الفصل العشرون

18.5K 543 12
                                    

يمتطى صهوة جواده بهيبته المعتاده من يراه يظنه خلق من حجاره لا من طين كباقى خلق الله لا يبالى بموت زوجته وأم وحيده شامخ كجبل راسخ قوى لا يبالى بشئ . ووالله لو يعلموا ما بداخله من ضجيج يكاد يخنق أنفاسه لبكوا لأشهرٍ بل لسنوات رثاءً لحاله ولكنه حمزة هزمه الحزن قليلاً وفقط القليل وسرعان ما إستعاد قناع الصلابه وشموخ الأمراء الذى تظنه خلق لأجله .. ضيق بين عينيه عندما لمح شخصاً يعرفه حق المعرفة ولكن لمَ أتى ليس من عادته أن يأتى بنفسه . إقترب من ذلك الواقف متكئاً على عصاه ينتظره . ثم نزل عن جواده وإقترب مقبلاً يداه كعادته بإحترام ...
حمزة بحفاوة : حاج بلال بنفسه جاى لحد عندى ده انا أمى بتحبنى صوح
بلال معاتباً : لجيت مبتطلش عليا جلت آجى أطل آنى . ثم أضاف متسائلاً : كيفك يا حمزة يا ولدى ؟
حمزة : الحمد لله يا حاج فضل ونعمه
بلال : يستاهل الحمد يا ولدى
حمزة متناولاً عصا بلال : أجعد يا حاج انت منورنى والله
جلس بلال بهدوء وإتبعته حمزة جالسه امامه بدوره ثم تسائل : نشرب جهوة بجى ثم نظر فى ساعه معصمه وأضاف : دى معاد جهوتك آنى عارف
ثم أشار للسائس فهرول مسرعاً صوبه .
حمزة : خد رماح وجول لعتمان يجهز جهوتى وجهوة الحاج بلال يلا هِم
السائس ساحباً للفرس : أوامر جنابك
نظر بلال لحمزة بتساؤل : كيفك يا ولدى وكيف أحوالك !
حمزة : بخير يا حاج الحمد لله على كل حال
نظر له بلال معاتباً : تجدر تخبى الى جواك على عبد الرحيم نفسه لكن عليا ماتجدرش يا ولد الأسيوطى
حمزة وقد إنهار قناع الصلابه المزعومه : إتوحشتها جوى يا حاج جطعت بيا جوى
بلال مربتاً على كتفه : ربنا يصبر جلبك يا ولدى الموت علينا حج والحى أبجى من الميت ومتنساش يا ولدى هنيه إتعذبت كتير فى تعبها وعذبتك إمعاها
حمزة موافقاً : عارف يا حاج وده الى مصبرنى
بلال : ربنا يكملك إبعجلك يا ولدى .. كنت عاوز أطلب منك طلب يا ولدى
حمزة : طلباتك أوامر فوج راسي يا حاج
بلال بامتنان : جد الجول يا ولدى . ثم اضاف بهدوء : كنت عاوزك إتشغل ليلى إمعاك
حمزة متسائلاً : إمعايا فين ! وليلى مين !
بلال برفق ناظراً حوله : إمعاك إهنى شوفلها اى شغلانه زينه . وليلى توبجى طليجه إمحمد حفيدى
حمزة بذهول : هو طلجها !! لا حول ولا جوة إلا بالله بس عنده حج يا حاج دى مره لسانها عاوز جطعه
بلال ضاحكاً : لأول مره أشك فى حكمك على الناس يا حمزة يا ولدى . ثم اضاف بحزن : ليلى دى زى حالاتك إكده براها غير الى جواتها . براها زى فرسك رماح خيل أصيل جامح عاوز لجام ومدرب جوى بس من جواتها مره مكسورة بس معدنها دهب
حمزة بهدوء : هى مرجعتش ليه لأهلها
بلال متنهداً : هجول إيه يا ولدى مش كل الأهل عزوة
حمزة متفهماً : حاضر يا حاج إبجى إبعتها بكره بس فهمها لو مسمعتش الكلام هزعطها طوالى
بلال ضاحكاً : معلهش يا ولدى إستحملها وإفتكر كلامى زين كل ما تغلط ليلى بت معدنها أصيل
ثم وقف متناولاً عصاه : فتك بعافيه يا ولدى
حمزة مانعاً له : الجهوة جايه ثم نظر خلفه ونادى بصوت جهورى : الجهوة يا زفت يا عتمان ...........
------------------------------------------------
جلست فى حديقه القصر تتذكر ما عايشته فى ليلتها الماضيه تعلم جيداً أن أمها تريد التخلص من عبئها كما تعلم نظره المجتمع للمطلقه .. ألم تعايشها قبلاً ! كانت تخشى العودة وتحرش مصطفى الدائم بها ... تعلمه جيداً رجلاً كأغلب الرجال ينظر للمرأه كجسد لا كروح ... كرم الحاج بلال معها وحفاوة ندى ببقائها ولكن إلى متى !!!
قومى فزى إعمليلك حاجه ولا هو أكل ومرعه وقله صنعه
ليلى ببرود مصطنع : بقولك إيه يا ست أمو محمد انا وانتى زى بعض هنا انتى ضيفه وانا ضيفه لو على الأكل والمرعه ثم أشارت لبطنها الكبير واضافت : فشوفى كرشك الى قرب يجر منك فى الأرض الأول
جمالات بحقد : انتى بتكلمينى انا كده
نظرت ليلى حولها واضافت : والله مش شايفه حد بكرش غيرك هنا
جمالات محذرة : خروجك من القصر ده هيبقي على إيدى ومش هتبقى أى خروجه استنى عليا
ليلى بكبرياء : الى عندك إعمليه ثم نظرت لخلف جمالات وتهللت ملامحها وتحركت : عن إذنك جدى جه هروح استقبله .....
ليلى مقتربه من بلال بلوم مصطنع : كده يا جدى تتمشي من غيري طيب كنت خدنى أغير جو معاك
بلال ضاحكاً : الخروجه دى كانت علشانك يا بتى
ليلى بعدم فهم : علشانى أنا !
أومأ لها بلال : تعالى نجعد علشان أفهمك .....
بعد قليل
ليلى : انا اشتغل مع الاندر تيكر ده
بلال باستفهام : اند إيه ؟
ليلى ضاحكه : تيكر يا جدو مهو شبه المصارعين أعمله ايه يعنى
بلال ضاحكاً : يخرب مطنك بت
ليلى ضاحكه : تدووووم عليك الضحكه يا سيد الكل
بلال متستائلاً : طيب جولتى إيه ؟
ليلى باستسلام : قولت لا إله الا الله مقدرش اكسر كلمتك يا جدى
بلال مربتاً على وجنتها : محمداً رسول الله . بنت أصول يا بتى ربنا يبارك فيكى ......
------------------------------------------------
إنطلقت تركض خلف حيدر وسام بانطلاق ضاحكه تلهث : قطعتوا نفسي يا ولاد استنوا
محمد من خلفها : ندى
إلتفتت له فاشار لها لتقترب
إقتربت منه بتساؤل فنظر لها بلوم : ينفع الجرى ده والى فى بطنك
ندى بإدراك : ياخبر أنا نسيت نفسي ثم نظرت فى إثرهم بحنان وأردفت : جمال أوى يا محمد ثم تلمست بطنها بحنان واضافت : ياترا إبننا هيبقي شكله إيه
إبتسم لها بحنان وقرص وجنتها : وإيش عرفك إنه ولد
ندى بدلال : إحساس
إقترب حاملاً لها وغمزها بمكر : يسلملى الحساس
------------------------------------------------
دلف إلى غرفته منهكاً بعد يوم مرهق قضاه مع عائلته يقضى متطلباتهم مناشداً الراحة
نظرت له حلا بلوم : حمد الله على السلامه
يوسف بإرهاق : الله يسلمك يا لولو . ثم تهالك على المقعد بجوارها : يااااه كان يوم طويييييل والسفر كمان متعب الله يعينه باسم هو ومحمد
حلا : مامتك عامله إيه ثم اضافت بسخرية : واختك !
يوسف باقتضاب وقد وقف فاتحاً أزار قميصه : كويسين
حلا : ليه يا يوسف !
يوسف بتساؤل : ليه إيه ؟
حلا : ليه خبيت إن عندك أختك
يوسف بلا مبالاه ظاهريه وهو يكمل خلع قميصه : عادى مجاتش مناسبه
حلا بانفعال : نعم هو ايه الى مجاتش مناسبه هو انا بقولك انت مربى كام قطه فى بيتكوا إزاى تخبى حاجه زى دى اصلاً
يوسف بانفعال مماثل : الى حصل
حلا بغضب : الى حصل ! انا عاوزة افهم دلوقتى إيه السر الى فى حياتك والى بقيت متأكده ان له علاقة باختك يا كده يأما .. كل واحد يروح لحاله
يوسف بعصبيه : انتى اتجننتى ايه الى بتقوليه ده
حلا بغضب : الى سمعته الجواز ثقه والى بيننا اكبر من الثقه الى بيننا مبادئ مقتنعين بيها وقضيه بنضحى بنفسنا علشان قناعتنا بيها والآخر تخبى عليا !! للأسف يا حضره المحامى المحترم ده ملهوش غير معنى واحد كل اساساات علاقتنا ضعيفه وبلا معنى
يوسف بضيق : مش لازم كل حاجه تعرفيها
حلا بنفس الضيق : يبقي ملهاش لازمه العلاقه الى مبنيه على الخداع
يوسف بذهول : خداع !
حلا بتصميم : أيوة خداع وزيف
يوسف بانفعال : أنتى عاوزة إيه دلوقتى
حلا بعناد مكتفه يديها أمام صدرها : عاوزة اعرف إيه حكايه اختك دى
يوسف بإنفعال : عاوزة تعرفى إيه ها ! عاوزة تعرفى إن أختى مشوهه علشان كده مبتقدرش توري وشها لحد
حلا ذاهله : إيه إزاى مين عمل فيها كده
يوسف ساخراً : أبويا
حلا وقد اتسعت حدقتاها : أبوك !
جلس يوسف على حافه فراشه بشرود وقد عاد به الزمن لسنتان ماضيتان : أختى كانت بتحب زميلها فى الجامعه من أول سنه دخلتها فيها لما إتخرجوا إتجوزوا أول ما لقى شغل ثم تنهد مضيفاً : وبعد شهرين من الجواز عمل حادثه ومات
حلا بأسي : مات
أومأ لها يوسف وتابع : أيوة مات وسابها محطمه فضلت تتعالج من الإكتئاب شهور وبعدها شوفنالها شغل علشان تتلهى فيه وتحاول تنسي ثم صمت قليلاً وأضاف : كانت بتتأخر فى شغلها كل يوم وده كان سبب مشاكل كتير بينها وبين بابا
ثم توحشت ملامحه واردف : وفى يوم جه واحد إبن حرام وقال لأبويا إنها بتروح شقتها كل يوم وو إنها بتقعد فيها ساعه وتنزل وان فى واحد بيروحلها
كتمت حلا شهقتها بيدها فتابع : راح زى المجنون كسر الباب لقاها لوحدها فضل يضربها ويسألها مين الى بتقابله من ورانا وهى تحلفله انها بتروح لانها بتحس إن جوزها لسه حوليها فى البيت .. طبعاً مصدقهاش وقالها أنا هولعلك فى الشقه دى ودخل جرى الى لقاها قدامه انبوبه البوتاجاز فتحها وساب الغاز يتسرب وزقها علشان تخرج وهى ماسكه فى الكرسي مش عاوزة تخرج زقها طلعت من الباب وهو ولع النار ورمى الولاعه فى الشقه زقته وبقوا الاتنين جوة الشقه والنار حوليهم من كل حته هو أغمى عليه لانه كان عنده ربو ومات فى ساعتها وهى الناس خرجوها بأعجوبه بحروق من الدرجه الاولى وكله بسبب حيوان معندهوش ضمير والى عرفناه بعد كده انه كان بيحاول يتحرش بيها وهى منعته وعلشان كده إنتقم منها وأمى لما عرفت بالى حصل بقت زى ما شوفتيها مشلولة ... صمت طويل لفهما لفتره حتى قطعه هو وقد ترقرقت عيناه بالدموع : إرتاحتى يا حلا !
حاولت الكلام فاستوقفها بيده واضاف : طبعاً لأ علشان كده كل ست مظلومة بشوف فيها أختى الكلب الى معرفتش أوصله وآخد بتارى وتارها منه بشوفه فى كل كلب بيظلم واحده
إحتضنته بحنان بدموعها التى تنهمر بلا توقف فاجهش فى البكاء بين أحضانها ثم إبتعد بعد فترة ناظراً فى عينيها وهتف برجاء : إوعيدنى يا حلا ندافع عن كل واحده مظلومه ونجيب حقها من يوم ما عرفتك وانا عرفت إنك إنتى الى أنا عاوزها بس بعد كده حبيتك بجد إوعدينى تفضلى تدعمينى فى قضيتى
حلا متلمسه وجهه بحنان : أوعدك ....
------------------------------------------------

خلخال ( الجزء الأول من سلسلة ألحان حوائية )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن