الفصل السابع عشر

17.9K 539 10
                                    

فراق دون وعد بلقاء . كانت تلك نهايه قصتنا . ذبلت أزهارك على نافذه أحلامى . ودموعى أبت الخضوع . أتعلمين حبيبتى حين تبكى الجبال . بكائها عزيزاً كأمطار الخريف .  بضع قطرات تروى ظمئاً لحب أصبح كسراب فى صحراء قلبٍ كان كالناسك فى محراب حبك !!
يجلس وحيداً كعادته منذ إسبوع وتحديداً منذ تلك الليله المشئومه
فلاش باك
لم ينتظر حديث باتعة فبمجرد ذكرها لإسمها لم يشعر بنفسه وقد اندفع وسط الحشود نحو منزله تاركاً إبنه خلفه ... دلف الى غرفتها كالمغيب ينظر لتلك الراقده وقد أغلقت عيناها وشحب وجهها . إقترب منها جالساً جوارها على الفراش يحاول إفاقتها
حمزة : هنيه !! حبيبتى فوجى متعمليش إكده فيا
... لا رد
حمزة وهو يحرك جسدها بعنف : ردى عليا يا هنيه
ومجدداً لا رد
إبتعد عنها ذاهلاً بقلب ملتاع . وأعين باكيه لم تزرها الدموع قبلاً ليس لتحجر قلبه ولكنه هكذا علموه أن البكاء لم يخلق للرجال لم تعد أقدامه بقادره على حمل جسده المنهك لفتره أطول فجثا على ركبتيه بجانب رأسها وتناول اناملها بين راحتيه مقبلاً لها بدموعه التى تمردت على اسر مقلتاه معلنه تمردها على عادات منعت الرجل من ممارسه أبسط حقوقه .... البكاء !!
عاد من شروده على تربيته على كتفه
رحمه بمواساه : وبعدهالك ياخوى هتفضل جاعد لحالك إكده ومهمل ولدك وحالك
حمزة بيأس : مجادرش يا رحمه كسرت ضهرى بموتها يا بت ابوى
رحمه ببكاء : بعد الشر عنك ياخوى متجولش إكده إحنا محتاجينك ولدك الى إتيتم من صغره ده عاوزك جمبه ترعاه وتكون جوته وسنده . ثم اشارت لنفسها وتابعت : وآنى ياخوى محتاجالك انت أجوى من إكده كلاتنا حزننا عليها بس متنساش انها إرتاحت من تعبها وراحت لمكان أحسن من إهنه
ثم ربتت على كتفه وهتفت : وحد الله ياخوى وجوم شوف امك الى هتموت من حزنها عليك
زفر حمزة : لا إله إلا الله هملينى لحالى يا رحمه الله يرضى عنيكى
زفرت رحمه وحركت كتفها بيأس وتركته .. وحيداً يرثى إمرأه كانت له كل النساء .....
------------------------------------------------
كل يا حيدر بس الحته دى وخلاص
حيدر ببكاء : معاوزش انا عاوز أمى
ندى بهدوء وقد ترقرقت عيناها بالبكاء : يا حبيبي ماما عند ربنا فوق وكلما هنروحلها بس كل واحد وله معاد
حيدر محركاً كتفيه بعند : مليش صالح أروحلها دلوكيت
جمالات من خلفها : هو انتى هتفضلى هتهدى فى الواد ده كتير وسايبه جوزك
ندى بضيق : يعنى عاوزانى أسيبه لوحده فى الظروف دى يا ماما
حركت جمالات فمها باستياء وهتفت : مهو لو كانتى عرفتى تجيبى زيه كان.....
ولم تستطع إكمال كلمتها قاطعتها ليلى متشدقه : لهو بمزاجها ولا بمزاجها وبعدين انتى رامياها عليها ليه هى هتخلف لوحدها ماتشوفى المحروس إبنك يمكن يطلع العيب منه
إلتفتت لها جمالات بحقد وهتفت من بين أسنانها : إبنى صاغ سليم ثم أشارت لها برأسها باحتقار : بس هو الى بخته منيل
ليلى باستنكار : اه بخته منيل إتجوز ٥ ومعرفش يجيب حته عيل بس طبعا مش هتجيبى العيب فيه العيب هيبقي فى الى إتجوزهم ثم تشدقت وهتفت : مهو راجل ميعيبوش حاجه
جمالات رافعه سبابتها بتحذير : بت إنتى
حيدر صارخاً : كفاياكوا بجى صريخ وتركهم وركض جهه شجرته العتيده
نظرت له جمالات بلامبالاه وحركت كتفها بلا معنى وتحركت منصرفه الى داخل القصر
تحركت ندى للتبعه فاستوقفتها يد ليلى هاتفه : سيبينى انا أجرب معاه
أومأت لها ندى موافقه وناولتها طبق الطعام الذى لم ينقص منه شئ ....
جلست ليلى بجواره تحت الشجره وهمت بإطعامه فدفع حيدر الطبق هاتفاً : معاوزش آكل
إبتسمت له ليلى ووضعت الطبق امامها ثم نظرت للفراغ امامها بشرود وتكلمت : تعرف ان كان زمانى عندى عيل قريب منك فى السن
جذب حديثها أنظار حيدر فتسائل : و راح فين مات !!
ليلى بابتسامه حزينه : حاجه زى كده
حيدر بتساؤل : كيف يعنى !
زفرت ليلى بهدوء ثم نظرت للشجره وتسائلت : إنت إيه حكايتك مع الشجره دى بالذات
حيدر وقد بدأت الدموع تترقرق فى عينيه : أمى جالتلى إن أول مره شافت ابوى فيها كان عند الشجره دهى
نظرت له ليلى بحنان فتابع : وجالتلى إنها بتحبها جوى وكل ما اتوحشها أو أحس إنى متضايج آجى يمتها وهحس إنها إمعايا
دمعت عين ليلى وإقترب محتضه راسه فى صدرها بحنان وقبلت قمه رأسه ثم ابعدت راسه ونظرت للشجره ثم له وهتفت : طيب وانت فكرك إن أمك لو عرفت إنك مش بتاكل هتبقي فرحانه !
حيدر بتذمر طفولى : وهى هتشوفنى كيف !
ليلى برفق : مش إنت بتقول إنها قالتلك لما تيجى هنا هتحس إنها معاك .. ثم اجلت صوتها وتظاهرت بالمرح هاتفه : وبعدين يعنى انت فاكر انت هتحس بيها وهى لا !! تبقي غلطان هى بتحس بيك
حيدر وقد إتسعت مقلتاه بذهول : صوح يا ليلى
إحتضنته مجدداً وهتفت : صوح يا روح ليلى ثم اضافت بتساؤل : ها ناكل بقي !
اومأ حيدر بحماس فابتسمت له متناوله الطبق وبدأت فى إطعامه .........
------------------------------------------------
إقتربت منه على مهل .. على حالها منذ يوم زفافها المشئوم . كانت تنتوى إجتذابه لها وظنت أنها بعد الزواج ستستطيع أن تنسيه ما كان ولكن كيف وهو يعاملها كشقيقه لا كزوجه .....
مها فاركه يدها ينظر لذلك الذى لم يفارق حاسوبه منذ الصباح ينهى بعض أعمال الشركه
مها : ت تحب اقولهم يبعتولنا الغدا ولا هتنزل تاكل معاهم تحت !
باسم ولم يرفع عينه عن شاشه حاسوبه : ثوانى هخلص الى فى إيدى واحصلك يا مها إسبقينى إنتى
أومأت له برأسها وهمت بالإنصراف فاستوقفها هاتفا برفق : إستنى يا مها ننزل سوا خمسه بس واخلص
إبتسمت له بهدوء وجلست تنتظره حتى ينتهى ..... .
إجتمع الجميع على طاوله الطعام وشرع الجميع فى تناول طعامه ... جلست بجواره شارده تنظر لرفيقه زفافها وهى تبتسم لزوجها الذى يناولها كوب الماء . يتملسها خفيه عن الأعين إلا عيناها التى كانت تتابعانهما بحسرة وحزن لما جلبته على نفسها بسبب قله عقلها وضعفها ... إنتبهت لحديثه لها
باسم هامساً : مبتكليش ليه يا مها
مها مجفله : ها لا لا انا باكل أهو وتناولت لقمه من طبقها واخذت تلوكها فى فمها على مهل محاوله إخفاء ما يدور بعقلها عن الجميع ولكن ليس على حلا التى لاحظت نظراتها الحزينه نحوها هى وزوجها والتى فى الحقيقه تلاحظها منذ أيام .....
الحاج بلال موجهاً حديثه ليوسف : كيف يا ولدى اخبار الجضيه
يوسف بعمليه : والله يا حاج باسم نازل بكره هيجيبلى شويه ورق محتاجه فى القضيه كلفت بيه كريم اخو حلا وربنا يسهل الحال
بلال : الله ينور عليك يا ولدى لازمن يتحبس عديم الشرف دى لو كان حدانا كنا وكلناه للديابه ولا حتى الديابه كانت هتجرف من جتته النجسه
ضحكت ليلى وهتفت : والله يا عم الحاج الراجل ده عاوز ياخد علقه موت فى قلب الجامعه بتاعته علشان يبقي عبره
محمد صاغطاً على اسنانه : علقه موت !! تعرفى تحطى لسانك فى بؤك وتسكتى
ليلى : وإن مخرستش
محمد بنظره تحذيريه هامساً : إخرسي
نظرت له باستنكار ثم رفعت نفسها ناظره جهت حيدر المستقر بجانب ندى كعادته
ليلى : مبتاكلش ليييه انت نسيت اتفاقنا !!
حيدر وقد تذكر حديثهم : لا لا مانسيتش هاكل أها
ليلى ناظره له بحنان وهو يتناول طعامه بسرعه : بالراحه يا حيدر علشان متشرقش
أوما لها هيدر موافقاً واكمل طعامه على مهل
ليلى ناهضه : الحمد لله هقوم اقعد فى الجنينه شويه ونظرت لجمالات التى حركت فمها باستنكار
فاطمه : إتفضلى يا بنتى
خرجت من باب القصر وبدأت فى السير على غير هدى تشاهد الطبيعه الخلابه حولها ....
لمحت شجره حيدر فابتسمت بحنان وتحركت صوبها كالمسحورة فما رواه حيدر عن أبويه يذكرها كثيراً بالمسلسلات التى تهوى متابعتها .. دوما ما تسائلت هل هنالك مثل هذا الحب على أرض الواقع .. وها هو حيدر يجبرها على الإعتراف بأنه حقيقه واقع ملموس ولكنها فقط من حرمت منه !!!
لمحته يجلس مستنداً بظهره على جزع الشجره ومغمضاً لعينيه ...تقدمت منه ببطء حتى لا تزعجه ولكن فضولها كان هو ما يسوقها جهه ذلك اللغز المحير (حمزة ) يبدو تماماً كجلف لا يحترم النساء ولكنها الآن فهمت أو تحاول أن تفهم !!!
إنتبه حمزة لصوت الخطوات المقتربه منه فهم بالوقوف
ليلى برفق : خليك براحتك أنا مش هزعجك
حمزة : مفيش إزعاج يا ست ليلى إنى كمان كنت راجع الدار
ليلى برجاء : ممكن تخليك شويه !
حمزة بانفعال : أخلينى كيف يعنى !
جلست ليلى بعيدا عنه قليلاً ونظرت للفراغ حولها وهمست بتساؤل : كنت بتحبها أوى صح
إعتصر حمزة عيناه بألم بان جلياً على وجهه فابتسمت بحنان وهمست ناظره للفراغ امامها : محدش مرتاح وفعلا الموت بيخطف الناس الى تستاهل تعيش ثم إبتسمت بمراره واردفت : يعنى هنيه كانت تعيش ولا انا الى مليش اى لازمه
فتح حمزة عيناه ونظر لها هاتفاً : إستغفرى ربك
ليلى : أستغفر الله العظيم .. ثم إعتدلت ناظره له وهتفت : بص انا مش هواسيك زى الناس ما بتعمل ولا هقولك شد حيلك والكلام ده لا ثم صمتت قليلاً وتابعت : أنا هقولك إزعل عليها ولو حبيت تبكى إبكى
نظر لها بضيق فتابعت : البكى مش عيب يا سى حمزة البكى إحساس وانت بتحب وهى اكيد تستاهل تتحب كده
ثم نظرت له وقد لمعت الدموع فى عينيها : أرجوك خلينى اصدق ان لسه فى ناس بتحس وقلوب بتعرف تحب بس فى وسط حزنك متنساش حيدر . حيدر حته منك ومنها حته منها بتكبر كل يوم . ثم زفرت انفاساً لاهبه واضافت : حته غيرك بيتمنى ضوفرها وبدون أن تنتظر رده وقفت وأسرعت مغادرة للمكان !!
------------------------------------------------
يا حيدر أقعد مش قادرة اجرى تعبت
حيدر : مليش صالح شبعت
ندى : هو انت كده اكلت طب هجيبلك عصير
حيدر راكضاً : لع
ركضت ندى خلفه ممسكه براسها
ندى : يا حيدر إس...... ولم تستطع إكمال جملتها سقطت مغشياً عليها ......
اسرعت ليلى التى شاهدتها وهى قادمه من بعيد تسقط أرضاً
ليلى جاثيه على ركبتيها بجانبها بصراخ : ست ندى يا ست ندى إلحقووووونى
خرج محمد على صوت الصراخ وفور أن لمحهما أسرع راكضاً : مالها فى إيه !
ليلى ببكاء : إلحقها شوف دكتور اى حاجه متقفش تتفرج علينا كده
تلفت محمد حوله بتوتر فتكلم باسم الذى خرج على صوت صراخ ليلى متبعاً لمحمد : استنى اخلى الحاج بلال يكلم دكتور شيلها انت بس رجعها أوضتها وربنا يستر
نفذ محمد ما قاله باسم وجلس بجوارها ممسكاً بيدها ضاماً لها ناحيه قلبه وبأعين ترقرقت بها الدموع دون ذرفها : فوقى يا ندى علشان خاطرى متعمليش فيا كده ....
نظرت لهم ليلى بابتسامه حزينه وتركتهم وحدهم وأغلقت باب الغرفه وانتظرت خارجها .....
أتى الطبيب وأدخلوه سريعاً الى غرفه ندى ...
خرج محمد وطلب من ليلى البقاء معها وقت الكشف فاومأت له موافقه ودلفت الى الغرفه مغلقه الباب خلفها
وقف محمد يدعو الله ويشعر بالخوف من القادم ماذا لو فارقته كمان حدث لهنيه فقد كانت علامات التعب تبدو جليه على وجهها
رفع راسه للسماء وهتف بصدق : يارب
فتح باب الغرفه وخرجت ليلى أولاً باسمه دامعه العينين
محمد بقلق : خير فيها إيه طمنينى
نظرت له بابتسامه وربتت على كتفه واشارت برأسها للطبيب الذى خرج للتو من الغرفه
محمد مسرعاً نحو الطبيب : مالها يا دكتور ارجوك طمنى
إبتسم له الطبيب بهدوء : مفيهاش أى حاجه ده امر طبيعى لكل الى زيها
محمد بخوف : زيها إزاى هى مالها !
ضحك الطبيب واجاب : ألف مبروك المدام حامل ................

خلخال ( الجزء الأول من سلسلة ألحان حوائية )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن