلته "
" لقد كانت تأتي الى شقتي "
" انت تكذب... لينا لاتفعل ذلك"
بصوت مهزوز غير متأكد بمن يجب ان يثق ، وكأن الجميع كان يحوك كل تلك المشاكل كي يؤذوه ،
" لقد فعلت الكثير ، كل شيء منحرف حتى انني لعبت القمار ، لكن انت تعلم بأنني لا اكذب ابداً "
ارخى يده من على قميصه الابيض فأبعدها الثاني بإنزعاج ،يعلم بأن ادوارد لا يكذب لكنه ايضاً لا يستطيع تصديق بأن لينا تفعل ذلك ،  حتى بعدما حدث بالأمس فهي كانت تخون ثقته طوال تلك السنوات ،
" الآن اجلس لنتكلم بصورة جدية"
سبق آسر بجلسته يأخذ وضعية الرجل الشريف صادق المشاعر ، يرى صديقه صامت بينما هو يكمل مابدأه دون تردد ، فهو المسيطر في هذا الموقف
" لم افعل معها شيء اطمئن ، لقد وضعت في الاعتبار أنها اختك.... اجلس آسر"
" لا اريد ان اسمع المزيد "
التفت الى الجهة الاخرى هارباً من هذا الصديق الذي دنس ذلك الرابط المقدس الذي كان يجمعها على مدى سنوات
" بل تريد.... سنتزوج لكن جدك لن يرضى "
ارخى جسده على الكرسي بتوتر ، وضع ساقه على الاخرى ثم اردف
"مااحاول قوله هو انك يجب ان تقنع جدك كي نتزوج انا ولينا ومن ثم سنسافر معاً لأنني لا استطيع ان ابقى في نفس المكان مع تلك العا..... آسف اقصد خطيبتك"
بنفس نظرة البرود رمى بجسده على الكرسي المقابل ، بنفس الصدمة التي تجتاح ملامح وجهه ، بصوت خافت وطاقه تكاد تكون منعدمه
" انت من ارسل لي تلك العاهرة ادوارد "
، وكأنه سيهتم ان ما رفض جده هذا الزواج ، كان صديقه المقرب ودائماً ماكان يدافع عنه عندما يرفض الجد ادخاله للمنزل ، لكنه الان علم بأن ذلك العجوز المسن كان محق في كل كلمة يقولها، انه لا يستطيع ائتمانه على شيء لانه فاسق ، كانت تلك كلمات جده التي صححها ادوارد للتو،
" ان وافق جدي على زواجكما كُن على ثقة بأنني سأقتلع جذور تلك الفكرة من رأسك "
" آسر؟"
" أخرج حالاً قبل ان ارديك قتيلاً "
يشير بيده الى الباب ، سيكون كل شيء بخير ما ان يخرج من هنا ، وقف الثاني بغضب ، لقد خسر امامه مهما حاول فإنه لن ينالها مجدداً ، انه يعلم مدى جدية آسر في ذلك الامر ، خصوصاً وانه يتعلق بلينا
" آسر ارجوك "
" قلت لك أخرج "
بصوت عالي دوى في زوايا تلك الغرفة التي دائماً ماكانت تأخذ طابع الهدوء ، ثم استقام على الكرسي بإنهزام رغم انه هو من كان مسيطر في تلك المعركة ، يشعر بأن ذلك المرض جعل كل شيء جميل يتلاشى ، لم يعد بإستطاعته ان يحافظ على اشياءه الثمينة ، او انه لا يملك الوقت لذلك..
أما ادوارد فقد كان صادق في مشاعره فعلاً لكن تعامله الجاف معها هو بسبب ان جدها يكرهه ،
" هل متأكد من انك تريدني ان اخرج ؟"
" اتمنى لو تذهب الى الجحيم ادوارد لا اريد رؤيتك مجدداً"
خفض رأسه يعلم بأنه مخطئ ، في نظره ردة فعل آسر مبالغ بها لكنه سحب نفسه بهدوء دون كلام ..

أزهار الياسمينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن