البارت الواحد والعشرون

2.7K 236 8
                                    

(كاااااال.....كااااااال....) صاح باعلى صوت لديه لعله يجد جوابا يطمئنه ولكن لاشئ
تراجع للوراء وهو عازم على فعل مابرأسه ثم ركض بسرعة باتجاه التل وقفز
وضع يديه امام وجهه وهو يتزحلق على التل ليمنع الصخور الصغيرة من ضرب وجهه
وصل اخيرا لنهاية التل ليرى امامه ذلك النهر الهائج وقد امتلأ بالماء بفعل الامطار
نظر حوله لعله يرى كال ساقطا في هذه الضفة الصغيرة ولكنه لم يره
كان يجاهد ليرى امامه فالظلام حالك
اخذ ينادي لكال بصوت شبه باك
صمت اطبق على المكان وهو شارد بالنهر

جاء في تلك اللحظة برق قوي اضاء المكان
وامتدت  تلك اليد من منتصف النهر تحاول الخروج
اتسعت عينا داني وهو يرى كال يحاول الخروج من النهر ولكنه يغرق به مجددا ويعاود الخروج مرة اخرى كأنه يطلب النجدة
اخرج داني حذائه ومعطفه وضربات قلبه تتسارع فلربما ستكون نهايتهما هنا
لم يكن لديه وقت للتفكير فقفز بسرعة في النهر
لطالما كان والده يعلمه السباحة وهو يتضجر لانه يرى بانه ليس بحاجة اليها
ولكنه الان شاكر جدا لوالده فهو حقا قد احتاج لهذا الان

كان التيار قويا مما دفعه للامام بسرعة
كان باستطاعته رؤية كال وهو يجاهد للخروج ولكنه لايستطيع الوصول اليه فالمسافة بينهما ليست هيّنة
حاول تقليص المسافة بالسباحة بسرعة ولكن ذلك كان صعبا
احس بالم في ذراعيه ولم يعد يستطيع تحريكهما والنهر يجذبهما بسرعة
اتسعت عيناه وهو يرى مقاومة كال تنخفض وسرعان ماغرق
قاوم الم ذراعيه وحاول الوصول اليه وشريط حياته معه يعاد امام عينيه

امسك بيده اخيرا ورفعه للاعلى ليجده فاقدا لوعيه فلا شك انه قد ابتلع الكثير من الماء
اخذ يناديه ولكن بلا فائدة
نظر حوله وهو لايدري الى اين سياخذهما هذا النهر المسرع
كانت محاولة السباحة وهو ممسك بكال امر اكثر من صعب
حاول الوصول لصفة النهر ولكن هذا شبه مستحيل فهي بعيدة وسرعة النهر لاتساعده ابدا
خرجت تلك الدمعة من عينيه وهو يشعر بالضعف فهو الان عاجز عن مساعدة نفسه وكال الذي لطالما كان واقفا معه في اسواء الظروف
احس بالالم يتسلل نفسه فهو سيتسبب بموته وموت كال
لم يكن عقله قادرا على التفكير في تلك اللحظة سوى في النجاة فخوفه قد اوقف عقله عن التفكير
كان صعبا جدا عليه ان يُبقي كال فوق الماء فهو سرعان ما يعود للغرق مجددا لانه فاقد لوعيه مما يجعله ثقيلا

استطاع تميز تلك الصخرة العملاقة التي على جانب النهر رغم الظلام
صوت الرعد وضوء البرق اشعره بالخوف جدا فهو لطالما كره الامطار

امسك بكال جيدا باحدى يديه ومدّ يده الاخرى لتمسك بتلك الصخرة ولكنها كانت ملساء اضافة ليده المبتلة بالماء مما جعل يده تنزلق وتُفلت الصخرة
اتسعت عيناه برعب وهو يرى اخر امل له قد فشل
اقترب حاجباه بشدة ومد يده بسرعة وتشبث بالصخرة مجددا وبقوة هذه المرة فهو لن يدع كال يموت ولو كان الثمن حياته
جاء ذلك البرق ليضئ له المكان لثواني ويزيد من رعبه
رفع كال بصعوبة واخذ يجره حتى وصل للضفة
رفعه  واخرجه من النهر ثم خرج هو
تمدد على ظهره وهو يتنفس بصعوبة وغير مصدق انه قد نجى
كانت قطرات الماء تصطدم بوجه وهو يرى تلك السحب السوداء التي يخترقها البرق
اغمض عينيه ببطء فقد اعياه التعب ويبدؤ انه سيفقد وعيه
فتح عينيه بسرعة على صوت الرعد المدوي ونظر قربه لكال الممدد
نهض بصعوبة واتجه اليه وبدأ يهزه ( كال...كال....افتح عينيك ارجوك )
لم يجد منه اجابة فاقترب من وجهه ووضع فمه بفم كال وهو يُطبق ماتعلمه في المدرسة من اسعافات اولية
اخذ كال يسعل وهو يخرج الماء من فمه فقد نجح التنفس الاصطناعي
لم يفتح كال عينيه مما جعل خوف داني يزداد بان ما فعله لم ينجح
لاحظ لذلك الجرح الكبير برأسه فعلم انه قد ارتطم بالصخور
لم يستطع داني فعل اكثر من ذلك وماعليه الان هو ايصاله للمشفى
وضع يد كال على رقبته وامسك بها بيده اليسرى اما يده الاخرى فقد احاطت بخصر كال وبدأ يسير ببطء وهو يحمله ففقدان كال لوعيه يجعل الامر اكثر صعوبة

كان يسير بغير هدى لايعرف اين هو واين يجب ان يتجه فالظلام لايجعله يرى شيئا
كان الطين يزيد من صعوبة المهمة
سقط ارضا وهو يحمل كال
حاول النهوض ولكنه سقط مجددا
لم يستطع منع شهقاته العالية من الخروج وهو عاجز عن فعل اي شئ
هو فقط يريد احدا يساعدهم ولكن مع هذه الامطار لا احد يخرج من منزله وإن خرجوا لن ياتو لهذه المنطقة التي تبدؤ منعزلة

نظر لكال وهو يبكي ويقول ( انت غبي...لما خرجت للبحث عني....انا اعرف هذه القرية جيدا ولن يصيبني شئ...انت غبي...غبي ) ثم اخذ يبكي بشدة وهو يردد ( ارجوك انهض ارجوك )
بدأ كال يسعل بشدة في تلك اللحظة وقد امتدت يده لتمسك بمكان قلبه
احس داني بالالم وهو يرى حال كال وما وصل اليه
مسح دموعه ورفع كال وعاود السير مجددا
كان التعب قد نال منه وهو لايرى اي منزل قريب
توقف بعد نصف ساعة من السير ليلتقط انفاسه وعاود السير مجددا وقدماه الحافيتان تضغطان على الصخور والحصى لتزيد من المه
جاء ذلك البرق ليكشف له الطريق امامه ويعطيه بصيص امل اذ انه قد بدأت تظهر منازل القرية امام عينيه
اخذ يسير بصعوبة وهو يحمل كال الذي يسعل بين الحين والاخر
اخيرا احس بالراحة تغمره وهو يرى ذلك المشفى الصغير امامه
وضع كال على الارض واسنده لحائط المشفى واتجه للباب الذي وجده مغلقا
اخذ يضربه بقوة ولكن لامجيب
عاود الضرب مجددا ليظهر له من خلف الباب الزجاجي رجل ضخم الجثة يبدؤ انه حارس المشفى فقال له ( المشفى لايعمل الان...غادر ) صاح داني ( ارجوك....اخي مصاب وقد يموت...ارجوك ساعده ) احس الرجل بنبرة داني التى تترجاه وبخوفه الشديد فاخذ ينظر اليه والى ملابسه التى امتلأت بالطين وشعره الذي التصق بجبينه تماما وقدماه الحافيتان وهما تدميان ثم وجه نظرة الى كال الذي كان المطر يهطل فوقه بغزارة وهو فاقد لوعيه
ثواني قضاها في تاملهما قبل ان يفتح الباب على مصراعيه وهو يقول ( ادخل ) دخل داني ومن خلفه ذلك الرجل هو يحمل كال بين ذراعيه
تنهد داني براحة وهو يرى ذلك الطبيب الذي ناداه الرجل وهو يخلع ملابس كال المبتلة منه ويعطيه تلك الملابس الزرقاء الخاصة بالمرضى
لمح داني تلك الجروح التي على ظهر كال وهو يتسأل ماسببها

انتفض بخوف عندما احس بتلك اليد تلامس كتفه من فوق ملابسه المبتلة فنظر خلفه ليشاهد تلك الممرضة وهي تقول ( يجب ان ارتاح فانت ايضا مصاب ) حرك رأسه نافيا وقال بتعب ( انا بخير...اهتمو به هو...ارجو....) وقبل ان يكمل جملته هوى ساقطا وهو فاقد لوعيه فجسده لم يستطع تحمل ما مرّ به هذه الليلة.

خلف الستار ( مكتملة )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن