الفصل السادس والعشرون

19.6K 582 12
                                    

لم تصدق عيناها ما رأت فقد كانت عائده للتو من حديقة القصر وإذا بها تشاهدها نعم أمها قدوتها فى الحياة ومنبع الحنان .. تلك التى تحت اقدامها الجنة وفى أحضانها الأمان .. تدفع بكل قسوة إبنة عمها وزوجه اخيها التى تحمل طفله ... حفيدها !!
تنبهت كل حواسها ولم تشعر بنفسها سوى راكضة ملتقطة تلك التى هوت بفعل دفعة أمها قبل أن تسقط ارضاً والتى فقدت الوعى تواً من تأثير الصدمة فى احضانها .. بأعين متسعة طالعتها جمالات التى لم تتوقع ان يراها احد وقد حرصت على ذلك بالفعل قبل ان تهم بفعلتها ولكن القدر كان له تدبيرات أخرى ... صرخت مها بفزع صرخة دوت فى انحاء القصر منبة للصغير قبل الكبير والذين كانوا فى خلال دقيقة واحدة ملتفين حولها وحول ندى الغائبة عن الوعى
محمد بفزع : إيه الى حصل
مها ناظرة لأمها بنظرة لو كانت النظرات تقتل لقتلتها تواً : وقعت من على السلم
محمد متتبعاً نظراتها بشك : وقعت ازاى
مها محولة نظرها له : مش عارفة تقريباً إتزحلقت
هتف الحاج بلال بخوف : انا هكلم الداكتور وانت شيل مرتك يا محمد طلعها أوضتها
اومأ له محمد موافقاً وحملها بين ذراعيه بجزع .. ضربات قلبه تعلو حتى كادت تصم اذناه لا فقط خوفاً على جنينهما الذى طال انتظاره ولكن على تلك القابعة بين ذراعيه فاقده للإدراك مابال قلبه لم يعهده ضعيفاً هكذا أهو الخوف من الفقد أم إنه شئ آخر !!
نظر بلال لجاملات نظرة ذات مغزى طاحناً اسنانه ليس غراً لتفوته نظرات مها لأمها والتى أخبرته دونما كلمات بما حدث تناول هاتفه وطلب رقم الطبيب
تحركت جمالات الى غرفتها خفية عن الاعين إلا من عينا إبنتها والتى تتبعت خطاها ودلفت خلفها لغرفتها
جمالات متلعثمة : م مها عاوزة حاجة
مها صافقة الباب خلفها : كنت عارفة انك بتكرهيها بس عمرى ما تخيلت ان الكره ممكن يخليكى تعملى كده فى حفيدك كمان
جمالات بثقة مزيفة : عملت إيه انا ملمستهاش
مها صارخه : شوفت بعينى هتعمينى كمان انتى ازاى تعملى فيها كده ليه الشر ده طب بتكرهيها وعارفين انما توصل لكده !! دى لو وقعت مش بس كانت هتخسر حفيدك دى كان ممكن تموت كنتى هتتحملى ازاى ذنب موتها بإيدك !
جمالات بحقد : تموت فى داهية وابنى اجوزه ست ستها بنت امها دى
مها صارخه وقد بدأت تترقرق الدموع في عينها : أمها ميته وأصلا عملتلك ايه دى كانت ست طيبة كل الناس كانت بتحبها
جمالات بكره : كل الناس بتحبها ليه تزيد عنى ايه حتى ابوكى كان سره علطول معاها ويقولى عقلها يوزن بلد
مها بإدراك هاتفة باستنكار : كنتى بتغيري من حب الناس ليها 
جمالات بانفعال : أنا بكرهها وبكره امها ياريتها كانت وقعت وخلصنا منها
مها بضيق : ياااااه انتى قلبك إسود اوى كده الكره عمى عينك عن حب ابنك ليها
جمالات بكبرياء : إبنى مبيحبهاش
ضحكت مها بسخرية هاتفة : للاسف يا جمالات هانم متعرفيش ابنك كويس ثم اضافت بتأكيد : إبنك بيموت فيها بس للأسف غروره عاميه وياخوفى يفوق بعد فوات الأوان ويكون خسر كل حاجه
جمالات صارخة : إخرسي
مها بانفعال : مش هخرس انتى ورا كل حاجه بعد الى شوفته بعينى مستبعدش عنك اى حاجه خلاص ثم تابعت بسخرية : يا .. يا امى
جمالات بحقد : اه انا السبب انا الى حرمتها كل السنين دى من الخلفة ومش ندمانه ولو رجع بيا الزمن هعملها تانى وتالت
مها ببكاء : يا خسارة يا ماما بسبب عمايلك ربنا ردهالك فيا
جمالات بتساؤل : قصدك إيه
مها : انا طلبت الطلاق
جمالات ذاهلة : انتى اتجننتى
مها ببكاء : انا مستاهلش واحد زيه بنت واحده زيك فعلا كان آخرها ماهر
جمالات : ماهر مين !
مها ساخرة : أبو حفيدك الأول الى مات
جمالات صارخه وقد قبضت على كتفيها : انتى بتقولى ايه !
مها بصراخ مماثل : بقول الى حصل باسم اتجوزنى علشان يستر عليا وابنك ميتفضحش قدام العيله لما يعرفوا انى مش بنت
جمالات ببكاء : إخرسي
مها وقد فقد البقية المتبقيه لديها من تعقل : لا مش هخرس وهطلع اعترف لجدى بكل حاجه خليه يموتنى وارتاح بقي من العذاب الى عايشة فيه
جمالات ولم تعد ارجلها تستطيع حملها : بس اسكتى
مها بعناد مبعده يدها و متجهه نحو باب الغرفة : خلاص كل حاجه لازم تتعرف الموت ارحم
جمالات وهى تسقط ارضاً : مها
إلتفتت مها لأمها والتى كانت الآن ممدده على الأرض غائبة عن الوعى .. مها صارخة : ماما ....
إندفع ذلك الذى كان فى طريقه الى غرفته عندما استمع لصراخهما واعترافات حماته المصون .. وقف ذاهلاً يستمع لحوارهما بقلب مثقل حتى صرخت مها بإسم أمها .. لم يستطع الصمود اكثر واندفع لداخل الغرفة ....
------------------------------------------------
أفاقت من إغماءتها مرفرفة باهدابها الكثيفة التى فتنته عندما كان مراقباً لكل سكناتها منتظراً لها لتستفيق ..
امسكت ليلى رأسها وهى تتأوه وهتفت دون النظر له : انا فين !
حمزة ساخراً : كنك وجعتى على نفوخك يا مره
أغمضت عينيها بضيق وهتفت من بين اسنانها : هو بغباوته بكلمه مره الى لازقه فى لسانه
حمزة ضاحكاً : إكده تبجى زينة طالما لسانك الى عاوز جطعه لساته بيحدف الطوب ديه
ليلى ناهضة بانفعال : انا الى لسانى عاوز قطعه اسمالله على لسانك انت والاوزعة بتاعك
حمزة بخشونة : جومى يا حورمة كفاياكى خديت مالوش عازة
ليلى بتساؤل : هو ايه الى حصلى وايه الى جابنى هنا ثم اتسعت حدقتاها واحتضنت نفسها هاتفة : إنت عملت فيا اية !
حمزة ضاحكاً : هعمل فيكى ايه يا حورمة يامو شنب انتى
ليلى بانفعال : ما تحترمنى شوية يا جدع انت ياباى
حمزة واقفاً : جومى فزى خلينى أرجعك الجصر الدنيا ليلت
ليلى ناظرة للنافذة : ايه ده انا نمت كل ده بس هو ايه الى حصل .. ثم قفزت واقفة تنفض ثيابها وهى تهتف : عااا تعبان تعبان
حمزة محاولاً السيطرة على نوبة الضخك التى تجتاحه فى حضورها : ما خلاص راح إلحاله وانتى بجيتى كيف الفرس اهو
ليلى بضيق : الملافظ سعد وهمت بالوقوف فترنحت
إقترب حمزة مجفلاً وهتف بقلق حقيقي : انتى زينه !
ليلى : ..........
حمزة بخوف : ردى يا ليلة انتى زينة
ليلى متاففة هاتفة لنفسها : ليلة قتل مشاعرى دكتور بهايم بصحيح
حمزة مضيقاً بين عينية : على حسك بتجولى إيه
ليلى مبتعده عنه : مباجولش يلا وصلنى
حمزة : لما اتطمن عليكى الأول وابتعد متناولاً سماعاته الطبية فهتفت
ليلى : ايه الى بتعمله دى مش دى الى كنت بتكشف بيها على الحمير بتوعك !
حمزة ضاحكاً : مفرجتك كتير جربى
ليلى بعناد : لأ
امسك معصمها بقوة واجلسها واضعاً السماعة على صدرها فاخفضت راسها بخجل
نظر لها بتفحص .. تلك المجنونة تحمر خجلاً ما ابدعه من منظر فقد على إثره قلبه إحدى دقاته
إبتلع ريقه بتوتر وابتعد عنها هاتفاً : زينه
ثم تحسس جبهتها وضيق بين عينيه ثم تحرك مبتعداً وعاد بترمومتر لقياس درجه حرارتها ..
ليلى بتقزز : البتاع ده كان فى بق فرحانه !
حمزة ضاحكاً : يا بجرة ده ما ينفعش للخيول ولا للبهايم
ليلى فاتحه فاها : اها
ضحك حمزة باستمتاع ووضع الترمومتر اسفل لسانها فلم تغلق فاها
حمزة زاجراً : إجفلى خاشمك
أومأت نفيا بتقزز فأغلق فاها بيده وتعلقت انامله بشفتاها مستعيداً بذاكرته مذاق تلك الشهيتان .. إشتعلت وجنتاها وقد فهمت مسار افكاره فابتلع ريقه متناولاً الترمومتر ونظر فيه بعمليه وهتف مسرعاً : زينة همى جصادى .....
------------------------------------------------
وقف الجميع فى انتظار خروج الطبيب ليطمئنهم على ندى بين المبتهل والخائف والباكى !!
خرج الطبيب من الغرفة فركض محمد نحوه مسرعاً : خير يا دكتور
الطبيب : كله تمام الحمد لله هى بس اغمى عليها من الخضة انا كتبتلها على شوية حقن لتثبيت الحمل وهى فاقت جوة خلاص حاول تهديها علشان العياط مش كويس على الى فى بطنها
اومأ له محمد واندفع الى داخل الغرفة ....
إقترب باسم من الطبيب وهمس بشئ فى اذنه فتحرك الطبيب امامه وسط دهشة الحاج بلال ويوسف الذى عاد وزوجته للتو من مصر ......
مها ببكاء : اتشلت !!
الطبيب : للاسف صدمة عصبية حادة اتسببت ليها فى شلل نصفى هتحتاج لدكتور نفسي تتابع معاه وباذن الله تبقي كويسة عن إذنكم
نظرت للراقده امامها لا تحرك سوى عيناها الباكية بحزن وهمست : شوفتى عملتى فى نفسك وفينا ايه فادك بايه بس الحقد والكره يا ماما ربنا يسامحك واجهشت بالبكاء
تربيته على كتفها بحنان اجفلتها فالتفتت ناظرة لحماتها الحنون التى تلقفتها باحضانها وهتفت ببكاء : اتشلت يا ماما
فاطمه بحنان : وحدى الله يا بنتى قضاء ربنا اللهم لا إعتراض
مها ماسحة عينيها : ونعم بالله
دلف باسم الى الغرفة بهدوء فلم تشعر به تلك التى بدأت فى الحديث : حياتى كلها بتنهار يا ماما انا خلاص معدتش عاوزة من الدنيا حاجه انا نفسي اموت وارتاح واريح الكل منى انا السبب فى الى حصلها أنا قولتلها ا....  ولم تستطع إكمال جملتها حيث سحبها باسم الى احضانه مانعاً لها من الإسترسال فى الحديث فتشبثت بقميصه واجهشت فى البكاء لا تعلم اتنعى امها وما حدث لها ام تنعى حباً قتلته الظروف فى مهده .....
------------------------------------------------
اوصلها للقصر ووقف هاتفاً : ابعتيلى حيدر آنى هستنظره إهنى وقبل ان يكمل جملته اندفع حيدر اليها متشبثا فى جلبابها يبكى .. تبادلت وحمزة النظرات الوجلة ثم جثت على ركبتيها متلقفة له فى احضانها وهتفت : مالك بتعيط ليه !
اندفع حمزة جاثياً على ركبتيه بدوره بجزع فهتف حيدر من وسط بكائه : خاله ندى هتموت
ليلى مبعده له وناظره فى عينيه بخوف : بتقول ايه !!
حيدر مسترسلاً : وجعت من السلم والداكتور كان عنديها هو جال انها زينه بس راجده فى الفرشه كيف أمى ثم مسح عيناه بطفولية وهتف : هى هتموت هى روخرة !
نظر له حمزة بحزن وليلى بإشفاق واحتضنت رأسه بحنان هامسه : طالما الدكتور قال كويسه تبقي نايمه بس وهتقوم بكرة وتبقي زى الحصان ثم نظرت لحمزة وتابعت بمزاح : زى فرحانة كده
لمحت بطرف عيناها ابتسامته الجانبيه القاتلة فتنهدت بحالميه .. نظر لها بتساؤل فابتلعت ريقها وحدثت حيدر بمزاح : بس هو ده الى مخوفك وانا الى قولت عليك قوى مبتخافش
حيدر بشموخ : آنى جوى .. ثم نظر حوله واشار لها لتقترب فنظر لهما حمزة مستفهماً
حيدر : الخاله جمالات اتشلت
تهللت ملامح ليلى وهتفت : بجد
أومأ لها فنظر لهما حمزة بضيق هاتفاً : مفاهمش آنى إيه الى مفرحكم فى شلل الولية
تبادل كل من ليلي وحيدر النظرات وانفجرا فى الضحك .. تابعتهم عيناه وقد اصابه ضحكهم بالعدوى فضحك بدوره وفى عقله ألف تساؤل حول تلك صاحبة الحدوة !!!

خلخال ( الجزء الأول من سلسلة ألحان حوائية )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن